الصين تُقلق الأميركيين.. متى تبدأ الحرب العالمية؟
بقلم / عباس ضاهر
لم تعد الأولوية الأميركية تنحصر في التواجد العسكري في أفغانستان، ولا العراق، ولا سوريا، ولا في تنفيذ سياسات التدخل العشوائي بشؤون أيّ دولة، ولا تركيز الحماية المطلقة لتل أبيب، ولا التفكير في تسويق مشروع “صفقة القرن”، ولا الترويج لخطط سلام، ولا التهديد بحروب مفتوحة، أينما كان، وكيفما كان.تغيّرت المعادلة الأميركية، وسرّع البيت الأبيض من الإجراءات التمهيديّة لمواجهة التمدّد الصيني الناعم في العالم.
انه الاستعداد للحرب المباشرة المقبلة بين عملاقين: الولايات المتحدة الأميركية التي تريد منع بكّين من التوسع العالمي، والصين التي تسعى لزيادة نفوذها الإقتصادي، وكسر الاحتكار الأميركي سياسيّا وعسكريّا. لم يعد بإمكان الولايات المتحدة الاعتماد فقط على حلفائها، لا اليابانيين ولا الفيليبنيين، ولا غيرهم، ولا على خطوات الهند في نزاعها مع الصينيين.
لم تعد الاستراتيجية الأميركيّة غامضة، بل باتت واضحة المعالم والاهداف، وتقوم على أساس التراجع في كل ساحات العالم، والتفرّغ لمواجهة الصين، ليس فقط في بحر الصين الجنوبي، بل في كل مساحة تصل اليها بكّين. من هنا كان كلام وزير الدفاع الاميركي الجديد باتريك شاناهان في أول تصريح له، في اول يوم على توليه المسؤولية في رأس هرم المؤسسة العسكرية الأميركية-البنتاغون: الصين ثم الصين ثم الصين. فهو ابلغ القيادات العسكريّة الأميركيّة أنّ “الصين هي مصدر قلق كبير”.
كل المؤشرات الميدانيّة والسياسيّة والعسكريّة توحي بأن بكّين وواشنطن يستعدان لمواجهة طويلة الأمد.
تحدّد التوجه الأميركي في تصميم واشنطن على التمدد شرقا ونشر مجموعة من الصواريخ الباليستية-متوسّطة المدى، في مياه المحيط الهادىء لردع تطوّر الصين النووي. بالمقابل، لم تعد الصين تستطيع ضبط توسّعها العالمي، ولا القبول بأن تكون مأمورة في نظام أحادي عالمي تديره الولايات المتحدة الأميركيّة. لذلك، فإنّ السياسات الصينيّة ليست خجولة، ولا متردّدة، بل وصلت الى حدّ ما كشفه الأميرال لو يوان عن خطة الصين لإرغام الولايات المتّحدة على الاستسلام، بالقول: اغرقوا حاملتي طائرات أميركيتين وتنتهي مشكلة بحر الصين الجنوبي”. هذا يدلّ على الثقة الصينيّة من القدرات النوويّة، وعدم خشية بكّين من القدرات الاميركيّة. شكّل هذا التصريح رسالة إلى الولايات المتّحدة بأن تقبل بالأمر الواقع في بحر الصين الجنوبي، لأنّ الصين ثابتة في موقفها، رغم قرار محكمة العدل الدوليّة، الذي اعتبر إجراءات الصين في بحر الصين الجنوبي غير قانونيّة.
على هذا الاساس، تتّضح اولوية البيت الأبيض: الصين لا روسيا. فلا مشكلة بتراجع نفوذ الأميركيين في سوريا لصالح الروس، وقد برّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطواته بالإنسحاب العسكري من هناك بالقول: سوريا رمل وموت. أيّ لا وجود لمصالح إقتصادية فيها.
تلك السياسات الترامبيّة تنال تأييدا شعبياً أميركياً واسعاً، لأنّ المواطنين الأميركيين يرون في خطوات رئيسهم منافع اقتصادية واسعة.
فهل تبقى الحرب باردة بشدّة بين الأميركيين والصينيين؟ أم تصبح الاكثر سخونة؟
كل المؤشّرات توحي ان الرئيس الأميركي دونالد ترامب يريد استباق الصين في توسعاتها الناعمة، واجهاض خططها التي سبق أن قالت انها ستعلن عنها عند اكتمالها عام 2022.
وفي حال إشتدّت الحرب، ما هي ادواتها وأشكالها؟ بالوساطة، أم مباشرة؟
كل التوقّعات تشير الى أن حجم التجييش يوحي بأن العملاقين، وخصوصا الصاعد منه، أيّ الصين، لن يقبل بالعودة الى بيت الطاعة. لقد بات دولة عظمى مهيّأة للعب دور عالمي، من دون تحديد الكيفية حتى الساعة.