ملحمة تحرير حلب الشهباء في ذكراها الثانية
شهارة نت – تحليل
في الذكرى الثانية لأيقونة الانتصارات التي حققها الجيش العربي السوري على الإرهاب في حلب ترتسم في أفق الغد القريب أكاليل الغار معلنة نصرا مؤزرا على امتداد الوطن… فملحمة الشهباء دخلت تاريخ الحروب الوطنية وتربعت على عرش ذهبي معلنة حلقات لا تنتهي من ملاحم عسكرية بطولية رسمها بواسل الجيش على امتداد الجغرافيا السورية من دير الزور وحمص والغوطتين إلى حوران والقنيطرة.
مدينة حلب المنتصرة بدماء الشهداء وبطولات الجرحى وصمود أهلها أحبطت مشروع الاعداء وقطعت شرايين التقسيم ورسمت بعزيمة جيشها وصبر أبنائها طريق المجد والتحرير فكان انتصار الشهباء تحولا استراتيجيا في الحرب على الإرهاب وضربة قاصمة للمشروع الارهابي وداعميه.
قبل عامين من اليوم جاء تحرير مدينة حلب ودحر التنظيمات الارهابية كخطوة مهمة لاحباط مشروع خططت له ونفذته أنظمة إقليمية وخليجية تدور في فلك كيان العدو الإسرائيلي وتضع نفسها في خدمة مخططات الولايات المتحدة لتقسيم المنطقة وترسيخ آليات نهبها عبر الصراعات والحروب العدوانية التي تنفذها بالنيابة عنها تنظيمات إرهابية صنعتها في اروقة أجهزة استخباراتها ودعمتها بالمال والسلاح والمرتزقة.
وبإنهاء الوجود الإرهابي في درة الشمال السوري سقط المشروع الأردوغاني الاخواني في المنطقة فكانت حساباته مخالفة لغلة البيدر التي حصدها الجيش العربي السوري وخبر تركيبتها التكفيرية الظلامية وكانت له الكلمة الفصل ودحر آلاف الارهابيين والمرتزقة الذين هربهم النظام التركي عبر الحدود من مختلف أصقاع العالم للاعتداء على الدولة السورية ولم ينفعهم كل الإجرام والوحشية التي قصفوا بها المدينة الآمنة ومحيطها لأن الصمود من صفات السوريين والبطولات ديدن جيشهم العقائدي الذي كتب بدماء وتضحيات رجاله الميامين في الـ 22 من كانون الأول 2016 عبارة حلب الانتصار معلنا مرحلة جديدة وانتصارات لاحقة على الإرهاب وداعميه.
المعارك التي خاضها الجيش العربي السوري بالتعاون مع القوات الحليفة والتي افضت إلى تحرير المناطق والأحياء في مدينة حلب وريفها جاءت تتويجا لإنجازات سطرها الجيش في مسيرة حربه على الارهاب محطتها الأولى كانت فك الحصار عن سجن حلب المركزي في أيار 2014 بعد صمود اسطوري لحامية السجن استمر قرابة عام ونصف العام وهو إنجاز مهم على اتجاه تحرير المدينة لقربه منها نحو 10 كم وموقعه قرب مدخلها الشمالي والسيطرة ناريا على شريان امداد رئيسي للارهابيين بالمال والسلاح والإرهابيين من الأراضي التركية.
وبتحرير السجن والمنطقة المحيطة به تمكن الجيش من طرد الإرهابيين من شمال حلب لتصبح مداخل المدينة تحت السيطرة الكاملة ولم يتبق خيار للإرهابيين غير الانكفاء والتقوقع في جماعات متفرقة متقطعة الأوصال داخل بعض أحياء المدينة من دون محاور تسلل وامداد خارج نطاق جغرافي ضيق.
تقويض مشروع المنطقة العازلة التي سعى اليها نظام اردوغان الاخواني منذ بداية الحرب العدوانية على سورية جاء عبر محطة انتصار أخرى تميزت بها معارك تحرير حلب وريفها تمثلت في فك الحصار عن مطار كويرس العسكري والكلية الجوية بالريف الشرقي في الـ 10 من تشرين الأول من عام 2015 ليشكل المطار وحاميته فيما بعد قوة اسناد اساسية في مجمل المعارك التي خاضها الجيش ضد الإرهابيين.
العمليات العسكرية التي بدأها الجيش لتطهير الأحياء الشرقية للمدينة مهدت لها السيطرة على شمال وشمال غرب المدينة مثل حيي الليرمون وبني زيد وقطع طريق الإمداد عبر منطقة الكاستيلو وصولا إلى استعادة مشفى الكندي في الـ 2 من تشرين الاول من عام 2016 حيث مثل مرحلة فاصلة وحاسمة لإعلان المدينة خالية من الارهاب وبتكتيكات تتناسب وطبيعة الأحياء السكنية حفاظا على حياة المدنيين تسارعت العمليات العسكرية وبدأت تكر سبحة الأحياء المحررة وسط انكسارات وتخبط للمجموعات الارهابية التي تنتمي في معظمها لتنظيمات جبهة النصرة و “أحرار الشام” و”كتائب نور الدين الزنكي” و”الحزب التركستاني” وغيرها وتباعا تم تحرير أحياء هنانو والحيدرية والصاخور ومحطة سليمان الحلبي لضخ مياه الشرب إثر تحرير القسم الشمالي للأحياء الشرقية والجزماتي وطريق الباب وباب النيرب والفرافرة وأغيور وكرم الجبل وغيرها وصولا إلى إعلان المدينة خالية من الإرهاب في الـ 22 من كانون الأول من العام نفسه.
وانطلاقا من الحرص على حياة المدنيين وبالتوازي مع الاشتباكات القوية التي كانت تدور من حي إلى آخر وضمنها من شارع إلى مدخل جادة سكنية تم تأمين عدة ممرات إنسانية من قبل الجيش والجهات المختصة لتأمين خروج الأهالي الذين اتخذتهم التنظيمات الإرهابية دروعا بشرية ومن المشاهد الراسخة في الذاكرة خروج الأهالي أطفالا ونساء وشيوخا على الإرهابيين ومحاولتهم المرور عبر الممرات الآمنة وتحديهم لرصاص الإرهابيين ما أدى إلى ارتقاء شهداء بينهم.
الارتباك الذي أصاب الإرهابيين وتحدي الأهالي لرصاصهم وسرعة الانقضاض على نقاطهم المحصنة بخبرة الجندي العربي السوري وبسالته عجلت من السقوط المدوي لهم واسدل الستار على صفحة سوداء استمرت لأكثر من 3 سنوات وأصبحت المدينة منذ ذاك التاريخ على موعد مع مرحلة جديدة من اعادة إعمار ما خربه الإرهاب.
ومع آخر رصاصة أطلقت لدحر الإرهابيين بدأت احتفالات أهالي المدينة بالتحرير الممهور ببطولات الجيش ودماء شهدائه الأبرار وصبر أهلها ودماء الآلاف من أبنائها الذين ارتقوا بقذائف واجرام الارهاب التكفيري ولأن الشهباء لا تموت ضجت المعامل بأصوات الالات وما هي الا أشهر قليلة حتى عادت مئات المنشآت الى الانتاج في مدينة الشيخ نجار الصناعية والقطاعات الخدمية والاقتصادية كالاتصالات والتعليم والسياحة والنقل وغيرها الكثير.
بتحرير مدينة حلب لم تتوقف المعارك في غير منطقة على امتداد الجغرافيا السورية ولإنهاء وجود تنظيمي “داعش” وجبهة النصرة الإرهابيين في ريفي حماة وحلب وتأمين عدد من طرق المواصلات والامداد بين المحافظتين وربطهما بالبادية السورية وصولا الى الحدود العراقية تواصلت العمليات العسكرية ضد التنظيمات الارهابية في ريف مدينة حلب وعمقها الحيوي باتجاه منطقة أبو الضهور وتكللت العمليات بانتصار جديد في الـ 21 من كانون الثاني الماضي باستعادة السيطرة على 300 قرية وبلدة في المنطقة الممتدة بين أرياف حماة وادلب وحلب وعلى مطار أبو الضهور العسكري بعد تدمير آخر تجمعات وتحصينات التنظيمات الارهابية فيها.
الانكسارات والتخبط الذي عاشته التنظيمات الارهابية بعد محاصرتها وقطع طرق إمدادها والانتصارات التي يحققها الجيش في جميع محاور القتال ضد الإرهابيين سرعت في تهاوي معاقل الارهاب في ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي حيث تمت في الـ 16 من أيار الماضي إعادة الأمن والاستقرار إلى 65 مدينة وبلدة وقرية وأرغمت التنظيمات الإرهابية على الخروج من المنطقة إلى إدلب وجرابلس بعد تسليم كل ما لديها من أسلحة ثقيلة ومتوسطة.
بإعادة الأمن والأمان إلى مئات القرى والبلدات والمزارع تم فتح ممر أبو الضهور وتأمينه من قبل الجيش العربي السوري لاستقبال الأهالي المهجرين من منازلهم بسبب الاعتداءات الارهابية ليشهد المعبر خلال الأشهر الماضية عودة الآلاف من المدنيين حيث تستقبلهم فرق طبية وإغاثية لتقديم اللقاحات للأطفال والخدمات الصحية الإسعافية والأدوية للمحتاجين والمواد الغذائية ريثما يصل المهجرون إلى قراهم وبلداتهم في أرياف حلب وحماة وإدلب المطهرة من الإرهاب.
بعد انتصار حلب كان وقع الخسارة والهزيمة مهولا على النظام التركي الأردوغاني الذي يحاول يائسا سلب أهالي حلب والسوريين بهجة انتصار ممهور بدماء الشهداء فتابعت التنظيمات الارهابية المنتشرة في الريف الشمالي الغربي والغربي للمدينة الاعتداء بشكل متكرر على المدنيين بقذائف الموت والغدر وليس آخرها في الـ 24 من الشهر الماضي حيث أصيب 107 مدنيين باختناقات متنوعة نتيجة اعتداء الارهابيين بقذائف تحمل غازات سامة على أحياء المدينة امعانا منها في استمرار عدوانها على السوريين ودولتهم وانتقاما من صمودهم وتحديهم للارهاب وداعميه.
بعد عامين على الانتصار وعودة حلب مكللة بالغار وما تبعها من جواهر نفيسة في عقد الانتصارات وتحرير المدن والقرى والبلدات والمناطق من دير الزور إلى الغوطتين والقنيطرة ودرعا يؤكد السوريون قولا على بدء .. بأن سورية ستفشل كل المخططات العدوانية التي تستهدفها وبأن مشروع صانعي الإرهاب ورعاته لن يمر من وطن الأبجدية الأولى.