حرب (الاسترداد) ومعارك ما قبل الثورة: الحوثي والحراك لا ينوون المهادنة..!
ردفان تلوح بنسخة جديدة من شعارات الكفاح ضد الانجليز? وكتاب الحرب يفتح من جديد في شمال الشمال?الاطراف تنتفض على الوسط والجهات لاتنوي المهادنة..أين تقف الجمهورية بالضبط ولا مفاجآت سارة تنتظرها هذا الخريف ..?!
اعتقد أن ساحتي الاحتفال بأكتوبر في ردفان وعدن تعطي رسالة واضحة عن توجهات الشارع الجنوبي ?فقد حمل البيان الختامي للاحتفال تأكيد شعب الجنوب على تمسكه اللامحدود بموروثة الكفاحي المستقل
واستمرار ثورته الشعبية بطابعها التحرري كهدف لا يقبل عنه بديل .ما يعني بالضرورة?أن الجنوب غاضب هذه المرة ومحتدم ?وربما لا ينوي المهادنة.
الجموع الحاشدة في المنصورة تحت راية علم الجنوب? بدت في موقفها أكثر شمولية من شعار ساحة إصلاح كريتر تحت راية دولة الوحدة. الأولى لم تهتم بشعار إسقاط النظام الذي كانت تلوكه ساحت كريتر? بل قالت: الشعب يريد تحرير الجنوب . إذا الأمر يتجاوز الموقف من السلطة? إلى كونه أيضا موقف من الكتلة المدعوة شمال .إنهم سائرون في طريق الاستقلال أو هكذا أظن الأمر .
من الواضح أن ثمة استعادة حرفية لأساليب? ولافتات? وشعارات الكفاح ضد الانجليز. وهذا في نظري ليس ذكيا بالمرة? لأنها ببساطة رايات بالية تفقد بريقها حينما يتعلق الأمر بخصم ليس مصنوعا من نفس طينة الانجليز.في حين تتفاوت الوجهة التاريخية التي يحشد بعض رموز الحراك الجنوبي جماهيرهم ليرتحلوا بهم إليها. فثمة من يريد العيش في جمهورية اليمن الديمقراطية? ومنهم من يتعطش لاستعادة الجنوب العربي? ومنهم من يتلهف إلى القرن السابع عشر حيث استطاعت لحج الإفلات من قفطان الأئمة لتنشأ بعدئذ سلسلة طويلة من الممالك والسلطنات المتناهية الصغر.
بين فترة وأخرى يفرز الحراك الجنوبي شخصيات تخطف الأضواء ثم تتوارى لسبب أو لآخر. ومن بين أكثر هذه الشخصيات لمعانا ونجومية تلك التي تتبنى العنف المسلح كآلية وحيدة لتحقيق الغاية التي ينشدونها? وهي "الاستقلال"? أو تلك الشخصيات التي هي في طريقها إلى تبني هذا الخيار.
كانت البداية مع العقيد سعيد شحتور الذي حاول تأسيس تمرد مسلح في منطقة المحفد التي تتوسط شبوة وأبين? عام 2007.
وفي حين نفذت هذه الحركة عمليات عسكرية في المحفد? والعرم? ونقطة الجبر? فقد أطلق شحتور عليها اسم "ثورة الجنوب". وأخذ يتحدث عن احتلال الجنوب? والكفاح المسلح? وأشياء كثيرة أخرى من قبيل أن عبد ربه منصور هادي ليس أكثر من رهينة لدى نظام صنعاء ? حينئذ لم يؤخذ خطابه على محمل الجد? رغم أنه كان أول من جهر بمطلب انفصالي صريح منذ حرب 94.
في الوقت الذي اشتد فيه عود الحراك المطلبي السلمي? وتوسعت قاعدته الشعبية? اختفى شحتور. أين ذهب? لا نعرف. (اللافت أنه لم يكن ضمن قادة الحراك الذين طالتهم موجات الاعتقال نهاية 2007 وبداية 2008). لقد تلاشى صوته في ظروف غامضة. وللمفارقة? فصوت شحتور كان بمثابة نغمة ثانوية في مقابل هدير حراك جنوبي مدني.
الانفصال أصعب مما يظنه أحدنا? لكن الخبجي والنوبة? وطرماح? والشنفرة و باعوم? وشكري? لا ينوون المهادنة. ومن شبه المؤكد أن السبعيني الرازح تحت وطأة أمراض الشيخوخة في المعتقل? يشعر بالحاجة لنهاية مجيدة تليق برجل لطالما وضع صلابته في امتحان لا نهاية له.
الواضح أن صنعاء لا يرف لها جفن حيال تصعيد حراك الجنوب. فمحتوى الرسالة التي حملتها فعالية ردفان والمنصورة? كان قاسيا للغاية?فقد حملت الفعالية في طيها ما مؤداه: خيار العنف قادم.. كيف أن الناس هناك? لم ينسوا الماضي ولم يغفروا له بعد?
سأجرؤ على القول بأن أسباب السلام تبدوا ضئيلة بالمقارنة مع أسباب الحرب. و حتى السلام ليس خفوت النشاطات المسلحة? بل هو سلسلة الإجراءات اللاحقة التي يجب أن تنتهي بإعادة الأمور إلى نصابها بشكل كامل.
على الدوام للحروب عواقب مأساوية. وما من شك? فمعارك صيف 94 تركت جرحا في الذاكرة الجنوبية? الأمر قد يزداد سوء مع مرور الوقت. و حالما انقطع الحوار بين الشمال والجنوب? قد تغدوا الحرب أمرا حتميا يتعذر تجنبه. أعترف أن الاعتذار وحده لم يعد كافيا? ولا أصدق أن أخطاء(النهابة) في الجنوب قد ورطتنا –الشماليين- على هذا النحو. ربما على الشمال أن يعتذر وفي نفس الوقت يترك الأمر للجنوبيين أنفسهم.وحتى هذا? لم يعد مجديا ولا ناجعا