ما هي فرص مشاورات ستوكهولم في النجاح ؟
بقلم / عبدالملك العجري
طول مدة الحرب إضافة للكلفة الإنسانية الباهظة وتعذر الحسم العسكري والأزمة الدولية التي تسبب بها مقتل خاشقجي للرياض كلها عناصر ساعدت في تكثيف الضغوط لعقد جولة مشاورات جديدة لكن دورها في إنجاح المشاورات والوصول لتسوية ليس واضحا أو لا يبعث على التفاؤل لسببين جوهريين هما:
السبب الأول: أن التدخل الخارجي أنهى الأطراف المحلية وحل محلها :
هناك قاعدة تحكم عادة سلوك الأطراف الخارجية في التدخل لمساعدة أطراف النزاع تسمي بالتحيز الإيجابي وتعنى تفضيل تدخل الخارج لمساعدة أحد أطراف النزاع لتحقيق الحسم العسكري باعتبار أن حظوظه في حسم النزاعات في الحروب الأهلية أكبر بكثير من حظوظ تسويتها عن طريق المفاوضات..إلا أن هذه القاعدة كسرت كسرا عنيفا في اليمن ليس لناحية الفشل في تحقيق الحسم أو لناحية الدوافع الجيوسياسية للحرب الأهم من ذلك لناحية شكل التدخل الذي تجاوز مساعدة هادي والقوى السياسية التي معه إلى إلغائها والحلول محلها .
الأطراف المحلية التي كانت طرفا في الصراع قبل الحرب العدوانية و تدخل التحالف بحجة مساعدتها لم يعد لها وجود أو لم تعد فاعلا في الصراع وتم تصفية ما تبقى لها من سلطة ودور وقرار تماما .
صحيح معسكرات التحالف معظمها مقاتلين يمنيين لكنهم مجاميع من المقاتلين ميليشيات بقيادات عسكرية جديدة غير محترفة وليس لها أي تاريخ عسكري محترفين ولا تاريخ عسكري حتى القيادات المحسوبة شكليا على هادي أو الأحزاب تتصرف بشكل مستقل وترتبط بعلاقة مباشرة مع السعودية والإمارات وليس بتوسط القوى السياسية أو هادي و حكومته .
السبب الثاني: أن طاولة المشاورات ستناقش ذرائع الحرب لا دوافعها:
إضافة لغياب أهم طرفين في الحرب بيدهما قرار الحرب أعنى أمريكا والسعودية، فإن العقدة الجوهرية التي تهدد مشاورات السويد كما سابقاتها بالفشل هي أن جدول الأعمال المطروح علي الطاولة يناقش ذرائع الحرب وليس دوافعها الحقيقية.
الشرعية واستعادة مؤسسات الدولة وإنهاء الانقلاب هي مجرد ذرائع لأهداف غير معلنة لكنها غير خافية وأكثر سفورا من الشمس في رابعة النهار .
الولايات المتحدة والسعودية تنظران لليمن من زاوية جيوسياسية باعتباره ساحة صراع مهمة في مواجهة ما يسمى النفوذ الإيراني وإبقاء المناطق المطلة على الممر الملاحي الدولي “باب المندب” تحت السيطرة.
السعودية لا يهمها دولة ولا شرعية ولا ديمقراطية في اليمن ولا هدف لها إلا إبقاء اليمن بلدا ضعيفا ودولة هشة ومعتمد عليها بدرجة أساسية .
وكلا الدولتين لا يهمهما الحل ولم يصدر عنهما حتى الآن ما يؤكد أنهما أصبحتا راغبتين في الحل وباستثناء تلك التصريحات المظللة لوزيري الخارجية والدفاع الأمريكيين إلا أن إحاطتيهما المقدمة لمجلس النواب نسفتها نسفا وكانت مداخلاتهما واضحة في دعم الإدارة خيار الحرب إلى النهاية والتهديد بالفيتو ضد أي إجراء يؤثر على استمرار دعم الحرب, وأن المسالة أكبر من حكاوي “الشرعية” لها علاقة بأمن إسرائيل ومصالحهم الحيوية في المنطقة .
ولنجاح المشاورات يجب أن تحضر أمريكا والسعودية على الطاولة أو بأي شكل وأن يخضعوا مخاوفهم ودوافعهم للنقاش على الطاولة بدلا من التستر بقضايا مضللة ونحن جاهزون لمحاورة كل الأطراف وكل القضايا .