بانتظار ‘خمسة مثل شاليط’!
بداية.. نجد لزاما?ٍ علينا ان نوجه الشكر لجهتين رئيسيتين.. الاولى سلاح المقاومة? والثانية الثورة الشعبية المصرية? فالفضل يعود لهما في تحقيق هذا العرس الكبير الذي سنحتفل فيه اليوم بفك اسر اكثر من الف مجاهد فلسطيني وفلسطينية? كانوا جميعا?ٍ مشاريع شهادة? دفاعا?ٍ عن ارضهم وكرامتهم وحقوق شعبهم وامتهم المشروعة في التحرير واسترداد الحقوق المغتصبة.
صفقة تبادل الأسرى? التي من المفترض ان تتم فجر اليوم? هي احد ابرز الانتصارات الفلسطينية على حكومة اسرائيلية عنصرية متغطرسة? وتمرغ انف رئيسها بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه ايهود باراك في التراب.
نقول ذلك لان هذه الصفقة كسرت كل المحرمات الاسرائيلية? كسرت محرم عدم التفاوض مع ‘الارهابيين’ والرضوخ لشروطهم التي طالما تباهى بها المسؤولون الاسرائيليون.. وكسرت محرم عدم الافراج عن الملطخة ايديهم بدماء اليهود.. وها هي حكومة نتنياهو تفرج مكرهة عن مناضلين محكومين اكثر من عشرة احكام بالسجن المؤبد.
هذه التنازلات الاسرائيلية الكبيرة ما كان لها ان تحدث لولا المتغيرات المصيرية والتاريخية التي تجتاح المنطقة العربية حاليا?ٍ? وتتمثل في الثورات الشبابية العربية ضد انظمة ديكتاتورية فاسدة? متعفنة? رضخت وعلى مدى اربعين عاما?ٍ تقريبا?ٍ للاملاءات الاسرائيلية والامريكية? واعتمدت الاستجداء اسلوبا?ٍ للوصول الى سلام مغشوش تمثل في مبادرة لم تحظ الا بالاحتقار والإهمال.
مصر تغيرت نحو الافضل وبعد سنوات من القهر والفساد والاذلال? فها هي تستعيد سيادتها ودورها.. تستعيد كرامتها? وتبث الرعب في اوصال المسؤولين الاسرائيليين? كبارا?ٍ كانوا ام صغارا?ٍ? عسكريين كانوا او مدنيين? فمتى كان رؤساء الوزراء الاسرائيليون يعتذرون لدول عربية على قتلهم جنودا?ٍ? او اجتياحهم حدودا?ٍ?
نتنياهو يتنازل مرغما?ٍ ويقبل بصفقة تبادل اسرى رفضها ايهود اولمرت من قبله? لأنه يدرك جيدا?ٍ ان ‘تسونامي’ الثورة المصرية غي?ر معادلات القوة والضعف في المنطقة? بما في ذلك الاطاحة بنظام حكم كان يفرش له السجاد الاحمر في شرم الشيخ? ويخر ساجدا?ٍ امام املاءاته.
فعندما يقتحم الثوار المصريون السفارة الاسرائيلية في القاهرة? ويحرقون علمها? ويبعثرون محتوياتها? ويستنجد نتنياهو بالسلطات المصرية مرعوبا?ٍ لحماية ستة من حراسها? محاصرين في دورها العلوي? ولا يجد من يجيبه او يأخذ مكالمته? فيهرع الى الرئيس الامريكي باراك اوباما مستغيثا?ٍ? فهذا يعني ان مرحلة الخنوع والاذلال قد انتهت? وان مرحلة تاريخية مشرفة قد بدأت.
‘ ‘ ‘
لا نق?يم هذه الصفقة من منظور الارقام ودلالاتها? ولا نتفق مع الذين يحاولون تقليص اهمية الانسان العربي مقابل نظيره الاسرائيلي? والقول بان شاليط هذا يساوي الف اسير? وانما ننظر اليها من المنظور السياسي? والمتغيرات على الارض? فالأسرى العرب لا يقلون اهمية عن اي جندي اسرائيلي? لان هؤلاء كسروا حاجز الخوف? واختاروا الشهادة? رغم معرفتهم بالخلل الفادح في موازين القوى والانحياز الغربي للظلم والعدوان? والعجز العربي? وقرروا حمل ارواحهم على اكفهم وممارسة حق المقاومة الذي مارسته كل الشعوب الاخرى من قبلهم.. هؤلاء الذين سجلوا المثل الأعلى في الشجاعة لا يقدرون بثمن.
ندرك جيدا?ٍ ان هناك ‘منغصات’ لا يمكن تجاهلها? وندرك ايضا?ٍ ان هناك تمنيات لم تتحقق? ونعترف بأننا وكل ابناء الأمة كنا نأمل ان نرى قادة المقاومة مثل مروان وعبد الله البرغوثي وأحمد سعدات احرارا?ٍ بين المفرج عنهم. ونسلم ايضا?ٍ بأن هذه الصفقة تظل ناقصة لأن هناك أسيرات حرائر ما زلن خلف القضبان? ولكننا ندرك ايضا?ٍ ان المفاوض? ومهما بلغت مهارته وصموده لا يمكن ان يحصل على كل ما يريد في مثل هذه الحالات? خاصة اذا كان هناك وسطاء أشقاء يضغطون? ولأسبابهم السياسية والأمنية? لإغلاق هذا الملف المزمن.
لا نضرب بالرمل? ولا نقرأ الغيب? ولكننا نستطيع ان نستنتج? وفي ظل التهديدات الامريكية لإيران? وبعد فبركة محاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن? ومخطط لتفجير سفارتي اسرائيل والسعودية في بوينس ايرس فإن العد التنازلي لهجوم اسرائيلي ‘عربي’ امريكي على ايران قد يكون بدأ? وان نتنياهو يريد انقاذ شاليط وحياته حتى تكون يداه غير مغلولتين? في حال صدر القرار بالهجوم.
من حق ألف اسرة وأكثر ان تفرح اليوم بعودة أسراها? فليس هناك اجمل من ان تعانق ام ابنا?ٍ لم تره منذ سنوات? أو ابن يعانق ابا?ٍ? ابن ولد وحبا ثم مشى وراهق ثم اصبح شابا?ٍ يافعا?ٍ دون ان يجلس على حجره أو يحظى بحنانه وقبلاته ودفء عواطفه.
‘ ‘ ‘
نشعر بالتعاطف كله مع خمسة آلاف أسير ما زالوا خلف القضبان? في زنازين انفرادية? ويضرب معظمهم عن الطعام هذه الأيام? احتجاجا?ٍ على الظروف القاسية التي يعيشونها في ظل احكام جائرة? وعلى ايدي سجانين يمثلون ابشع احتلال في تاريخ البشرية.
لعل هؤلاء يصلون ليل نهار لأسر ‘خمسة شاليطات’ جدد? حتى يبصروا نور الحرية مجددا?ٍ? ويعودوا الى أهلهم وذويهم? بعد ان تعثرت الجهود