ثورة 21 سبتمبر واليمن الكبير
بقلم/ عبد الحافظ معجب
غالباً ما يتم تعريف الثورة بأنها تغيير جذري في السلطة، أو الهياكل التنظيمية، خلال فترة قصيرة نسبيًّا، وغالبًا ما تشير إلى التغيير السياسي، وعلى عكس ثورة الحادي عشر من فبراير التي استولى عليها تنظيم الإخوان المسلمين في العام الفين وإحدى عشر، تمكنت ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر في العام الفين وأربعة عشر من إحداث تغيير جذري في السلطة، وأوجدت التغيير السياسي باقتلاعها لمنظومة الفساد ومراكز الهيمنة والنفوذ.
صحيح أن العالم الذي اعترف بثورة الواحد والعشرين من سبتمبر انقلب عليها بعد أن باركها باتفاق السلم والشراكة، غير ان الانقلاب عليها لم يغير شيء من أهدافها ولم يتمكن من حرف مسارها أو توجيهها بما يخدم مصالح الدول المتضررة منها.
على غرار المبادرة الخليجية التي حجمت ثورة فبراير وحرفتها عن مسارها كان المجتمع الدولي يعتقد أنه سيضع في اتفاق السلم والشراكة القيود لتكبيل ثورة الشعب في سبتمبر، ولأن الثوار كانوا حاضرين بأنفسهم للتوقيع على الاتفاق فشلت كل المحاولات التي كانت ترمي الى سرقة ثورتهم وتضحياتهم، ما دفع الدول الثمانية عشر المرعوبة من ثورة الشعب الرافضة للوصاية للإيعاز “لدميتهم” المتحركة عبد ربه منصور هادي للاعتكاف في بيته وخلط الاوراق والتعنت في تنفيذ بنود الاتفاق وصولاً الى الاستقالة والفرار من صنعاء، لاستخدامه لاحقاً كغطاء للحرب والعدوان على الشعب الثائر الذي رفض التفريط بثورته أو التنازل عن سيادته التي اعتبرها كرامته.
كل ما يعانيه اليوم الشعب اليمني من عدوان وحصار هو عقاب واضح على الثورة التي نزعت عن الشعب عباءة الوصاية الامريكية السعودية، وشردت أيتام واشنطن والرياض وزوجة السفير السعودي، وخلافاً لما اعتقدته دول العدوان وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وممالك الخليج، أثبتت الثورة صلابتها وقوتها من خلال الصمود الشعبي الاسطوري والانجازات الكبيرة التي يحققها جيشنا ولجاننا الشعبية وقوتنا الصاروخية وسلاح الجو، هذا الأمر جعل دول العدوان تقف أمام معجزة كبيرة ولغز عظيم يقف خلف ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر التي لم تهزمها عشرات الدول بما تملكه من احدث المنظومات العسكرية الحربية ولا الحصار والتجويع وقطع المرتبات ولا الطوابير الخامسة والعاشرة ولا الحرب الاعلامية، ولا نفع معها أي شيء، ما دفعهم اليوم للعودة الى خيار الحل السياسي وتفعيل موقف الأمم المتحدة من خلال مبعوثها الخاص الذي تحول مؤخراً الى ساعي بريد بين صنعاء ودول العدوان باحثاً عن مخرج ينزلهم من أعلى الشجرة دون اصابات او خدوش إضافية، وعلى قول المثل “اللي فيهم مكفيهم”.
طبعاً احنا مش امام حادث سير عشان يقول المبعوث الأممي أو مجلس الأمن “كل واحد يصلح سيارته” ففي كل ساعة اضافية تستمر فيها دول العدوان بعدوانها تزداد الفاتورة والحسابة بتحسب، ولن يكفينا تعليق كل رموز العدوان على حبال المشانق ثأراً لدمعة أم يمنية على طفلتها، أو لحظة عشناها بالقهر والألم جراء حصارهم وعدوانهم، وذلك قريب جداً ومن يتناسى اليوم عظمة ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر سيشاهد قيمتها وأهميتها بعد العدوان، عندما يعود اليمن الى مكانه الطبيعي كبيراً عظيماً بفضل هذه الثورة وقياداتها وتضحياتها.