لا تستعدوا أرض قحطان وخذوا من التاريخ العبر
بقلم/ د. تاج السر عثمان *
عندما سمعت بانطلاقة عاصفة الحزم راسلني بعض زملائي وقالوا هاهم العرب ينهضون من جديد ويشكلون تحالفا عربيا ضد الفرس يعيد أمجاد العرب وقد اختاروا شرف المكان أرض قحطان وتلك أمنية طالما حلم بها أي قومي عربي فقلت سيكون كذلك إن كان تحالف شراكة وندية مع أهل الأرض لا استعلاء فيه ولا استعراض فإن حصل شيء من التعالي فترقبوا الانتكاسة التي لا قومة بعدها
وأنا أقرأ اليوم تقرير الخبراء في الأمم المتحدة عن انتهاكات التحالف في اليمن قلت ها قد وقع العربان في خطأ من سبقوهم فلينتظروا نفس النتائج وحتى أحكم على التقرير بشكل نهائي انتظرت رد التحالف على ما ورد في التقرير فلم يرد على الاتتهاكات التي يندى لها الجبين في السجون الاماراتية وإنما ذهب للرد على تفاصيل أخرى ومن هنا نقول لقد خسرتم المعركة أخلاقيا ومن يخسر أخلاقيا سيهزم ويطرد شر طردة
أيها العرب : لا تحتاجون لأن أذكركم بأن أرض قحطان بها قوم رقيقة قلوبهم لينة أفئدتهم يعلم هذا من عاشرهم ويشهد بهذا تاريخهم فمن جاءهم بالأسلوب الطيب أخذ ما في أيديهم طوعا وحبا وكرما وإن جاء بأسلوب متكبر أسقطوه وأردوه وتحولوا أمامه وحوشا كاسرة لا تعرف إلا الفتك والبطش
أيها العرب : في القرن قبل الماضي سمع اليمانيون بالعثمانيين وما ادعوه من خلافة اسلامية فرقت لذلك قلوبهم فاستقدموا الأتراك رغبة في وحدة الأمة والمصير فاغتر لذلك الأتراك فبسطوا نفوذهم وتحولوا إلى أوصيا على أبناء قحطان وخيرات بلادهم فتراكمت اعتداءات الاتراك حتى نفذ صبر أبناء قحطان فقاموا قومة رجل واحد فأبادوا جنود الترك عن بكرة أبيهم وقد بلغ الحال بولاة العثمانيين في الجزيرة ومصر أن يرسلوا الرسائل تلو الرسائل لليمانيين يتوسلونهم مهلة شهر واحد للانسحاب فأقسموا أن لا تخرج من بلادهم نفس تركية تكبرت وتجبرت فجعلوا بلادهم مقبرة للأتراك حتى أطلق الاتراك على اليمن مقبرة الأناضول ولم يعد لهم أثر وما زال الاتراك الى اليوم ينوحون ويبكون على ما حصل لهم
أيها العرب : وفي القرن قبل الماضي أيضا : حين كان الانجليز امبراطورية لا تغيب عنها الشمس دخلوا جنوب اليمن واستغلوا صراعات أهله حتى نفذ صبر اليمانين فقاموا قومة رجل واحد شمالا وجنوبا فطردوا الانجليز شر طردة حتى أن الانجليز حينما كانوا ينسحبون من الدول المجاورة يضعون شروطا يختارون بها من يخلفهم من الحكام الا اليمن خرجوا منها بدون شروط ولم يعد لهم أثر
أيها العرب وفي القرن الماضي دخل عبدالناصر برغبة من ثوار اليمن للتخلص من نظام الامامة فرحبوا به وبجيشه وقاتلوا جنبا الى جنب حتى اعتقد المصريون أن اليمن أصبحت جزءا من بلادهم فبدأوا بفرض وصايتهم يضغطون لعزل هذا ويضغطون لتنصيب ذاك حتى نفذ صبر اليمانيين فأحالوا حياة الجيش المصري الى جحيم لا يبقي منهم ولا يذر فخرج من تبقى من الجيش المصري نافذا بجلده بعد ان خسر عشرات الالاف في جبال ووديان اليمن ولم يعد لهم أثر في أرض قحطان
أيها العرب : ها أنتم اليوم تكررون نفس أخطاء من سبقكم وتستغلون صراعات اليمانيين لتنفيذ أجندتكم فتعزلون هذا وتعينون من يواليكم وتحظرون سفر من يعارضكم وتمنحون الامتيازات لمن يبيع لكم و تتسابقون على الموانئ والجزر والممرات الدولية وتعتقدون أن حاجتهم إلى الدعم ستجعلهم يمنحونكم الكثير من الأرض وتظنون سكوت اليمانيين عن تصرفاتكم ضعفا أو غفلة وما علمتم أنهم يراكمون أخطاءكم لاعتبارات عديدة فإن نفذ صبرهم فلن تكونوا بأقوى ممن سبقوكم ولن يكونوا أقل من آبائهم وأجدادهم
أيها العرب : بعد أخطائكم المتزايدة لا تصدقوا أنكم مرحب بكم فالبعض مضطر لمجاملتكم وهو يمقتكم فلا يقبل أحد كائنا من كان ما يحصل من قتل للابرياء وانتهاك للانسانية وان سكت البعض الآن فإلى الوقت المناسب وقد يكون قريبا فتداركوا اخطاءكم قبل فوات الأوان إن أردتم خروجا بماء الوجه وإن أبيتم الا الاستمرار في الغطرسة والكبر فإن مصيركم سيكون أسوأ بكثير ممن سبقوكم والأيام بيننا
* رئيس مركز العرب للدراسات والبحوث