“الحلقة المفقودة.. الكشف عن الأصل البشري الأول” .. إصدار جديد لمشروع “كلمة” للترجمة
أصدر مشروع “كلمة” للترجمة التابع لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث كتاب “الحلقة المفقودة.. الكشف عن الأصل البشري الأول” للمؤلف البريطاني “كولين تادج”? ونقله إلى اللغة العربية المترجمة مروة هاشم.
يأتي إصدار هذا الكتاب العلمي في إطار حرص مشروع “كلمة” للترجمة على تزويد القارئ العربي بالاكتشافات العلمية الحديثة المثيرة للجدل? ووفقا لما يراه بعض العلماء والمؤلفين الذين يقدمون نظريات جديدة قد لا تطابق الواقع والنظريات التي تسبقها? حيث يتناول هذا الكتاب بأسلوب أدبي في معظم أجزائه رحلة اكتشاف إحدى الحفريات القديمة “إيدا” التي ع?ْثر عليها في بحيرة “ميسيل” القديمة? ويرجع تاريخها إلى حوالي 47 مليون عام.
يروي لنا الكتاب تجربة البروفيسور جورن هوروم والتي تعد “تجربة العمر” كما جاء في المقدمة? في جلب تلك الأحفورة إلى متحف التاريخ الطبيعي بجامعة أوسلو? والعمل عليها مع فريق متميز من العلماء? أطلق عليه هوروم اسم “فريق الحلم”.
يقع هذا الكتاب في تسعة فصول? إضافة إلى المقدمة والخاتمة? حيث تبدأ الفصول الأولى بسرد تفاصيل كيفية شراء الأحفورة ونقلها إلى المتحف المشار إليه لفحصها وإخضاعها إلى الأشعة السينية الدقيقة? وتحديد السلالة التي تنتمي إليها? ومع قراءة السطور الأولى من الكتاب? يشعر القارئ بالعلاقة التي نشأت بين تلك الأحفورة والبروفيسور هوروم? لدرجة أنه أطلق عليها اسم ابنته “إيدا”? وكذلك نلاحظ أنه بمجرد النظر إلى صورتها لدى بائع الأحافير تأكد لديه الحدس والشعور بأنه أمام الأحفورة التي تمثل الحلقة المفقودة بين تطور قردة الرئيسيات (رتبة الرئيسيات التي ينتمي إليها الجنس البشري كما يعتقد العلماء) والجنس البشري? ويصف الفصل الأول من الكتاب صورة عن شكل البحيرة التي عاشت فيها “إيدا” وكيف لقت حتفها وهي لم تتجاوز عامها الأول.
ينطلق الكتاب من فكرة “داروين” لتطور الإنسان الذي يرى أن القردة تطورت حتى تحولت إلى إنسان مكتمل? ويذكر الكتاب أن العلماء يرون اليوم أن الإنسان لم يتطور من أي كائنات أخرى تنتمي إلى الرئيسيات? بل انفصل عنها? وقد حدثت هذه الانفصالات طوال زمن الحياة فوق الأرض? مع نشأة كل سلسلة من الكائنات? ومع كل انفصال? كانت تطرأ حلقة مفقودة افتراضية? مخلوق ي?ْعد الخطوة الأولى صوب النوع الجديد ـ فيما ي?ْعرف بـــــ”الأنواع الانتقالية”? ويرى “هوروم” وفريقه? أن “إيدا” لكونها أكثر الحفريات اكتمالا?ٍ? تعد تلك الحلقة المفقودة? أي أنها جدة كل البشر? ويزعم “هوروم” بأنها قضية سوف تثير الجدل في الأوساط العلمية? وبأنها ستصبح أحد رموز العلم المميز في القرن الحادي والعشرين وأنها عينة قد تغير التاريخ? وهو يقارنها أيضا?ٍ بحجر رشيد الذي فتح الأبواب لدراسة اللغة في عقود مقبلة.
تنتقل فصول الكتاب? بداية من الفصل الثالث? بالقارئ إلى العصر الإيوسيني المفترض أن عاشت فيه “إيدا”? لتقدم وصفا?ٍ علميا?ٍ دقيقا?ٍ للظواهر الجيولوجية في ذلك العصر وحالة الطقس? وكذلك تفاصيل عن العصور السينوزي والعصر الباليوسيني? وعصر الديناصورات? ويستطرد في شرح أسباب انقراض الديناصورات التي حلت محلها الثدييات والرئيسيات? ويشرح الكتاب كيفية انخفاض حرارة العالم? وفي فصل منفصل? ربما يكون الأطول بين فصول الكتاب? يصف حفرة ميسيل والحفريات التي تم العثور عليها للحيوانات المختلفة? بما في ذلك الحشرات والأسماك وكذلك الطيور? ويستعرض أسباب احتفاظ البحيرة بالعديد من الحفريات الجيدة? وفي الفصل الخامس يتناول بالشرح الدقيق ماهية الرئيسيات التي تعد المرتبة العليا من الثدييات التي تنتمي إليها “إيدا”? ويجد القارئ معلومات هائلة حول حيوانات قردة الليمور والنسانيس والقردة الليلية الصغيرة? مع الإشارة إلى فصائل الرئيسيات والثدييات المختلفة وقضية الأسلاف المشتركة? وبالقطع يضع الكتاب فصيلة البشر من بينها? ويتناول أيضا الحياة الاجتماعية للرئيسيات? وهو من أكثر المواضع الطريفة في هذا الكتاب? خاصة عندما يصف تعدد الزوجات في الغوريلا والشمبانزي والزعامة والسيطرة بين الذكور والإناث.
ويستكمل الفصل السادس سرد تطور الرئيسيات مع إعطاء خلفية عن سجل الحفريات? وعلاقته بتحديد عمر إيدا والسلالة التي تنتمي إليها? مع شرح تفصيلي لبعض الفصائل? والإشارة إلى المواضع الشهيرة بخلاف حفرة ميسيل التي تم اكتشاف حفريات أخرى بها. في هذا الفصل على وجه التحديد? يتطرق المؤلف إلى القضية الشائكة للحلقات المفقودة والمعارضة التي تنشأ من رجال الدين وعلماء اللاهوت? ويناقش آراء داروين ومدى علاقتها بسجل الحفريات (غير المكتمل)? الأمر الذي يجعل ـ على حد قول المؤلف ـ أن “داروين كان محقا?ٍ على الأقل من ناحية المبدأ وإن لم يكن كذلك في كل التفاصيل”.
ويستكمل الفصل السابع وصف التطور الذي حدث منذ العصر الإيوسيني وحتى عصرنا الحالي? وتغير الكائنات الحية والرتب التي تنتمي إليها? ويشرح هذا الفصل الأسباب التي جعلت العالم أكثر برودة? وحركة الأرض ونشأة الأعشاب?