الإعلام الذي نستحق …
اللغة الأكثر ? تداولا لدى جيل اليوم ? و تكاد تجتمع على كثير من الكلمات والمصطلحات ? التي كانت إلى وقت قريب ? لا تعني أكثر مما تقول .
لكن ? مع عصر التحولات والمتغيرات ? أصبحت لها أكثر من معنى ودلالة ? أو إن شئت القول ? اكتست شحنة قوية ? من لهيب ” الحكرة ” ? ” الذل ” ? ” المهانة ” التي يحسها الكثير من الناس ? لكن دون أن يجدوا الإعلام ? الذي يعبر عما يحسه الآخرون و يقول ما يفكر فيه الكثيرون .
وظل حبيس أسطوانة ” مشروخة ” لا تردد إلا ” كولو العام زين ” و ” كل شيء على ما يرام ” و لا شيء يستحق الفضح و الكشف عنه لعموم القراء .
فظلت دائرة القراء تتضاءل ? حتى انكمشت على نفسها ? ليطل السؤال الذي تردد على لسان العديدين : هل لدينا أزمة قراءة أم أن لدينا قراءة في الأزمة ? التي يرزح تحت كلكلها الكثيرون دون أن تجد طريقها إلى صفحات الجرائد ? التي أصبحت تغترف من لغة ” ما تحت الحزام ” و ” النبش ” في سنوات الرصاص ? دون أن تلتف إلى ما يدور حول الناس وما يشغل بالهم ? من غلاء في المعيشة ? بطالة مستفحلة ? واقع صحي رديء ? تعليم لا يواكب متطلبات سوق الشغل ? اغتناء فاحش في مقابل فقر مدقع و إعلام لا يغادر بلاطوهات ” المطبخ ” وفي أحسن أحواله ? قاعات الرقص والغناء ? فكان الملل والرتابة . وكان ? تلقائيا أن تعاني الساحة الإعلامية من فراغ ? لم بكسر رتابته ? إلا صاحب عمود ” تشوف تشوف ” ? العمود الأكثر قراءة في المغرب والذي يحظى بمتابعة ? ليس على المستوى الوطني فحسب بل حتى على المستوى الدوالي .
ليس لأن صاحبه رشيد نيني ? بحث عن الشهرة ? بل لأن النجومية هي التي عرفت طريقها إليه ? عبر سيرته الذاتية ” يوميات مهاجر سري ” التي نشرت عبر حلقات بجريدة ” العلم ” المذكرات التي نشرت ? في كتاب بدعم من وزارة الثقافة .
وكان طبيعيا ? أن يلتفت إليها الكثيرون ? ليس لجرأة كاتبها ? فحسب ? بل لأن صاحب القلم الذي عرفناه شاعرا و مدير نشر جريدة لم بصدر منها إلا 3 أعداد ? عاد وفي جعبته
الكثير مما يقال ويحكى ? عن شباب تفرقت بهم السبل ? بين الهجرة والاستقرار أو التمزق بين حضارتين أو الحياة عبر ” نوسطالجيا ” الزمن الجميل .
زمن لم تكن فيه كلمة “ديكاج ” تعني أي شيء ? لكن استمدت حرارتها ? من لغة الشارع و الإحتجاج ? و أصبحت تتردد في كل الوقفات الإحتجاجية ك” الشعب يريد إسقاط الفساد “? ” الشعب يريد التغيير ” ? الكلمات عينها ? التي انتقلت إلى لغة الفيسبوكيين و اليوتوبيين ? عبر تقنيات تكنولوجية ? سهلت الطريق إلى شباب 20 فبراير ? ليوحدوا كلمتهم ? عبر مجموعات تطالب بالتغيير و إسقاط الفساد و الرشوة والابتزاز و المحسوبية ? الكلمات التي لطالما رددها صاحب عمود “تشوف تشوف ” و وجدت صدى لدى الكثير من القراء الذين التفوا حول جريدتهم الأولى و المطالبة بإطلاق سراح مدير نشرها ? الذي يحاكم بالقانون الجنائي بدل قانون الصحافة والنشر .
وما الشعارات التي رددت ? في العديد من الوقفات هنا وهناك ? والتي تلتقي في الكلمات نفسها ” سوا اليوم سوا غدا والسراح ولا بد ” ? ? هذا عار هذا عار الصحافة تحاصر ” لا لشيء إلا لأنها تتقاسم مع الشعب آماله و أحلامه ? في حين أن هناك الكثير من الصحف والمجلات لا يلتفت إليها حتى أحد .
ليس لأن هيئة تحريرها ? ليست خريجة معاهد الصحافة والإعلام ولكن لأن لغتها ? لا تشبه لغة الشارع و كلماتها هي أقرب إلى لغة الخشب منه إلى لغة المعذبين في الأرض.
فهؤلاء ? في ظل صحافة النت ? التي تراهن على التجديد ? الراهنية ? التفاعلية و السبق ? لا يمكن لإعلام محلي ? لم يجدد دمائه و ظل حبيس لغة “أهل الكهف ” ? أن يثير انتباههم أو حتى يستحق التفاتة منهم .
الناس كل الناس ? يحتاجون أكثر من أي وقت مضى ? إلى إعلام يتكلم بلسانهم ? إلى إعلام هو أشبه بالمرأة يعكس تقاسيم الوجوه التي أنهكها التعب والكد من أجل الرغيف الجاف و إلى أمثال رشيد نيني ? الذي لم تزده محاكمته ” السياسية ” إلا مزيدا من القراء و المتعاطفين و المتضامنين والمطالبين بإطلاق سراحه وفورا .
الحل هو إعلام حر و نزيه .
Casatoday2010@gmail.com