قرار التفويض الرئاسي المدخل لحل الأزمة!!
قرار رئيس الجمهورية بتفويض نائبه عبدربه منصور هادي بإجراء حوار مع
المعارضة حول الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية يمثل أهم المداخل
لتفكيك وحل الأزمة السياسية الراهنة التي باتت تعصف باليمن اقتصادا?ٍ
وأمنا?ٍ? ومعيشة وتنذر بكارثة ستطال الجميع.
لقد جاء القرار ليؤكد في البداية مصداقية ما طرحه ويطرحه الرئيس صالح منذ
فترة لعدم رغبته بالاستمرار في السلطة وزهده في الحكم? وإيمانه بحتمية
التغيير الذي يلبي طموحات الشعب اليمني.
ومن ناحية أخرى فقد جاء القرار ليحافظ على النهج الديمقراطي اليمني ويمضي
بالأزمة على حل يستوعب مفهوم الشرعية الدستورية التي اعتبر الرئيس صالح
الحفاظ عليها جوهر الدولة اليمنية الحديثة.. كما يحافظ على التجربة
الديمقراطية اليمنية التي استطاع اليمنيون من خلالها ترسيخ مفهوم التداول
السلمي للسلطة عبر التنافس الديمقراطي السياسي التعددي من خلال صناديق
الاقتراع? ويركلوا إلى غير رجعة اساليب الوصول إلى الحكم عبر الانقلابات
الدموية والعنف المسلح الذي عانت منه اليمن عقودا?ٍ طويلة حتى بعد قيام
ثورتها المباركة سبتمبر وأكتوبر.
إن قرار التفويض الرئاسي يمثل المدخل الحقيقي والواقعي والدستوري لحل
الأزمة تجنيب اليمن نذر حرب أهلية ستأكل في طريقها الأخضر واليابس وهو
قرار نابع من حرص الرئيس على الحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره..
وحتى لا يتقول المتقولون فإن القرار جاء بصيغة دستورية وقانونية مرضية لا
تقبل التفسير ولا التأويل فهي تعطي ضمانات لأن يتولى نائب الرئيس العملية
الحوارية ثم عملية التوقيع على ما يتفق عليه ثم التنفيذ للاتفاق? ويمنع
عدم تراجع أي طرف عن التنفيذ.
وفي المقابل فإن المتابع لتعاطي نائب الرئيس وإدارته لشئون البلد منذ
إصابة الرئيس في الحادث الإرهابي بدار الرئاسة وسفره للعلاج في السعودية?
مع كبار قيادات الدولة يجد أن هادي أثبت حنكة سياسية وقدرة في تجنيب
البلاد الأنزلاق إلى الفوضى? واستطاع أن يدير الأمور بعقلية السياسي
المحنك والمقتدر? ويكفي تدليلا?ٍ على ذلك نجاحه في حل أزمة المشتقات
النفطية? وتخطيطه العسكري وقيادته للمعركة ضد الإرهاب في أبين وهو ما
اتضح من خلال الإشادة القوية بذلك من قبل رئيس الجمهورية.
ومن هنا فإن على الجميع أن يبادروا إلى التعاطي مع مساعي نائب الرئيس
بحسن نية وبعيدا?ٍ عن المكايدات والمزايدات? سيما وأن المواقف الإقليمية
والدولية رحبت بقرار التفويض الرئاسي وأكدت مساندتها للجهود التي سيبذلها
نائب الرئيس لحل الأزمة وهي عوامل مساعدة من شأنها الإسهام في التوصل على
حل سريع يقضي إلى إخراج اليمن من هذه المحنة التي قد تعصف بها.
إن الكرة الآن في ملعب أحزاب المشترك التي يجب عليها أن تدرك أن
استمرارها في العناد لن يفضي سوى إلى مزيد من التصعيد ومزيد من
التعقيدات? بل وقد تقود البلاد إلى الهاوية إذا استمرت في مواقفها
المتعنتة وحديثها عن حسم ثوري لا وجود له.
بداية الأزمة طرح الرئيس مبادرة كانت تهدف إلى إجراء انتخابات رئاسية
مبكرة نهاية هذا العام وحينها تعالى المشترك وعاند فماذا حدث? .. هاهو
العام على أفول ونحن في أزمة عاصفة لم يستطع المشترك أن يحقق خلالها أي
نجاح سوى سفك المزيد من الدماء وضرب الاقتصاد الوطني والتأثير سلبا?ٍ على
معيشة الناس.. الآن يمكن أن تتدارك أحزاب المشترك أخطاءها? وتتعاطى مع
قرار التفويض الرئاسي وتبادر إلى القبول بتوافق سياسي يفضي إلى انتخابات
رئاسية مبكرة كحل وسط سيقبل به الجميع ويحقق التغيير المنشود.. أما إذا
استمرت في عنادها فإنها لن تلقى إلا عنادا?ٍ أكثر من كافة الأطراف الأخرى
وفي المقدمة أبناء الشعب اليمني الذين ضاقوا ذرعا?ٍ بمواقف المشترك.
على المشترك ألا يخسر المزيد فقد خسر خلال هذه الأزمة الكثير والوطن خسر
أيضا?ٍ.. فيكفي عنادا?ٍ وتعالوا لكلمة سواء تجنب اليمن حربا?ٍ أهلية.