القضية الفلسطينية اليتيمة، من يقف بوجه ترامب؟
شهارة نت – فلسطين/ تحليل
تسعى الإدارة الأمريكية لجذب الأطراف الداعمة لمواقفها ضد القدس والقضية الفلسطينية، فالكيان الصهيوني لا يزال يمارس أشرس طرق القمع والإجرام بحق الفلسطينيين، ويبني المستوطنات لاستعمار أراضي المدنيين، في ظل صمت عربي ودولي يجعل القضية الفلسطينية يتيمة، وهذا ما أعطى الكيان الصهيوني الضوء الأخضر في ممارسة الاعتقالات، واستهداف القدس الشريف، بدعم أمريكي متواصل، فتصريح البيت الأبيض حول نقل السفارة إلى القدس، يكشف تآمر بعض الحكومات العربية مع دول الاستكبار لتنفيذ ما رسمته الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط.
إن ما يعيد حيوية المقاومة في نصرة القدس والأقصى، هي تلك الشعوب الناظرة إلى حقيقة النوايا الصهيونية، الشعوب التي ناصرت الأرض الفلسطينية قبل عشرات السنين، وشاركت في كل حرب ردعت الاستعمار وواجهت إرهابه، عندما نرى تلك المسيرات في تونس والجزائر ولبنان وسوريا وفي كل دولة عربية وغربية تدعم محور المقاومة، نشعر بأن هناك من يدافع المستضعفين في الوطن العربي، وهناك من يعتبر هذا الكيان الغاشم معتدي ومستعمر يجب أن يقتلع من التراب الفلسطيني.
الأحداث العربية التي حصلت قبل ثماني سنوات وإلى الآن، تثبت واقع الأنظمة المتآمرة وتكشف من دعم الإرهاب والتطرف لتدمير فلسطين وسوريا واليمن وليبيا، ويجلس الآن مع زعيم البيت الأبيض ليقدم له الهدايا الثمينة، وذلك للحفاظ على الكرسي من السقوط، هكذا هو حال بعض الأنظمة العربية لا تزال تنظر إلى مصلحتها الشخصية، وتتناسى بأن هناك قضية يجب نصرتها وهي تمثل الأمة العربية، فبعد سنوات من المعاناة في الشرق الأوسط، لا يزال هناك ما يشغل الشعوب العربية، لحرف الإعلام عن ما يحدث في فلسطين والقدس، من مؤامرات لاحتلال أراضي الفلسطينيين، وتهجيرهم بالعنف والقوة.
لقد جددت قوى وأحزاب اليسار الأوروبي المتوسطي تأكيد مواقفها الداعمة لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس، وحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم، في الوقت الذي أدانت هذه القوى قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل، والخطوات المكملة التي اتخذتها حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل بما في ذلك قرار ضم المستوطنات، وقانون تمكين القدس، وسائر الإجراءات والمواقف العنصرية الرامية لتكريس الاحتلال.
جاء ذلك خلال الاجتماع الذي استضافته العاصمة البلجيكية بروكسل، وحضرته أحزاب أوروبية يسارية من اسبانيا واليونان وقبرص والدنمارك واستونيا وتركيا وألمانيا وبلجيكا وفرنسا وفنلندا، بالإضافة لوفود من اليسار العربي من المغرب وتونس ومصر ولبنان وفلسطين.
وشاركت فلسطين في اللقاء بوفد موسع ضم كلا من الدكتور جورج رشماوي رئيس اتحاد الجاليات والفعاليات والمؤسسات الفلسطينية في أوروبا، ونهاد ابو غوش القيادي في الجبهة الديمقراطية، وغادة كتوت من حزب الشعب الفلسطيني، وعلي اهليل من حزب فدا، ولؤي عودة ومنير الوحيدي من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
وخصص الاجتماع للتحضير للمؤتمر الثالث للقاء الأحزاب اليسارية الأورو متوسطي، وقد حظيت القضية الفلسطينية باهتمام واسع خلال المداولات والمداخلات في ضوء التطورات التي أعقبت قرار الرئيس الأميركي ترامب، والسياسات المتطرفة التي تنتهجها حكومة نتنياهو. كما تناول الاجتماع مشكلات الهجرة واللاجئين، والبيئة، وازدياد الفجوة بين دول الشمال والجنوب، وآثار السياسات النيوليبرالية والنهب الاستعماري في توسيع هذه الفجوة، ومشكلات التنمية والطاقة، ووضع المرأة ودور الشباب، بالإضافة إلى القضية السورية والقضية الكردية.
وقال نهاد ابو غوش الذي شارك في الاجتماع أن ممثلي فلسطين قدموا ورقة موحدة باسم اليسار الفلسطيني دعت إلى بذل مزيد من الجهود وممارسة الضغوط على حكومات أوروبا لدفعها إلى الاعتراف بدولة فلسطين وفق حدود الرابع من حزيران، ومراجعة اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل تمهيدا لإلغائها بسبب انتهاكات إسرائيل المتواصلة للقانون الدولي ولكافة المواثيق والمعاهدات الدولية. كما دعت الورقة كافة الأحزاب اليسارية والتقدمية والديمقراطية للانضمام للجهود الفلسطينية الأوروبية المشتركة والتحالفات التي تأسست لمجابهة الاستيطان، ونصرة أسرى فلسطين، وتعميم تجربة لجنة القدس البرلمانية السويدية وخاصة بعد قرار الرئيس ترامب.
كما دعت الورقة الفلسطينية إلى بذل جهود عاجلة ومكثفة لفك الحصار الجائر على قطاع غزة وإنقاذ الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من الكارثة الإنسانية التي تحيق به، ومساندة ألسرى الفلسطينيين وبشكل خاص القيام بحملات للإفراج عن الأسرى الأطفال والنساء، وإلغاء الاعتقال الإداري.
وحذر المشاركون الفلسطينيون من مخاطر تصفية وكالة الغوث الدولية تمهيدا لتصفية قضية اللاجئين، ودعوا قوى اليسار الاوروبي إلى مواصلة دعم حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم وفقا للقرار الأممي 194، كما دعوا إلى بذل مزيد من الجهود لإقناع الدول الأوروبية بالاضطلاع بمسؤولياتها القانونية والأخلاقية والسياسية تجاه القضية الفلسطينية، بما يترجم غلى دور فاعل وليس دورا متفرجا أو تابعا للإدارة الأميركية التي لم تعد مؤهلة لدور الوسيط في حل الصراع بعد قرار ترامب واصطفافها السافر إلى جانب العدوان.
وحظيت الورقة الفلسطينية الموحدة بتأييد جميع الوفود المشاركة، وأكد ممثلو الأحزاب الأوروبية عزمهم نقل هذه المطالب إلى قيادات أحزابهم وائتلافاتهم وممثليهم في البرلمانات وتضمينها في خطاباتهم ومواقفهم الرسمية.