خريف الانهيار العربي ..?!!
الخريف العربي بدت ملامحه في (ساحة الفردوس) العراقية حين دخلت طلائع القوات الغازية لتعلن من تلك الساحة انطلاق مرحلة ( خريف الانهيار العربي) الذي أطلق عليه اليوم _ مجازا_ ( ربيع الثورة العربية) التي أفرزت فجاءه نخب برؤى ومفاهيم جديدة ناهيكم إنها أكثر من ( ثورية) لدرجة أن شاهدنا في ساحات الاعتصامات رموز الجهل والتخلف والظلام والحقد والكراهية يحملون صور لرموز ثورية استوطنت وجدان وذاكرة الشعوب والأمم ولعبت أدوارا محورية مؤثرة في السفر التاريخي قبل أن تفارقنا بأجسادها تاركة لنا إرثا ثوريا حافلا بالقيم والأخلاقيات النضالية والإنسانية ..
رموز ظلت وحتى أيام قليلة من انتشار فيروس الحرية والثورة الموجهة عبر ما يطلق عليه ب( شبكة التواصل الاجتماعي ) وهي الشبكة التي تحكمها وتوجهها جهات بذاتها وهي من تقف وراء هذه الظاهرة ( الثورية) ظاهريا لكنها في الحقيقية هي ظاهرة معادية للثورة ومعادية لكل القيم والأخلاقيات الوطنية والقومية ومع ذلك لم تتردد النخب (الثورية ) المفترضة من الإفصاح عن رغبتها في التغير والانفتاح والتحرر من قيود الأنظمة بكل مسمياتها الراهنة بما في ذلك الأنظمة التي أخذت مبكرا بقيم الديمقراطية والحرية والتعددية والانفتاح كحالنا في اليمن ..
في هذا السياق نشاهد ونتابع هتافات الشباب الموحدة من المحيط إلى الخليج داعية إلى ( إسقاط الأنظمة وإسقاط الرموز الوطنية وبطريقة الامتهان المذل ) ثم نشاهد ذات الشباب يرفعون صور لرموز وطنية وقومية كانت ورحلت دون أن ننكر دورها لكنا لا نستطيع _ الجزم_ بنواياها أن هي ظلت في مفاصل السلطة والحكم هناء أو هناك , وبعيدا عن هذا هل يدرك الشباب أيا كانت دوافعهم وقناعتهم أن الشعارات التي يرفعونها ضد الأنظمة والرموز الوطنية والقومية الحية والفاعلة وهذا الفعل والسلوك يتناقض تناقض جذري مع صور الرمزية الوطنية والقومية التي ترفع في الساحات والميادين من قبل من ينادون بالحرية ويرفضون الهيمنة الرمزية أو عبادة الأشخاص كما يزعمون دون التوقف أمام إرث أصحاب تلك الصور الذين ومن خلال إرثهم السياسي والفكري لا يؤمنون بما يؤمن به الشباب وبالتالي نجد أنفسنا أمام حالة انفصام فكري وسلوكي تمارسه هذه النخبة من الشباب الذين اتخذوا ( الثورة) كفعل حضاري خلاق مجرد مسمى ( عبثي) كما حمل هؤلاء الشباب كل قيم (الفوضى) وراحوا يسوقونها ويكرسون قيمها بل وجعلوا من (الفوضى والعبث) وثقافة الحقد والكراهية بمثابة ثقافة وهوية ( الثورة) وهذا ما أوجد حالة قلق وعدم ثقة بين هؤلاء وبين الغالبية الشعبية على خلفية هذه السلوكيات _ الثورية_ التي لا علاقة لها بالثورة وأصالتها وقيمها وأخلاقياتها وأهدافها الحضارية ..
وأن كانت المقدمات تدل على النتائج فأن مقدمات الثورات العربية الراهنة تكشف عن نتائج كارثية فهذه الظواهر لا يمكن وصفها ب( الثورة) وأن أطلقوا عليها هذه الصفة فقط بدافع انتقاص وامتهان وتشويه للمفاهيم والقيم الثورية الأصيلة ..?
ولنأخذ في هذا _مثالا_ مواقف الغرب وأمريكا والصهاينة من هذه الظواهر الثورية وكيف نشاهد ونتابع هذا ( الحماس) الغربي الأمريكي الصهيوني , والمواقف الدفاعية التي تساند هذه الظواهر بل أن الحماس الغربي الأمريكي بلغ ذروته في تحريك ( حلف الناتو) بكل قدراته وإمكانياته لغزو الجماهيرية الليبية دفاعا عن الشعب العربي الليبي .. أو كما أطلقوا على مهمتهم القذرة ب( حماية المدنيين) وحتى وصف هذه المهمة يمثل شكل من أشكال ( الامتهان ) للأمة ولحقيقة وجودها , حتى في اختيار المصطلحات نجد عبارات تجسد حقيقة _ الامتهان_ للأمة ولقيمها ولحقيقة وجودها , عبارات يتم تسويقها بطريقة السخرية السافرة من الذاكرة الجمعية العربية , مثل القول ( بحماية المدنيين) فيما أطنان القذائف تسقط على رؤوس المدنيين من أبناء الشعب العربي في ليبيا , الأمر ذاته سبق وشاهدناه في العراق الذي تم غزوه واحتلاله بذريعة ( التحرير والديمقراطية ) وصفقنا بعضنا لهذا الانجاز الاستعماري القذر..?
بيد أن ما يجري في سورية التي تواجه اليوم مؤامرة مركبة أداتها فعل (ثوري) لمجاميع شعبية تعمل بمثابة ( طابور خامس ) لمحاور النفوذ باسم الحرية والتحرر .. فيما الوقاحة السافرة تكاد تكون طاغية في سياق منظومة العلاقات الدولية , إذ نجد من يصدر أوامره ويحرض الشعوب ويطالب برحيل هذا الزعيم أو ذاك وبفقدان شرعية أخر , هذا السلوك يضعنا أمام سلسلة من التساؤلات حول حقيقة وأهداف هذه الظواهر وغايتها ومن يقف خلفها ويغذي أدواتها .. ولماذا..?
وحين نقول ..لماذا..? لا نناء على يقين من أن هذه الظواهر يصعب وصفها بأنها تعبيرا عن حاجة شعبية بقدر ما تعبر عن حاجة محورية ورغبة دولية في تمزيق النسيج المجتمعي لشعوب المنطقة وخلق حالة تنافر وصدام في علاقة هذه الشعوب مع أنظمتها ومؤسساتها الوطنية ..
وقبل أن نستكمل هذه الرؤية علينا أن نقف أمام أدوات الظواهر الثورية المزعومة والتي تتمحور في ( نخبة ناشطة) تعمل بالتوجيه وا