جولة تيلرسون الافريقية.. وزير ترامب يخطب ودّ من سماهم رئيسه ’حثالة’
شهارة نت – وكالات
توقع جل الخبراء والمحللين أن جولة وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون الإفريقية التي تقوده إلى خمس دول هي تشاد وجيبوتي وأثيوبيا وكينيا ونيجيريا، لن تجد الصدى الذي كانت تلقاه الزيارات الرسمية الأمريكية السابقة في ربوع القارة السمراء.
فبالإضافة إلى وصف الرئيس الأمريكي، وبعنصرية وازدراء، دولا إفريقية بـ”الحثالة” في معرض حديثه عن مكافحة ظاهرة الهجرة إلى بلاده، هناك أكثر من سبب يجعل من هذه الزيارة مجرد جولة للعلاقات العامة لن تأتي بالكثير للإدارة الأمريكية.
لقد عرف التاريخ الحديث الكثير من حالات “التمرد” للدول الإفريقية على الكاوبوي الأمريكي لعل أهمها كسر الأفارقة للحصار الذي تم فرضه على ليبيا في تسعينيات القرن العشرين من قبل أمريكا وحلفائها. كما أن تصويت أغلب بلدان القارة السمراء في الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد قرار ترامب بشأن القدس، رغم التغلغل الأمريكي والصهيوني في ربوع القارة ورغم تهديدات ترامب للدول المعارضة لقراره، يقيم الدليل على أن واشنطن، ورغم سياسة العصا والجزرة والأموال الضخمة التي يتم إنفاقها، لم ولن تتمكن بعد من جعل إفريقيا حديقة خلفية لها ولكيانها الغاصب لأرض فلسطين.
عنصرية مقيتة
يحاول ريكس تيلرسون عبثا أن يقنع الدول الإفريقية التي يزورها أن سيده ساكن البيت الأبيض لم يقصد إهانة الأفارقة، لكن مهمة محامي الشيطان تبدو صعبة وشاقة وربما مستحيلة، باعتبار أن الوصف (الحثالة) كما الموصوف (الأفارقة) كانا واضحين وضوح الشمس ولا يحتاج الأمر إلى تفسير أو تأويل. كما أن ترامب عرف بعنصريته التي عبر عنها في أكثر من موضع وتجاه أكثر من جماعة عرقية في هذا العالم والأمر ليس مستجدا، وبالتالي يصعب تصديق تيلرسون فيما يعتزم أن يقنع به قادة الدول التي تشملها الزيارة من أن رئيسه لم يقصد إهانة الأفارقة بتلك العنصرية المقيتة.
ولعل مساندة ترامب، وبحماسة مفرطة للكيان الصهيوني العنصري، تقيم الدليل القاطع على عنصرية ساكن البيت الأبيض الذي لم ينج من شر استعلائه واحتقاره للشعوب جيرانه المكسيكيون ومن ورائهم باقي اللاتينيين. فكيف يعقل أن يساند رئيس دولة تدعي أنها علمانية الكيان الصهيوني الذي ما زال في القرن الحادي والعشرين يتحدث عن دولة يهودية قائمة على خرافات وأساطير وعلى عرق أرقى وأسمى من بقية الأعراق لا وجود له إلا في مخيلة أصحاب الفكرة؟
قطع المعونات
ولعل ما يزيد من صعوبة مهمة تيلرسون هو أن الولايات المتحدة تأتي هذه المرة دون معونات للأفارقة بعد أن تقرر قطعها، وتقترح عليهم “الشراكة والتعاون” التي اعتبرها بعض المحللين استعمارا اقتصاديا جديدا بطريقة غير مباشرة. أي أن الولايات المتحدة انتقلت مع ترامب من مرحلة الهيمنة على ثروات إفريقيا مع تقديم المعونة، إلى مرحلة الهيمنة على هذه الثروات من دون معونات، أي طغيان عقلية التاجر أو رجل الأعمال الراغب في الربح من دون مقابل على غرار ما حصّل من السعوديين الذين لهف منهم الغالي والنفيس ورحل من حيث أتى.
وللإشارة فإن الدول التي ستشملها الزيارة على غاية كبيرة من الأهمية، فجيبوتي هي البحر الأحمر، والإطلالة على الطريق التجارية الدولية الرابطة بين المحيط الهندي والمحيط الأطلسي عبر البحرين المتوسط والأحمر وقناة السويس، وهي بلد القواعد الأجنبية، وفيما يتعلق بتشاد فهي العمق الليبي وتلعب دورا هاما في معاضدة الهيمنة الأطلسية على ليبيا. أما أثيوبيا فهي البلد الذي ينجز مهمة الولايات المتحدة في الصومال، وكينيا هي البلد الأهم للعالم الأنغلوسكسوني في شرق إفريقيا وقاعدة مهمة لانشطته المخابراتية، وفيما يتعلق بنيجيريا فالقاصي والداني يدرك أهميتها من خلال ثرواتها النفطية أو من خلال تأثيرها السياسي في القارة، وبالتالي لم يكن الإختيار لهذه الدول اعتباطيا.