اليمن.. ثورة بلا حسم واقتصاد يقترب من المجاعة
يعيش اليمن حاليا بين فكي الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد وشبح الشلل الاقتصادي الذي يدق أبوابه? وسط تنامى للنزاعات القبلية والأهلية في دولة تعد الأفقر في شبه الجزيرة العربية? إذ صارت مهددة بكارثة اقتصادية وإنسانية.
ووفقا لإحصائيات المركز اليمنى للدراسات الإستراتيجية فإن الوضع الاقتصادى فى اليمن أصبح كارثيا فى ظل انتشار الفقر? وتضاعف نسب البطالة? وتدهور الخدمات? لاسيما مع ارتفاع أسعار المواد الأساسية إلى 3 أضعاف ما كانت عليه في بداية العام الحالى.
فالأمر لا يبدو طبيعيا فى دولة يعيش نحو 60% من سكانها البالغ عددهم 24 مليون نسمة? دون خط الفقر بدخل يومى للفرد أقل من دولار واحد مع تفاقم نسبة التضخم إلى 35%? وبخاصة فى ظل عدم تحقيق الثورة أهدافها حتى الآن استمرار الأزمة السياسية التى من شأنها أن تحدث انهيارا للاقتصاد مسببا مجاعة فى الأوساط الريفية.
ففى الوقت الذى وافق فيه الحزب الحاكم فى اليمن مؤخرا على تعديلات فى خطة نقل السلطة ستمنح الرئيس اليمنى على عبدالله صالح 90 يوما بدلا من 30 يوما لترك منصبه وتفويض سلطاته لنائبه? يشهد اليمن نقصا حادا فى المشتقات النفطية والغاز للاستخدام المنزلى التى تباع حاليا بأسعار تفوق سعرها الرسمى بـ200 أو 300%? علاوة عن انقطاع مياه الشرب والكهرباء.
وفيما يبدو كأنه محاولة لإنهاء حالة الجمود التى أصابت الحياة فى البلاد بالشلل? وعززت تزايد المتشددين الذين يشتبه فى صلاتهم بتنظيم القاعدة? توجه وفد من الحزب الحاكم إلى الرياض? الخميس لمطالبة على صالح بتفويض سلطاته لنائبه لإجراء حوار مع المعارضة.
ويتيح تفويض الرئيس اليمنى لصلاحياته الدستورية لنائبه عبد ربه منصور هادى? إجراء حوار مع الأطراف الموقعة على المبادرة الخليجية? بمشاركة ائتلاف أحزاب المعارضة والحزب الحاكم للاتفاق على آلية زمنية لتنفيذها برعاية إقليمية ودولية.
وتتضمن الخطة المعدلة أيضا إعادة هيكلة الجيش اليمنى? فى غضون 3 شهور من توقيع صالح للاتفاق? على أن تجرى الانتخابات بعد رحيل الرئيس اليمنى? وتشكل المعارضة حكومة وحدة مؤقتة لفترة انتقالية تستمر عامين يظل «هادى» فيها رئيسا مؤقتا لليمن? على أن تعد الحكومة وضع مسودة دستور جديد وإجراء حوار مع جماعات متمردين مثل الحوثيين فى الشمال والانفصاليين فى الجنوب.
وفى حال فشل هذه المساعى نتيجة لتعنت «صالح» فى قبول المبادرة الخليجية? فإنه من المتوقع أن تزداد بشاعة الأوضاع الاقتصادية? لاسيما أن تلك الأزمة أدت إلى نفور رؤوس الأموال الأجنبية? إذ لم تستثمر سوى 17 شركة جديدة فقط فى اليمن خلال الربع الأول من العام الحالى مقابل 92 فى العام الماضى? كما أغلق نحو 500 مصنع أبوابها? فضلا عن تراجع الأنشطة فى قطاعات البناء والتجارة بنسبة 80%? وتوقف حركة السياحة? وفقا لما ذكره مدير مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية? أنور عشقى.
ووفقا للأرقام? فإن نسبة النمو الاقتصادى اليمنى تراجعت إلى 3% فى الربع الأول من عام 2011? ثم إلى 1.5 فى الـ5 شهور الأولى من العام ذاته? بعد أن كانت بلغت 4.5% عام 2010? فضلا عن أن خسائر القطاع الخاص تقدر بحوالى 17 مليار دولار منذ مطلع العام الحالى. فالحال فى اليمن بدا على صفيح ساخن? ليس لتدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية فحسب? وإنما أيضا لتأزم الأمور فى الجنوب اليمنى حيث الاشتباكات بين الجيش وعناصر القاعدة بعد سيطرتهم على ثلاث بلدات على الأقل? فضلا عن التصعيد الأمنى على الأرض الذى حذر منه كثير من القيادات فى السلطة والمعارضة.