لماذا يرفع بوتين سقف التهديد النووي أمام ترامب؟
شهارة نت – موسكو
التهديد الذي أطلقه الرئيس الروسي في الرد النووي التلقائي على صواريخ باليستية تهدد روسيا وحلفائها، يشير إلى أن بوتين سيتصدّى بسلاح حاسم لمنع أميركا من جرّه إلى سباق التسلّح. ومنعها كذلك من العدوان على حلفاء موسكو من الدول المناوئة لواشنطن كإيران وسوريا وكوريا الشمالية.
في خطابه للأمة قبيل الانتخابات الرئاسية، حرص الرئيس الروسي على تخطي إطار الحملة الانتخابية في تفجيره قذيفة صاروخية لم يسبق لروسيا أن تجرأت على مسّها منذ نهاية الحرب الباردة واستسلام روسيا إلى انتصار أميركا في هذه الحرب.
تضمّن العرض أنواعاً من أسلحة الرد على الدرع الصاروخي الذي تعمل أميركا على إنشائه لمحاصرة موسكو ولا سيما في رومانيا وبولندا، وهو ما يمكن أن توسّعه أميركا كما تهدد في دول البلقان وبعض الدول الخارجة عن المنظومة السوفييتية السابقة.
فالصواريخ الثقيلة المعروضة وصواريخ “كروز” الموجهّة وكذلك صاروخ “سامارت” غير المحدود بمدى معيّن، ليست “لإشغال الجمهور إلى حدّ ما ” كما علقّت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية “هيذر نويرت”.إنما هي دليل على جدّية موسكو في إظهار قدرتها على الردع، ودعوة واشنطن لأن تأخذ هذا التهديد على محمل الجدّ في التخلّي عن الرعونة والذهاب إلى تنازلات جوهرية تمنع الانفجار النووي المحتمل كما أشارت صحيفة “الاندبندت” البريطانية.
في مؤتمر ميونيخ الأمني قبيل خطاب بوتين، حذّر الخبراء المختصّون بالاستراتيجيات الأمنية من الرعونة الأميركية في الافصاح عن امكانية استخدام السلاح النووي التكيكي في بعض الحالات بحسب تعبير البيت الأبيض. ووصفوا سياسات ترامب بأنها تقود العالم إلى حافة الهاوية فضلاً عن تهديد ترامب المتزايد بالتدخل العسكري والحروب الباليستية ضد كوريا الشمالية أو ضد إيران. فالولايات المتحدة تحت إدارة ترامب تضاعف ميزانيتها العسكرية في مجال تطوير الأبحاث والأسلحة النووية. وهي التي خرقت معاهدة الصواريخ الباليستية العام 2002 في نشر الدرع الصاروخي في رومانيا وبولندا، تسعى إلى خرق معاهدة الصواريخ القصيرة والمتوسطة كما اتهم بوتين.
سيرغي لافروف يشير إلى المساعي الأميركية في دول البلقان التي تقف بين روسيا من جهة، وبين واشنطن وبروكسيل من جهة ثانية. وفي هذا السياق تتركز المساعي الأميركية والأوروبية على ما يسمى “الشراكة الشرقية” التي يحضرها ممثلون عن الاتحاد الأوروبي والكونغرس الأميركي، مع جورجيا ومالدوفيا وأوكرانيا الموعودة بصواريخ “جافلين” الأميركية.
في السياق نفسه، تنشط الأجهزة الإسرائيلية في إثارة المخاوف الأميركية من مخاطر الصواريخ الإيرانية من طرازي “شهاب” و”عماد” القادرة على رد التهديدات الاميركية من السفن الحربية القريبة من إيران. الباحث في مركز الأمن القومي يفتاح شابير يحذّر من التصريحات الأميركية والإسرائيلية بضرب إيران وانعكاس هذه التهديدات على اسرائيل. وفي إطار محاولات التوسّع الأميركي في المنطقة يكشف أمين عام مجلس الأمن الروسي الجنرال ألكسندر ينيديكتوف عن وجود 20 قاعدة عسكرية أميركية في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية غربي سوريا.
التهديد الروسي الخطير من مخاطر خروج أميركا من معاهدة الدفاع الصاروخي ونشر صواريخها خارج الحدود الأميركية، تقابله الإدارة الأميركية بما ينم عن عدم إدراك هذه المخاطر بحسب تعبير بوتين لقناة ” إن بي سي” الأميركية.
المتحدثة باسم البنتاغون “دانا وايت” هوّنت من هول القدرة الصاروخية الروسية بقولها “إنها قيد التطوير منذ فترة وهي ضمن اعتباراتنا السابقة” كأنها لا تساوي شيئاً في موازين القوى الدولية “لأن القوات الأميركية الاستراتيجية على أتم الاستعداد”، خلافاً لما يحذّر من المختصون القلقون على وضع العالم على حافة الهاوية.
يبدو أن الإدارة الأميركية التي تفتقد ما كان يسمى بالحلم الأميركي بسبب انحدارها الاستراتيجي، تحاول استنساخ سباق التسلّح الذي أدّى سابقاً إلى إفلاس الاتحاد السوفييتي وانتصار الغرب في الحرب الباردة. لكن في هذا المجال أعرب بوتين منذ مدة طويلة عن نقد ميخائيل غورباتشوف بشكل لاذع لأنه تراجع إلى الخلف في تقديم هدايا مجانية لأميركا ولم يضع السلاح موضع الفصل.