نبيل رجب.. ناشط بحريني في سجون المملكة بتهمة التعاطف مع اليمن وانتقاد التدخل السعودي
شهارة نت – البحرين
أصدرت محكمة بحرينية يوم الأربعاء حكمها على الناشط الحقوقي البحريني نبيل رجب بالسجن خمس سنوات؛ وذلك بسبب تعليقاته على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، والتي يشجب فيها الممارسات التي يمارسها التحالف العربي – بقيادة السعودية – ضد حقوق الإنسان في حرب اليمن، وقال رجب: «إن الحرب في اليمن لا تجلب إلا الدمار والكراهية والفزع»؛ لذلك أدانته المحكمة البحرينية بثلاث تهم، هي: نشر الأكاذيب، وإهانة دولة أجنبية صديقة، وإهانة القانون البحريني، وهذه التهم كانت كفيلة لكي يحكم على نبيل رجب بالسجن خمس سنوات.
وفي الحقيقة هذه ليست المرة الأولى التي يدفع فيها نبيل رجب ثمن انتقاده للحكومة البحرينية، أو ثمن مدافعته عن حقوق الانسان المهدرة في دولة البحرين، وهو معروف بآرائه المعارضة للحكم وانتهاكات حقوق الإنسان التي تمس الحقوق السياسية والإنسانية والطائفية في الكويت، بالإضافة لمعارضته الشديدة للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن ضد الشعب اليمني، وفي السطور التالية سوف نتناول مسيرة نبيل رجب في حقوق الإنسان من ميادين البحرين إلى خلف قضبان سجونها.
مسيرة طويلة من العمل الحقوقي
عام 2002 شارك نبيل رجب الحقوقي البحريني عبد الهادي الخواجة في تأسيس «مركز البحرين لحقوق الإنسان»، وذلك قبل أن تقرر الحكومة البحرينية حظر المركز، والقبض على عبد الهادي الخواجة، الذي يقبع خلف قضبان السجون البحرينية في الوقت الحالي مواجهًا حكمًا بالسجن المؤبد.
وقبل تأسيس مركز البحرين لحقوق الإنسان، بدأ نبيل رجب عمله السياسي والحقوقي بقيادة حملة ضد الانتهاكات بالتزامن مع الحركة الاحتجاجية التي شهدها الشارع البحريني في الفترة بين عامي 1994 – 2000، والتي عرفت باسم «الانتفاضة التسعينية»، والتي كان من أبرز مطالبها إعادة الديمقراطية من خلال إعادة انتخاب «المجلس الوطني الديمقراطي»، وإطلاق سراح السجناء والمعتقلين السياسيين، وإعادة المنفيين، ومنح المرأة الحقوق السياسية والقانونية، فضلًا عن المساواة وعدم التفرقة بين السنة والشيعة في البحرين.
وبزغ اسم نبيل رجب أثناء الاحتجاجات التي اندلعت في البحرين في عام 2011، وكان حساب رجب على تويتر بين أكثر النشطاء البحرينيين متابعة خلال الأحداث؛ مما دفع السلطات البحرينية إلى القبض عليه يوم 20 مارس (آذار)، وبعد إطلاق سراحه، صرح نبيل رجب، وقال: إن قوة ملثمة من الشرطة البحرينية اقتحمت منزله وقبضت عليه بالقوة، وأنه تعرض للتعذيب أثناء التحقيق معه.
وبجانب رئاسة مركز البحرين لحقوق الإنسان، يشغل رجب العديد من المناصب في مجموعة مختلفة من المؤسسات الحقوقية؛ فهو عضو المجلس الاستشاري لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤسسة «هيومن رايتس واتش»، وهو «مركز الخليج لحقوق الإنسان»، فضلًا عن إنه نائب الأمين العام في المؤسسة الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان.
وأخرى طويلة خلف القضبان
يعاني نبيل رجب ما يعانيه الكثير من النشطاء السياسيين والحقوقيين في البحرين من الاعتقال والمنع من السفر والملاحقة الأمنية للمراكز الحقوقية والسياسية التي تصدر تقارير ضد ممارسات الحكومة البحرينية ضد حقوق الإنسان وفئات الطائفة الشيعية في البحرين، ويملك رجب نصيب الأسد في الانتهاكات التي تمارسها الحكومة البحرينية ضد النشطاء السياسيين والحقوقين، فقد اعتقلت السلطات نبيل رجب 16 مرة في آخر سبع سنوات، أبرزها كان في مايو (أيار) 2012 عندما اعتقلت السلطات نبيل رجب عقب عودته من لبنان، ووجهت إليه تهمة «إهانة الكيان القانوني» و«المشاركة في احتجاجات غير مرخصة»، وبسبب والتهمة الثانية؛ حُكم على نبيل رجب بالسجن ثلاث سنوات في أغسطس (آب) من عام 2012.
وبعد ثلاث سنوات، تحديدًا في 15 مايو (تموز) 2015، حصل نبيل رجب على عفو ملكي وتم الإفراج عنه – لأسباب صحية – وبعد 13 شهرًا فقط ألقت البحرين القبض على رجب مرة آخرى في يونيو (حزيران) 2016، ووجهت له اتهامات بنشر أكاذيب تسيئ إلى المؤسسات الأمنية البحرينية، وبالأخص وزارة الداخلية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الغربية، وبعد عام من التحقيق حكمت محكمة بحرينية على رجب بالسجن لمدة سنتين.
في أغسطس الماضي أصدرت منظمة هيومن رايتس واتش تقريرًا عن الحالة الصحية المتدهورة للناشط نبيل رجب، ويوضح التقرير أن الاعتقال المتكرر المصحوب بالتعذيب والحبس الانفرادي أثر بالسلب على الحالة الصحية لرجب، ففي الشهور الأخيرة أجرى نبيل رجب عمليتين جراحتين، وتم إعادته إلى السجن بعد وقت قليل من العمليات الجراحية، دون مباشرة الرعاية الصحية اللازمة، وعانى رجب مرتين من نوبات انخفاض في معدل ضربات القلب، وتطورت لديه مجموعة أخرى من المشاكل الصحية مثل انخفاض عدد كريات الدم البيضاء، فضلًا عن إصابته بالاكتئاب.
ولم تتوقف البحريين عن القبض على نبيل رجب طيلة السنوات الأخيرة، على الرغم من الكثير من الانتقادات الدولية التي تطالبها بالتوقف عن القبض وقمع المعارضين، والذين من بينهم نبيل رجب؛ ففي عام 2016 أثناء زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للبحرين، طالب أوباما البحرين بالإفراج عن نبيل رجب وعن بقية المعتقلين السياسيين، وعلق أوباما صفقة بيع مقاتلات إف-16 التي جرى إبرامها في وقت سابق بين البيت الأبيض وحكومة البحرين؛ حتى تتحسن أوضاع حقوق الإنسان في البحرين.
مازالت هناك قضايا أخرى في انتظار نبيل رجب
في الرابع من سبتمبر (أيلول) 2016 نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية مقالًا كتبه نبيل رجب من داخل محبسه بعنوان «خطاب من داخل سجن بحريني»، ويصف رجب في هذا المقال الظروف القاسية للمعتقلين السياسيين داخل السجون البحرينية، وطالب إدارة باراك أوباما حينها بالتدخل من أجل حل النزاع في اليمن.
في صباح اليوم التالي لنشر المقال، استدعى المدعي العام البحريني نبيل رجب، وحقق معه، ثم وجه إليه تهمة نشر أخبار زائفة في وسائل إعلام غربية من شأنها الإساءة لسمعة الدولة البحرينية، وفي ديسمبر (كانون الأول) من عام 2016 واجه نبيل رجب مرة أخرى تهمة نشر الأخبار الكاذبة، بعد أن نشرت صحيفة «ليموند» الفرنسية مقالًا آخر له يطالب ألمانيا وفرنسا بالتوقف عن إمداد البحرين بالسلاح حتى تحقق تقدمًا في مجال حقوق الإنسان، وتتوقف عن قمع المعارضين واعتقال النشطاء الحقوقيين والسياسيين، ولكن لم يتم تحديد موعد للمحاكمة في أي من التهمتين حتى الآن.