دراسة تقييمه لحملة التوعية الوطنية لمكافحة الكوليرا في ضوء معايير واستراتيجيات التسويق والإعلام الاجتماعي للباحث الصالحي
شهارة نت – القاهرة
نشرت مجلة (Arab Media & Society) الصادرة عن الجامعة الأمريكية بالقاهرة في عددها الحالي (الخامس والعشرين) دراسة علمية حديثة للباحث اليمني/ حاتم علي الصالحي بعنوان “تقييم فاعلية توظيف استراتيجيات التسويق والإعلام الاجتماعي في حملات الصحة العامة: دراسة حالة على حملة التوعية الوطنية لمكافحة أزمة الكوليرا في اليمن”
ووفقا للباحث فإن دواعي إجرائه لهذه الدراسة جاء من أهمية الحملة نفسها التي تُعتبر تدخلا صحيا استراتيجيا لم يقتصر على مجرد التوعية فقط، بل أمتد ليشمل توزيع المحاليل والمواد الدوائية، وفتح مراكز علاجية، ومسح مصادر المياه ومعالجتها، ونظرا لما حظيت به الحملة من دعم وإشراف المنظمات الصحية الدولية وتعاون الجهات الحكومية، فضلا عن انتشارها الواسع الذي شمل كل المحافظات اليمنية، وشارك فيها أكثر من 41 ألف شخص من العاملين الصحيين والمعلمين والمتطوعين، وهو ما دفعه لرصد وتقييم الحملة في ضوء استراتيجيات ومعايير التسويق الاجتماعي والاستراتيجيات الاتصالية لوسائل الإعلام الاجتماعي، بهدف الكشف عن مدى توظيف الحملة للاستراتيجيات والمعايير العلمية بطريقة فعالة.
وقد اعتمدت الدراسة على منهج دراسة الحالة كونه يسمح باستخدام العديد من الأساليب البحثية في جمع البيانات، مثل: المقابلات وتحليل محتوى المواد الإعلامية، وهي أساليب منهجية اعتمدت عليها الدراسة في رصد وتحليل جهود وأنشطة الحملة.
وتوصلت الدراسة من خلال التحليل الكيفي والكمي للمقابلات والمواد الإعلامية والأنشطة الخاصة بالحملة إلى النتائج الآتية:
• مثل أي تدخل صحي، واجهت حملة التوعية الوطنية للوقاية ومكافحة الكوليرا عوائق بيئية وأخرى فردية، وبتحليل أدبيات الحملة والمقابلات كشفت النتائج وجود اهتمام جيد من قبل شركاء الحملة بتوظيف الاستراتيجية الفعالة للتسويق الاجتماعي في معالجة المشاكل الصحية، حيث تم توجيه الجهود لمعالجة العوائق البيئية كتنفيذ أنشطة الاصحاح البيئي، كما تم فتح المراكز والزوايا العلاجية وإمدادها بالعلاج المناسب لمكافحة مسببات المرض، إلى جانب توجيه جهود أخرى لمعالجة العوائق الفردية كتوعية الأفراد والأسر بالنظافة الشخصية والعامة، والوقاية من المرض، واتباع السلوكيات الصحية السليمة، وكان الاهتمام بمعالجة العوائق الفردية أعلى من التركيز على معالجة العوائق البيئية، ويرجع ذلك لكون معالجة بعض العوائق البيئية تحتاج موارد كبيرة عجزت الحكومة اليمنية والمنظمات الدولية عن تلبيتها.
• توفرت معايير حملات التسويق الاجتماعي في الجهود والأنشطة التي نفذتها الحملة، حيث استهدفت الحملة تغيير السلوكيات غير الصحية بسلوكيات صحية سليمة كالنظافة الشخصية والعامة وغسل اليدين والخضروات، ورفع نسبة الأسر التي تستخدم مياه نظيفة ومعقمة، وكلورة مصادر المياه، كما قسمت الحملة الجمهور وفقا للنطاق الجغرافي لانتشار الوباء إلى قسمين: المديريات ذات الخطورة العالية، والمديريات ذات الخطورة المتوسطة والمتدنية، وتم وضع خطط الحملة بناءا على نتائج أبحاث الجمهور التي استهدفت قياس معارف وسلوكيات الجمهور عن الكوليرا والوقاية منها، كما طبقت الحملة عناصر المزيج التسويقي، وجاء الاهتمام بعنصري الترويج والمنتج أكثر من عنصري الثمن والمكان، وقدمت الحملة بعض الفوائد والمزايا المادية وغير المادية للجمهور، وحاولت مواجهة بعض القوى التنافسية، والقضاء على العقبات التي تواجه تنفيذ الحملة، ووفقا لما أكدته الأدبيات السابقة بأن تطبيق أكثر من نصف معايير التسويق الاجتماعي يعطي نتائج مفيدة في فاعلية الحملة، فإنه يمكن القول بأن حملة التوعية الوطنية قد توفرت فيها أغلب معايير التسويق الاجتماعي، ما يجعلها حملة تسويق اجتماعي فعالة من الناحية الاستراتيجية.
• استخدمت الحملة وسائل الإعلام الاجتماعي في الترويج لطرق الوقاية من الكوليرا ومكافحتها ضمن الاستراتيجية الشاملة للاستجابة للأزمة، وشُكلت لجان متخصصة لإدارة هذه الوسائل، ووظفت الحملة عدة وسائل اجتماعية، أبرزها الفيس بوك، ويوتيوب، وجوجل بلس، وتويتر، ووُجد قصور في الاستراتيجية العامة وتحديدا في التكامل بين الوسائل الاجتماعية الأربع التي وظفها المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني، حيث لم يتم الربط بين الوسائل الاجتماعية التي وظفها المركز وهي الفيس بوك وجوجل بلس ويوتيوب وتويتر من خلال مشاركة روابط مقاطع الفيديو المنشورة باليوتيوب وجوجل بلس في الفيس بوك، ومشاركة هشتاجات ومنشورات تويتر على صفحة الفيس بوك، ونشر رابط صفحة الفيس بوك الرسمية للمركز على قناة اليوتيوب وحساب جوجل بلس، وتم توظيف استراتيجيات الرسالة الإعلامية (المعرفية والوجدانية والسلوكية) عبر صفحات الفيس بوك الرسمية لشركاء الحملة بدرجة جيدة، أما فيما يتعلق باستراتيجيات بناء العلاقات يمكن القول بأن الجمهور تفاعل مع منشورات الفيس بوك، وشارك نشر هشتاقات الحملة ودعوة الأصدقاء لمشاركة منشورات الحملة، والإعجاب بصفحة المركز، وجاء تفاعل الجمهور بالدرجة الأولى مع منشورات الحملة عبر موقع الفيس بوك بدافع كسب المسابقة التي أعلنها المركز على صفحته الرسمية بالفيس بوك، حيث طُلب من الجمهور الاشتراك بالمسابقة والحصول على جوائز مقابل نشر ومشاركة المنشورات ودعوة الأصدقاء للمشاركة في النشر، واتضح ذلك من خلال تحليل التعليقات التي جاءت غالبيتها عبارة عن مشاركة للمنشورات، والإشارة للأصدقاء في التعليقات، ومع ذلك وُجد بعض القصور في هذه الاستراتيجية وتحديدا في بعض جوانب ممارسة الحوار التفاعلي مع الجمهور عبر هذه الوسائل، إذ لم تُنشر أرقام هواتف القائمين على إدارة هذه الوسائل وعناوينهم على البريد الإلكتروني، كما لم يتم عمل استطلاعات لرأي الجمهور في الحملة ونشره على الوسائل الاجتماعية التي وظفتها الحملة.
الجدير ذكره أن الباحث حاتم الصالحي يحضر درجة الدكتوراه في كلية الإعلام/ جامعة القاهرة، وله كتاب صدر قبل أيام عن دار عالم الكتب بالقاهرة بعنوان “العلاقات العامة والاتصال التفاعلي”، وله ايضا العديد من الأبحاث المنشورة في الدوريات العلمية المحكمة،