وداعا استاذنا وشهيدنا الخالد ..
عرفته سهول وجبال اليمن , فهوا عاش لليمن الأرض والإنسان وفي سبيلهما ذهب شهيدا متوجا بأكاليل الغار والكرامة والشرف والنزاهة ونقاء السيرة والسريرة ..
الشهيد المناضل / عبد العزيز عبد الغني صالح , أو ( الأستاذ) وهي الصفة التي كانت تعبر هوية الرجل وتجسد حقيقة الدور والموقف اللذين عبرا بهما شهيدنا وأستاذنا المناضل الوطني الكبير عن هوية وطنية أصيلة وصادقة ومجبولة بكل قيم الانتماء الوطني الصادق ..
( الأستاذ) لقب شهيدنا الراحل وصفة اتصف بهاء وقضى جل سنوات حياته ( استاذا ) بكل فخر واعتزاز .. من ( كلية بلقيس) في عدن المحتلة _ حينها _ والمشطورة بعدها انطلقت رحلة الأستاذ في سفر المعادلة الوطنية ومن ( أستاذ ) ومعلم للطلاب إلى أستاذ ومعلم لكل قيم الهوية والانتماء الوطنيين .. فهوا معلم في الاقتصاد ومعلم في السياسة ومعلم في الحكمة والحصافة والولاء الوطني .. بكاريزمية قيادية استثنائية عرفنا الأستاذ عبد العزيز عبد الغني في ( كلية بلقيس) ثم ( لجنة النقد اليمني ) ثم ( البنك المركزي اليمني ) قبل أن يكلف بتشكيل أول حكومة يمنية في 26ينائر 1975م .. ليتعانق قدره برفقة قائد مسيرته والوطن رفيق رحلته النضالية في أحلك مراحل تاريخنا الوطني في ال( 17 من يوليو 1978م ) وهكذا تلاحمت رؤية وحكمة فخامة الأخ / علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية _ حفظه الله_ مع شريك مسيرته الوطنية الأستاذ / عبد العزيز عبد الغني ليشكلوا معا ومع رفاق وشركاء مخلصين وصادقين آخرين وبريشتهم أطياف مرحلة من أكثر مراحل تاريخنا الحديث والمعاصر وهي مرحلة حافلة بالتحديات العصيبة والمحزنة والمفجعة , لكن كل مواصفات هذه المرحلة لم تثني هؤلاء الرموز من تطويعها ومن ثم تحويلها إلى أخصب مراحل تاريخنا تنمية وتطور وتقدم ومنجزات عظيمة وعملاقة ..
لقد ساهمت ريشة أستاذنا الوطنية في تشكيل معالم وأطياف الأحداث ورسمت بحبر النقاء والولاء والانتماء معالم وأحداث كان لها الأثر الإيجابي في تنمية وتقدم وتطور اليمن ..
وخلال الفترة ( 1978م_ 2011م) وهي المرحلة الزمنية الأكثر حضورا في مسارنا وذاكرتنا الوطنية وفي صفحات تاريخنا الوطني , حيث شكل ( الأستاذ) مع رفيق نضاله الوطني والقائد التاريخي لليمن فخامة الأخ / علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية _ حفظه الله_ ورفاق آخرين إلى جانبهم , أقول شكلوا فريق متناغم ومتكامل لعمل وطني استثنائي وغير مسبوق في مسارنا الوطني , ومعا استطاعوا أن يصلوا باليمن إلى هذه المرحلة الحضارية المتقدمة , بل وتمكن هذا الفريق النخبوي من رموزنا الوطنية الاستثنائية بقيادة فخامة الأخ الرئيس ومشاركة وتفاعل وتفاني وإخلاص ووفاء (الأستاذ) عبد العزيز عبد الغني أن يغيروا خارطة الوطن اليمني بل وينجزوا تحولات وطنية عملاقة كانت لمن سبقهم ولنا تندرج في سياق الأماني المستحيلة والأفعال الخيالية..
عرف الأستاذ عبد العزيز بالهدوء والتواضع والنزاهة والاستقامة والإيثار والتضحية , كما عرف برباطة الجأش والثبات عند الشدائد والملمات وما أكثر الملمات والشدائد التي عايشها أستاذنا الراحل وشهيد وطن 22مايو ..
في عام 1978م وحين كان الوطن يمر في أخطر محطاته تقدم فخامة الأخ الرئيس ليتحمل مسئولية إنقاذ الوطن وقد كان هذا وبشهادتنا والعالم , ولم يكون الأستاذ عبد العزيز عبد الغني بعيدا عن تلك المرحلة بعواصفها وبتحدياتها فخاض إلى جانب فخامة الأخ الرئيس معركة إنقاذ الوطن من شرنقة تلك الأحداث الجسيمة ..لذا كلف الأستاذ عبد العزيز في (30 مايو 1978م) بتشكيل حكومته الثانية ..في ( 24 يونيو 1978م عين عضوا في المجلس الرئاسي الذي تشكل على اثر اغتيال المقدم أحمد الغشمي ) .. في ( 15 أكتوبر 1980م عين نائبا لرئيس الجمهورية).. ليعاد تكليفه بتشكيل الحكومة اليمنية الجديدة في 0 12 نوفمبر 1983م) ليظل الأستاذ الشهيد حاضرا في تفاصيل المشهد السياسي الوطني والعربي والدولي بقدرة تأثر وتأثير وبموضوعية منحت المشهد السياسي الوطني ألقا وتميزا , وحتى قيام دولة الوحدة اليمنية التي عمل في سبيلها ومن أجلها أستاذنا الشهيد الراحل بكل إيثار وتضحية ومصداقية , وفيما تم اختياره كعضو في مجلس الرئاسة لدولة الوحدة في 22مايو 1990م فقد حاز على ثقة مجلس النواب في ( 11 أكتوبر 1990م) على ( 242 صوتا من أصوات المجلس المكون من ( 301 عضوا) وجاءا في المرتبة الثانية بعد فخامة الأخ الرئيس الحائز يومها على ( 263 صوت) ..
وقد ظل الأستاذ عبد العزيز عبد الغني يؤدي واجبه الوطني بكل تفاني ومصداقية فكان رحمه الله مرجعية وعنوان للحكمة والحصافة والرؤى الصائبة لم يعشق التسلط ولم يقال عنه أو عن أيا من أفراد أسرته ما يسئ لهذا الرمز الوطني والقومي والدولي والشخصية اليمنية التي حملت على كاهلها قصة وطن وحكاية شعب ..
ولم يرحل الشهيد الأستاذ بطريقة التواري والابتعاد المقنن لكنه رحمه الله رحل شهيدا وهو في قلب المعادلة الوطنية الأخيرة التي كان مع قائده وقائدنا فخامة الأخ الرئيس ي