مشروع “كلمة” للترجمة يصدر رواية من الأدب الأمريكي اللاتيني بعنوان “الهدنة” لماريو بين
أصدر مشروع “كلمة” التابع لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث رواية جديدة بعنوان “الهدنة”? لكاتب من أروغواي يدعى ماريو بينيديتي ? وقام بترجمة الرواية صالح علماني.
كتبت الهدنة على أنها “مذكرات مارتين سانتومي” بطل الرواية وهو موظف أرمل يقترب من الخمسين أمضى حياته بين دفاتر الحسابات? ويرى أن الوقت قد فات على تحقيق شيء مهم بعد بلوغه تلك السن? ولم يعد بإمكانه أن يتعلم أي شيء ولا حتى العزف على الغيتار? إنه لا يعقد آمالا?ٍ كبيرة على المستقبل ولا يقلقه إلا ما سيفعله بوقت الفراغ الطويل عندما يصير الوقت كله ملك يده? بعد تقاعده وإحالته على المعاش? ولهذا نجده يعيش هاجس الزمن: “لم يعد أمامي سوى ستة شهور وثمانية وعشرين يوما?ٍ كي أصبح مؤهلا?ٍ للإحالة على التقاعد? منذ خمس سنوات على الأقل وأنا أحسب هذا التقويم اليومي لرصيد عملي”. هكذا يبدأ سانتومي مذكراته? ويتواصل هذا الهاجس حتى الصفحة الأخيرة من الرواية: “لقد انتهى زمن المكتب? ابتداء?ٍ من يوم غد وحتى يوم موتي? سيكون الوقت كله رهن مشيئتي? هاهي البطالة بعد طول انتظار فما الذي سأفعله بها?” رمادية الواقع اليومي الروتيني والتردي والإحباط وغياب الرؤية المستقبلية لدى هذا الموظف الممثل للطبقة المدينية? كلها أمور يعاني منها مارتين? ولا يعرف كيف له أن يخرج من هذه الدائرة التي ستودي به إلى الجنون.
لمارتين سانتومي ثلاثة أبناء بالغين يعيشون معه في البيت نفسه وجد نفسه مضطرا?ٍ إلى تربيتهم وحيدا?ٍ بعد وفاة زوجته? والخروج بهم قدما?ٍ? لأن ذلك هو المخرج الوحيد? ولكيلا يواجهه المجتمع بتلك النظرة الحتمية التي يحتفظ بها للآباء القساة? ولكن الأبناء صاروا في العشرين أو الثلاثين من أعمارهم? كما أن علاقته بهم ليست على مايرام? فلكل منهم عالمه الخاص? وبسبب هذه الأجواء الكئيبة التي يعيشها مارتين بين المكتب والبيت تنطفئ روحه ويتحول إلى شخص متوحد وحزين? ولكن ينقلب كل شيء فجأة إلى النقيض عندما يتعرف على لورا ابييانيدا? الموظفة الجديدة ذات العينين الهادئتين? إنها فتاة شابة لها من العمر نصف سنوات عمر سانتومي? ولكنها ذكية وحازمة ومحبة للعمل واثقة بنفسها? وبظهورها تعود روح سانتومي إلى الحياة مع وميض حبه لهذه الفتاة? زلزال رهيب يهز كيان بطلنا الذي يجد السعادة بعد أن حرمته منها الحياة لسنوات طويلة? ها هو يلتقي بالحب ولكن ذلك الحب لم يكن سوى “هدنة” مجرد هدنة من السعادة لن تستمر سوى شهور قليلة? ولابد لكل هدنة من نهاية ولابد من العودة إلى الوضع السابق.
الوحدة وانعدام التواصل? الحب والسعادة? والموت? والمشاكل السياسية هي بعض الأمور التي يواجهها القارئ في “الهدنة” التي ت?ْرجمت إلى عشرات اللغات? وجرى اقتباسها للسينما والتلفزيون والمسرح والإذاعة? ولكنها كانت أولا?ٍ وقبل كل شيء متعة استثنائية للقراء في أنحاء العالم كافة. إنها واحدة من أجمل وأعذب روايات الحب وأشدها قوة ورشاقة في أدب أميركا اللاتينية.
مؤلف الرواية ماريو بينيديتي شاعر وروائي وناقد أدبي وباحث ومسرحي? يعتبر أحد أبرز وجوه الأدب في بلاده (أروغواي) وفي أميركا اللاتينية في القرن العشرين. بدأ الكتابة منذ سن الحادية عشرة? وعمل أستاذا?ٍ للأدب في جامعة الجهورية في مونتيفيديو? ومحررا?ٍ أدبيا?ٍ في مجلة مارتشا الأسبوعية. كتب في كل الأجناس الأدبية? بما في ذلك رواية شعرية بعنوان “عيد ميلاد خوان آنخل”? وله ما يزيد على الثمانين كتابا?ٍ في الشعر والقصة القصيرة والرواية والمسرح والدارسات النقدية. وقد اقتبست أعماله للمسرح والسينما والتلفزيون? وغنى أشعاره عدد من أشهر نجوم الغناء في أميركا اللاتينية وإسبانيا. وت?ْرجمت رواياته وأشعاره إلى أكثر من عشرين لغة.
المترجم صالح علماني? من فلسطين يقيم في سوريا? ولد في مدينة حمص/ سوريا عام 1949. عمل في وكالة الأنباء الفلسطينية? ومترجما?ٍ في السفارة الكوبية بدمشق? ثم عمل في وزارة الثقافة السورية (مديرية التأليف والترجمة? والهيئة العامة السورية للكتاب) حتى بلوغه سن التقاعد عام 2009. وقد تخصص منذ أواخر السبعينيات في ترجمة الأدب الأمريكي اللاتيني? فقدم عشرات الترجمات لأبرز كتاب أميركا اللاتينية. ن?ْشرت ترجماته في بيروت ودمشق وعم??ِان والكويت والقاهرة وتونس. شارك في العديد من المؤتمرات والندوات وحلقات البحث العربية والدولية حول الترجمة. وأشرف على عدد من ورشات الترجمة التطبيقية في الترجمة في معهد ثربانتس بدمشق.