كيف استطاعت دمشق أن تثير قلق “اسرائيل”
شهارة نت – سوريا
في السنوات الأخيرة الماضية، كانت سوريا منشغلة بمحاربة الجماعات الارهابية المسلحة التي صالت وجالت على أرضها بدعم أمريكي صهيوني، لذلك استغلت تل أبيب الفرصة وقامت باعتداءات متواصلة بحق الأراضي السورية، ولكن اليوم قد نفذ صبر القيادة السورية لاسيما بعد الانتصارات المتتالية التي حققتها بوجه الجماعات المسلحة، فقامت بتوجيه تهديد شديد اللهجة لتل أبيب، مشيرة إلى أنها ستوجه ضربات ماحقة لأهداف منتخبة في العمق الإسرائيلي من بينها مطار “بن غوريون” وذلك من خلال استهدافها بصواريخ “سكود”ذات الدقة العالية.
وقد أخذت تل أبيب هذه التحذيرات على محمل الجد، حيث طلب رئيس الحكومة الصهيونية “بنيامين نتنياهو” من الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” التدخل لإقناع الرئيس السوري “بشار الأسد” بعدم تنفيذ تهديداته، والامتناع عن استخدام صواريخ “اس 400” الروسية المتطورة للدفاع الجوي لضرب أهداف إسرائيلية.
ويبدو أن القيادة الروسية لم تستجب لمطالب تل أبيب باعتبارها تتناقض مع سيادة سوريا وحقها في الدفاع عن نفسها أمام أي اعتداء صهيوني.
وتجدر الإشارة إلى أن سوريا تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الكيان الصهيوني لإعادة منطقة “الجولان” التي احتلها هذا الكيان عام 1967، محذرة في الوقت نفسه من اللجوء للقوة إذا تمادت تل أبيب في عدوانها على الأراضي والأجواء السورية.
وطيلة أكثر من نصف قرن سعت إسرائيل وبدعم أمريكي واضح في كافة المجالات إلى الضغط على سوريا، ووصل الأمر إلى التفكير بتقسيم هذا البلد عن طريق دعم الجماعات الإرهابية بالتنسيق مع الأنظمة الحليفة لواشنطن في المنطقة وفي مقدمتها النظام السعودي.
وبفضل صمود الشعب السوري وقواته المسلحة ودعم إيران وروسيا ومحور المقاومة لم تتمكن تل أبيب وواشنطن والرياض من تنفيذ مخططهم ضد سوريا رغم انشغال الأخيرة بالدفاع عن نفسها ضد الجماعات الإرهابية وتمكنها أخيراً من إلحاق هزيمة شبه نهائية بهذه الجماعات.
وذكرت صحيفة “الاندبندنت” البريطانية في تقرير لها الأسبوع الماضي نقلاً عن نتيناهو قوله أن تل أبيب شنّت عشرات الهجمات الجوية على سوريا خلال السنوات الست الماضية، ما يعني أن دمشق قد ألقت الحجة بشكل تام على المجتمع الدولي ولم يعد أمامها خيار سوى الرد بقوة على هذه الاعتداءات التي تعبر عن انتهاك صارخ لوقف إطلاق النار غير المعلن بين الجانبين.
وسعت تل أبيب وواشنطن والرياض لإضعاف سوريا بكل الطرق المتاحة ومن بينها محاولة إشعال حرب أهلية في هذا البلد من خلال دعم الجماعات الإرهابية، الأمر الذي ثبت فشله بفضل صمود الشعب السوري وقيادته وقواه الوطنية ودعم الدول الحليفة لهم وفي مقدمتهم إيران وروسيا وقوى المقاومة وفي طليعتها حزب الله.
وتخشى إسرائيل من أن يؤدي دعم إيران والمقاومة لسوريا إلى تضييق الخناق عليها، خصوصاً وأن طهران وحزب الله يعلنان دوماً وبصراحة استعدادهم التام لنصرة الشعب الفلسطيني من أجل استعادة حقوقه المغتصبة في الأرض والوطن وفي مقدمتها حق العودة.
ومما زاد في هذه المخاوف الانتصارات الكبيرة التي حققتها سوريا بدعم من إيران وحزب الله وباقي قوى المقاومة على الجماعات الإرهابية المدعومة من تل أبيب وواشنطن والرياض، إلى جانب الصمود المنقطع النظير الذي يبديه الشعب الفلسطيني وكافة فصائله المقاومة وفي طليعتهم حركتا “حماس” و”الجهاد الإسلامي” في التصدي للجرائم الصهيونية وإصرارهم على طرد الاحتلال رغم التباين الواضح بالإمكانات بين الجانبين في كافة المجالات.
وعلى الرغم من وجود علاقات بين تل أبيب وموسكو إلّا أن الأخيرة ترفض المساس بسوريا، لأنها تدرك جيداً أن إضعاف هذا الحليف الاستراتيجي سيصب في صالح المشروع الصهيوأمريكي الرامي إلى الهيمنة على مقدرات المنطقة.
وكانت سوريا قد تصدت للعديد من الاعتداءات الجوية الإسرائيلية في أوقات سابقة إلّا أن الأمر لم يصل إلى حد التحذير الشديد الذي أطلقته مؤخراً بضرب أهداف منتخبة في العمق الإسرائيلي كمطار بن غوريون بأسلحة متطورة من بينها صواريخ سكود.
ويبدو أن دمشق قررت هذه المرة وضع حد للتجاوزات الإسرائيلية، ولم يعد بإمكانها السكوت أمام هذه الانتهاكات المنافية للقوانين الدولية والتي تجيز لسوريا استخدام كل ما لديها من أسباب القوة للرد على هذه الانتهاكات.
وتعلم سوريا جيداً أن الردع العسكري هو السلاح الوحيد الذي يرغم الكيان الصهيوني على عدم التمادي بالعدوان، وهذا ما أثبتته التجربة، وبرز هذا بشكل واضح عندما تمكن حزب الله من هزيمة جيش الاحتلال في حرب تموز عام 2006.
إذن يبقى الرد العسكري من قبل سوريا على إسرائيل هو الخيار المرجح في هذه المرحلة باعتباره السبيل الأمثل لدفع العدوان من جانب، وكسر شوكة الأطراف الداعمة لتل أبيب وفي مقدمتهم واشنطن والعواصم الغربية والإقليمية الحليفة لها من جانب آخر.