أمريكا وإيران ومسلسل الاتفاق النووي وصواريخ اليمن
شهارة نت – تحليل
تزعم أمريكا أنها تمتلك وثائق تفيد بوجود مساعدات صاروخية إيرانية لليمن، لذلك فإن بعض الدبلوماسيين في الأمم المتحدة سيقومون بزيارة إلى واشنطن، وسيلتقون الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض للاطلاع على هذه الوثائق.
وكانت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي، قد عرضت صوراً في مؤتمر صحفي لها، وقالت إنها أجزاء تعود لصاروخين تم انتشالها وإعادة تجميعها من صاروخ باليستي صُنع في إيران، وزعمت وجود أدلة غير قابلة للإنكار على ذلك، وأن ذلك الصاروخ هو ذاته الذي أطلقته القوات اليمنية على السعودية قبل شهرين.
لكن سرعان ما اثارت هذه المزاعم ردود فعل المسؤولين الإيرانيين، حيث رفضت الوزارة الخارجية الايرانية هذه الادعاءات واعتبرت أن هذه المزاعم تأتي في سياق التشبث بسياسة إيران فوبيا.
وفي ذلك الوقت، رفضت حتى الأمم المتحدة تأكيد ادعاءات المسؤولين الأمريكيين. وفي هذه الظروف، وبعد مضي أكثر من شهر على الادعاءات المناهضة لإيران من قبل ممثل الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، يسعى البيت الأبيض مرة أخرى لاستخدام هذا السلاح المجرب من أجل ممارسة الضغوط على إيران.
فبركة الوثائق مرة اخرى
ما يثير الانتباه في زيارة مندوبي مجلس الأمن إلى واشنطن والاجتماع بالرئيس ترامب، أنه سيتم عرض ما تبقى من الوثائق المتعلقة بالدعم الصاروخي الإيراني لليمن. ودعت نيكي هايلي أعضاء مجلس الأمن إلى زيارة ما تبقى من الصواريخ الموجودة حاليا في مستودع عسكري في واشنطن لتأكيد ادعاءات البيت الأبيض.
وفي مؤتمر صحفي عقد الشهر الماضي، عرضت نيكي هايلي أسطوانة معدنية طويلة بطول بضعة أمتار، على أنها صاروخ إيراني، ولكن في الوقت نفسه، كان هذا الادعاء، بأن هذه القطعة المعدنية هي ذات الصاروخ الذي تم اطلاقه على السعودية، مشبوه، لأنه قبل ذلك، وكما أعلن وزير الدفاع السعودي أن الصاروخ تم تدميره على ارتفاع مئات الامتار عن طريق المنظومة الصاروخية السعودية. ونتيجة لذلك، فإن المسرحية الأمريكية هذه تشوبها مغالطات، على الرغم من أن سلطات واشنطن تحاول إعادة اجراء هذه المسرحية مرة أخرى.
الاتفاق النووي والبرنامج الصاروخي الإيراني لا يمتان إلى بعض بصلة
من ناحية أخرى، ومما يثير الانتباه هو طرح الموضوع الصاروخي الإيراني من جانب الولايات المتحدة وربطه بالاتفاق النووي الإيراني الدولي.
ان الاتفاق النووي بكونه اتفاق دولي بين إيران والدول الأعضاء في مجموعة 5+1، يقتصر على الموضوع النووي الإيراني فقط، كما انه إجراء يشترك فيه طرفان لكسب الثقة فيما يخص الموضوع النووي، ولكن دونالد ترامب يحاول ربط هذا الاتفاق، بالملف الصاروخي الإيراني بذريعة ان هذا الاتفاق ناقص وغير متكامل.
ومن ناحية أخرى، أدت المخاوف إلى أن تكون الاتفاقيات الدولية بين الغرب والدول الأخرى في موضع مُساءلة، إلى جعل روسيا والصين أكثر حذرا ازاء الاتفاق النووي وأن يتجنبوا مواكبة الولايات المتحدة في ربط البرنامج الصاروخي بالاتفاق النووي.
ومن الواضح والطبيعي بالنسبة لهذه البلدان أن فشل الاتفاق النووي يعني فشل الثقة في الغرب، وبالتالي سيؤدي إلى زيادة عدم ثقة بلدان أخرى، ولا سيما كوريا الشمالية بالغرب.
والواقع أن فشل الاتفاق النووي سيبعث برسالة إلى كوريا الشمالية مفادها أن المفاوضات والاتفاقيات مع الغرب لن تثمر عن أي شيء، وبالتالي يجب على كوريا أن تواصل برامجها النووية والصاروخية لمواجهة التهديدات الأمريكية والتصدي لها ولحفظ سيادتها وسلطتها.
ومن الطبيعي أن تؤدي هذه القضية إلى زيادة الصراع، ليس في شبه الجزيرة الكورية فحسب، وإنما أيضا في أجزاء أخرى من العالم، بما في ذلك غرب آسيا. وذلك لأن عدم الثقة ستُضعف وتقوّض امكانية الاتفاق والتعاون من أجل إرساء السلام بين الدول.
عدم شرعية التدخل الأجنبي في برامج إيران الصاروخية
تأتي مزاعم المسؤولين الأمريكيين المناوئة لإيران فيما يخص برامج إيران النووية، في الوقت الذي تُعتبر فيه البرامج الصاروخية الإيرانية بشكل عام، جزءا من أنشطة إيران الدفاعية المشروعة، وضمن إطار القوانين والأنظمة الدولية.
إن الأنشطة النووية الإيرانية لم تهدد دول المنطقة حتى الآن، وتعتبرها طهران نشاطا ضمن البرنامج الدفاعي الشرعي للبلاد، شأنه في ذلك شأن العديد من البلدان الأخرى، بأن يكون في إطار القانون الدولي.
ولا يوجد أي قانون أو اتفاق دولي يقيد حق الدول من امتلاك الصواريخ الدفاعية الغير نووية، وعلى هذا الأساس فإن طرح هذا الموضوع من قبل البلدان الأوروبية والولايات المتحدة هو تدخل في الصلاحيات والشؤون الداخلية لسيادة إيران.
وفي ظل هذه الظروف، من الطبيعي جدا أن تعارض طهران بشدة أي مفاوضات ومحادثات عن قدراتها وإمكانياتها المشروعة مع البلدان الأجنبية.
ومن ناحية أخرى، يشير النهج العدائي من قبل الدول الغربية، خاصة الولايات المتحدة، تجاه إيران إلى أن الغرب سيبقي ملف مواجهة إيران مفتوحا ولن يسعى لإغلاقه ابدا.
وتمحورت معظم الهجمات اللفظية والمواقف التي تبناها المسؤولون الأوروبيون والامريكيون، قبل طرح موضوع الملف الصاروخي، على الموضوع النووي الايراني، وفي هذه الأيام، وبعد اجتياز النقاش النووي، أصبح البرنامج الصاروخي الإيراني، هو الملف التالي للغرب لمواجهة إيران والوقوف ضدها.
وعلى الرغم من أن السلطات الإيرانية رفضت بشكل قاطع الخوض في أي نقاش يخص ملفها الصاروخي، ولكن مع افتراض قبول هذه القضية والموافقة على التزامات جديدة، فإن الولايات المتحدة وحلفائها سيثيرون بوضوح قضايا اخرى واحدة تلو الأخرى، وسوف يستمر هذا السيناريو. الامريكيون لم ولن يكون لديهم ابدا أي قلق انساني، بل إنهم أنفسهم يمثلون التهديد الرئيسي على المجتمع البشري في الوقت الحاضر. وإنهم يرغبون بالتصرف في هذا العالم كيفما تشتهي أنفسهم، دون ان يكون أمامهم من يعيق أو يعرقل عملهم، وإذا كان عكس هذا الشيء، فسيقمعون ويحاربون معارضيهم باستخدام مختلف الأساليب والوسائل، بما في ذلك استغلال حقوق الإنسان بشكل سيء وكذلك مشروعهم الزائف المتمثل بمصالح المجتمع الدولي.