اسباب الظهور الأمريكي من جديد في العراق!
شهارة نت – استطلاع
الحروب والدمار والتخريب هو القوت الذي تتغذى عليه أمريكا، لتبقى وتسمر فهي لاتستطيع أن ترى هذا العالم ينعم بالسلام، ففي الشرق الاوسط لم تحدث حرب أو صراع إلا وكانت الولايات المتحدة الأمريكية سببه، لذلك من الطبيعي أن نشعر بالقلق عندما نعلم أن أمريكا تريد نشر السلام في منطقة ما، حيث مفهوم السلام لديها يعني التشريد والقتل وسفك دم الأبرياء…
قبل حوالي “14” عام جاءت واشنطن لتنشر الديمقراطية والسلام في العراق، وتعيد له مجده السابق وأصالته وحضارته من الديكتاتور “صدام” كما كانت تدّعي، مر العقد الأول ولم تنجز الولايات المتحدة الأمريكية أي خطوة إيجابية في العراق بل على العكس عانى العراق في ظل تواجدها أكثر مما كان يعاني قبل حضورها إلى هناك، وأبرز نتائجها كانت “تخريب البنى التحتية، تهجير، قتل، سرقة آثار…..وغيرها” والأهم من هذا أنها كانت السبب الرئيس في إيجاد منظمات إرهابية تغلغلت في العراق وانتشرت مثل السرطان الذي كاد أن يقضي عليها بالكامل، لولا وجود قامات وطنية التفت حول بعضها البعض تحت مسمى “الحشد الشعبي” الذي خلقته المرجعية ورعته إيران وساهمت بشكل كبير في إنضاجه ووضعه على الطريق الصحيح للقضاء على الإرهاب في العراق.
وخلال سنوات قليلة تمكن الحشد الشعبي والقوات العراقية من طرد تنظيم “داعش” الإرهابي إلى غير رجعة، ولكن مع خروج الوكيل “داعش” بدء الأصيل “أمريكا” بالعودة إلى ساحة العراق والمشهد العسكري فيها من بوابته المعتادة “العنف والقتل”، حيث قامت طائرة آباتشي أمريكية ليل السبت_ الأحد بقصف قوات أمنية عراقية، تضم مقاتلين من الشرطة والحشد الشعبي في ناحية البغدادي غربي محافظة الأنبار، وبحسب مصدر أمني فقد أدى القصف الأمريكي إلى قتل 7 أشخاص وإصابة 11 آخرين في قصف طائرات أمريكية في ناحية البغدادي.
السؤال الأبرز اليوم ماذا تفعل الولايات المتحدة الأمريكية في العراق بعد خروج “داعش” منها، وفي حال صدقت الأنباء بأن المستهدف كان من العملية هو “خلية إرهابية” وبأنها جاءت بتنسيق مع القوات العراقية، هل واشنطن هي الأنسب لهذه المهمة؟ التاريخ القريب والبعيد يقول بأن واشنطن هي أبعد من تكون عن محاربة الإرهاب وإلا لما انتشر في ظل تواجدها وتكاثر بهذا الجنون الذي كاد أن يمحي دولا بأكملها، وبالتالي هناك احتمالين يمكن أن نطرحهما: إما واشنطن كانت عاجزة عن محاربة داعش والتصدي لهذا الفكر المتطرف، أو هي من يدعم هذا التنظيم الإرهابي ويموله بالمال والسلاح، وفي كلتا الحالتين يمكن القول بأن التواجد الأمريكي في العراق غير مبرر وعلى الحكومة فرض الضغوط على الأمريكان لإخراجهم من البلد قبل أن يعيثوا بها فسادا مثل السابق.
وفي حال أراد العراقيين إرساء السلام في بلادهم عليهم الضغط على حكومتهم لإخراج القوات الأمريكية من العراق، حيث تملك واشنطن الآن أكثر من 9000 جندي و12 قاعدة عسكرية على الأراضي العراقية، ولا أحد يعرف ما هي المهمة الرئيسية لهؤلاء العاجزين عن دحر أي منظمة تهدد أمن العراقيين، واليوم يقومون بقتل المدنيين تحت حجج واهية كتلك الحجج التي دخلوا بها العراق.
إذا القوات الأمريكية هي عامل مزعزع للأمن ولا يشكل تواجدها أي إحساس بالأمن وما حدث ليل الجمعة يوضح هذا الكلام، حتى أن زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الذي دان وقوع الضحايا في العملية التي شهدتها ناحية البغدادي، تحدث عن الدور التخريبي للقوات الأمريكية في العراق قائلا في تغريدة له على تويتر : “مرة أخرى يثبت الاحتلال الأمريكي طغيانه وعنجهيته بل وتعديه السافر على حكومة العراق واستقلاليتها وسيادتها، وذلك بقصفه العشوائي والظالم لناحية (البغدادي) الذي راح ضحيته الأبرياء بغير وجه حق”.
ومن جانبه لفت الأمين العام لعصائب أهل الحق قيس الخزعلي في تغريدة على تويتر إلى أن استهداف ناحية البغدادي، يطرح تساؤلات “مهمة وخطيرة” حول التواجد العسكري الأمريكي في العراق.
أما كلام رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية، حاكم الزاملي، قائلا: “الذي نستغربه عندما تطلب القوات العراقية إسناداً من الطيران الأمريكي لمعالجة هدف إرهابي يتحججون بأن معهم نساء وأطفال،لكن اليوم يتم قتل نساء وأطفال بدم بارد من دون طلب من العراق”. مضيفا في بيان له: ” ما قامت به قوات الاحتلال الأمريكي باستهداف الأبرياء مدير ناحية البغدادي ومدير مركز الشرطة وعدد من النساء والأطفال هو استهتار بكل ما تحمله الكلمة من معنى”، مشيراً إلى أنه “يمثل تجاوز فاضح وعدم احترام لسيادة الدولة العراقية“.
ونفى عذال الفهداوي، عضو مجلس محافظة الانبار، صحة الرواية الرسمية عن الحادثة، وأكد أن العملية استهدفت أحد أبرز المقاتلين في الحشد العشائري الذي كان له دور كبير في إحباط الكثير من هجمات داعش التي استهدفت الناحية خلال السنوات الماضية.
وكان لافتا كلام النائبة عن التحالف الوطني في العراق، فردوس العوادي، التي دعت الحكومة إلى رفع شكوى قضائية لمجلس الأمن الدولي ضد قوات التحالف الدولي، لقصفها “المستمر المتعمد لقواتنا المسلحة”.
هذه ليست المرة الأولى التي تعتدي فيها القوات الأمريكية على القوات الأمنية العراقية وتقتل مدنيين، وفي حال لم تقف الحكومة العراقية في وجه هذه الممارسات التي نراها أبعد ما تكون عن “العفوية” أو “الخطأ” ستتكرر مرة أخرى، لأن هزيمة “داعش” أخرجت واشنطن عن طورها ولم يبقى أمامها سوى التدخل هي بشكل شخصي لسد الفراغ الذي خلفه التنظيم.