كاتب أمريكي يكشف عن جرائم الولايات المتحدة بحق الأبرياء
شهارة نت – امريكا
سياسة مبنية على صناعة الحروب ونشر الفوضى، تسعى للتدخل في شؤون الدول لعقد صفقات تخدم اقتصادها وتبقي على نفوذها في العالم، التاريخ يشهد ويحكي عن معاناة آلاف الأبرياء من ارتكاب الجرائم وسفك الدماء، هكذا كان التاريخ الأمريكي، وهذه هي سياسة البيت الأبيض التي تفكر فقط في مصالحها، على حساب تمزيق الشعوب وتدمير الحضارات.
“جيريمي سكاهيل” الكاتب والصحافي الأمريكي الذي يروي في كتابه “حروب قذرة”، سلسلة من الجرائم والتاريخ الأسود الذي كشف عن قصص مأساوية بعيدة عن الإنسانية والرحمة، في أفغانستان والعراق والصومال واليمن، استهداف إجرامي طال الآلاف من الأبرياء، كما كشف كتاب “تحقيقات صحافية مذهلة” للكاتب الأمريكي نعوم تشومسكي، كشف تجهيز البيت الأبيض لفرق خاصة في الجيش الأمريكي، مهمتها قتل من يشكل خطراً على الولايات المتحدة أودون اسمه في قائمة الإرهابدون أي دليل.
هذا هو حال الحكام الأمريكيين، خاصة بعد عهد جورج دبليو بوش وباراك أوباما، حيث تتخذ القرارات الشخصية بقتل من يعارض أو يشكل تهديداً للمصالح الأمريكية في العالم، كما ذكر الكاتب الأمريكي “سكاهيل”، عدة قصص تكشف الحقائق المأساوية في التاريخ الأمريكي، ومن بينها قصة مواطن أميركي من أصل يمني، رجل دين اسمه أنور العولقي، الذي تعرض لاعتقالات ومضايقات دون أية دلائل، وأشار الكاتب أن السياسات الأمريكية تدفع ببعض الأفراد ليصبحوا أقرب إلىفكر تنظيم القاعدة، فهذا الرجل أصبح خطيباً في مسجد في دنفر في ولاية كولورادو، وبسبب خطاباته وفصاحته، تعاظمت شهرته بعدها بين الكثير من المسلمين في الولايات المتحدة، لتبدأ رحلته ومعاناته مع مكتب التحقيقات الفدرالي في العام 1999، وتم اتهامه بعدة قضايا لا تمت بالحقيقة بأية صلة، وأهمها أن اثنين من منفذي هجوم 11 أيلول/ سبتمبر 2001، كانا يصليان في مسجد كان يؤمّه أنور العولقي في سان دييغو، وأكد الكاتب بحسب معلوماته، أن العولقي أدان بشكل صريح هجمات 11 أيلول/ سبتمبر، متّهماً منفّذيها بتشويه الإسلام.
هذه الاتهامات الباطلة بحق هذا المواطن هي من جملة عدد من المضايقات بحق المسلمين والعرب في عدة مناطق أمريكية، وأشار الكاتب عن عرض المحققين الأمريكيين للعولقي باختراق صفوف تنظيم القاعدة، إلا أنه رفض بشدة، وقرر العودة إلى اليمن بسبب المضايقات، ومع عودته إلى اليمن، وجد العولقي شبكة الانترنت أفضل وسيلة ليستمرّ بنشر قناعاته، وهي الشبكة التي كان قد لجأ إليها كثيراً قبل أن يغادر الأراضي الأميركية وصار له متابعون كثر عبرها. وكانت قناعاته تلك قد باتت أكثر عدائية تجاه واشنطن وسياساتها، ووصلت إلى حد دعوة المسلمين إلى ترك الولايات المتحدة كي لا يكونوا جزءاً من هذه السياسات،
لكن الاتهامات التي ساقتها أجهزة استخبارات الولايات المتحدة بحق أنور العولقي بعد ذلك وصلت إلى حد وصفه بالرجل الأهم في تنظيم القاعدة بعد بن لادن، ثم أمير هذا التنظيم، لكن من دون وجود أي دليل على الإطلاق على ضلوع العولقي بأي نشاط عملائيّ، أو أي شيء آخر غير الدعاية ونشر المدوّنات والتواصل مع بعض الناس عبر الانترنت، وتم اغتيال العولقي في محافظة الجوف شمال العاصمة صنعاء، ولكن ليس بمفرده، بل كان بصحبة سمير خان، وهو فتى أميركي من أصل باكستاني، انتقل وهو في أولى سنيّ شبابه لينضمّ إلى القاعدة في اليمن، لكن أي دليل لم يكن قد ظهر بعد على قيامه بأي نشاط عمليّ ضد الولايات المتحدة عندما تم قتله.
ويذكر سكاهيل، أن المسؤولين الأميركيين والصحافة الأميركيون نشروا الكثير من الأكاذيب لتبرير مقتل عبد الرحمن، كانضمامه إلى تنظيم القاعدة بعد بلوغه الـ 21 من العمر، الأمر الذي تنفيه شهادة ميلاد عبد الرحمن التي يظهر من خلالها أنه قُتل بعمر الـ 16 عاماً.
ويضع جيرمي سكاهيل في كتابه أمام القارئ الكثير من القصص عن “عمليات قتل استهدافي” نفّذتها بشكل خاص قيادة العمليات المشتركة JSOC وهي الوحدة التي بدأ يتّسع نفوذها ودورها مع إدارة جورج دبليو بوش، ولاحقاً باراك أوباما، بقيادة ماك كريستال، ولاحقاً ماك رافين، وهو الذي كان على رأس هذه الوحدة عندما نُفّذت عملية اغتيال بن لادن في مدينة أبوت آباد الباكستانية.
ومن الجرائم الأميركية هذه، القصف الذي نفّذته الطائرات من دون طيار الأميركية على قرية المعجّلة اليمنية، مما أسفر عن مقتل وجرح العشرات. لكن تلك العملية لم تكن الوحيدة في اليمن، بل نفذت الـ CIA وJSOC العديد من العمليات المشابهة، حيث كانت السلطات اليمنية تدّعي أنها هي من قامت بها، وذلك حفاظاً على ماء الوجه على الصعيد الإعلامي، كي لا تظهر السيادة اليمنية ألعوبة بيد الأميركيين.
أما في أفغانستان، فقد أوصلت معلومات خاطئة JSOC إلى منزل أحد ضباط الشرطة الأفغانية، حين كانت العائلة تقيم احتفالاً لمولودها الجديد، لكن الاحتفال هذا انتهى بكارثة نفّذها جنود أميركيون بعد أطلقوا النار على العديد من الحاضرين، منهم نساء كنّ حوامل. وبعد أن عرف هؤلاء الجنود ما فعلوه، قاموا بطعن أجساد بعض النساء بالسكاكين لتعزيز ادعاء بأن ما حصل كان جريمة شرف في قضية عائلية، كما سحبوا الرصاصات من أجسادهنّ لإخفاء الدليل على جريمتهم.
كما يروي كيف عمدت وكالة الاستخبارات الأميركية إلى دعم أمراء الحرب الفاسدين في الصومال، منذ تسعينيات القرن الماضي، مما عزز حالة الفوضى في ذاك البلد، الأمر الذي أدى إلى نشوء ما سُمَّيَ “اتحاد المحاكم الإسلامية” من أجل وضع حد لأمراء الحرب وممارساتهم، إلا أن مساهمة بعض العناصر ذي الميول القاعدية في نشاطات اتحاد المحاكم هذا، أدى إلى نظر الأميركيين إليه على أن كل من ينتمي إليه هو تابع للقاعدة. هكذا دفعت الولايات المتحدة بأثيوبيا إلى اجتياح الصومال، مما دفع هذا البلد إلى موجات عنف دامت سنين طويلة، كان من أهم نتائجها استغلال القاعدة، أو “حركة الشباب” (مجموعة صومالية بايعت القاعدة) للنقمة الشعبية على الاحتلال الأثيوبي من أجل تعزيز نفوذها بين الشعب الصومالي، وإظهار نفسها كحركة مقاومة تريد تخليص الشعب من الاحتلال.
هذه النتيجة العكسية للجهود الأميركية لم تقف في الصومال، بل حصلت أيضاً في كل من أفغانستان واليمن، حيث أدت عمليات القصف العشوائية وقتل المدنيين إلى حالة غضب شعبي دفعت بالكثير من القبائل إلى التعاون مع طالبان ومع القاعدة من أجل قتال الجيش الأميركي، ويلقي جيريمي سكاهيل الضوء في كتابه “حروب قذرة”، وهو المؤلّف لكتاب عن شركة “بلاكووترز” الأمنية التي تجنّد مرتزقة من حول العالم، على العديد من الشركات الأمنية التي نفّذت السياسات الأميركية في عدة بلدان، فدور ضباط وعناصر وحدات النخبة في الجيش الأميركي لا ينتهي بعد تقاعدهم على ما يبدو، بل ينتقل هؤلاء للعمل في شركات تتعاون مع الجيش الأميركي من أجل تنفيذ اغتيالات والتحقيق مع متّهمين.
بلاكووتر، بقيادة إريك برنس، هي الشركة الأبرز في هذا الإطار، بالإضافة إلى ساراسين، إكزكيوتيف أوتكومز، AECOM، OSPREA لوجستكس، إنترناشيونال أرمورد، هارت سكيوريتي، باكروفت .. كلها شركات أمنية تعاونت مع الجيش الأميركي في مهمات عديدة، خاصة في الصومال، حيث درّبت قوات الأمن الصومالية ونالت حصة من العقود لحماية السفن التجارية التي تتعرّض للقرصنة في بحر هذا البلد.
لاتزال هذه السلسلة الإجرامية مستمرة لتصل إلى القدس والأقصى، بعد القرار الجائر الذي اتخذه ترامب، وأدى إلى انتفاضة جميع المسلمين في العالم، أيضا في سوريا والعراق وليبيا، هذه التدخلات الأمريكية لا تنتج إلا الفوضى وتشتيت الشعوب.