صدور كتاب “أوراق متفرِّقة” للسفير “نزر الله نذار”
شهارة نت – القاهرة
عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة؛ صدر كتاب « أوراق متفرِّقة » ، للسفير “نزر الله نذار” سفير جمهورية طاجيكستان السابق في القاهرة.
الكتاب يقع في 240 صفحة من القطع الكبير، ويضم مختارات من قصائد للمؤلف كتبها باللغة العربية ، وأخرى لشعراء آخرين من طاجيكستان نقلها إلى العربية ، بهدف إعادة مد جسور التواصل بين الثقافتين الشقيقتين العربية والطاجيكية بالإبداع والترجمة بعد قطيعة دامت قرون.
ومما جاء في مقدمة سعادة السفير “نزر الله نذار” للكتاب:
( بلدي اسمه طاجيكستان ، المعروفة بـ “بلاد ماوراء النهر” قديماً ، تلكم البقعة الصغيرة النائية من أرض المعمورة قد أنعم الله عليها بكثرة الجبال الشاهقة وغزارة المياه المتدفقة نحو الأسفل لتروي ظمأ وديانها ووديان بلاد أخرى تجاورها ، وخصَّ أبناءها بصفاء القلوب ونقاء الضمائر وطهارة الإيمان ، يجتمع فيهم شموخ الجبال ووداعة الوديان… والطاجيك من أقدم شعوب العالم تاريخاً وحضارة ، ومن أكثر المسلمين إسهاماً وأريحية في حمل راية الحنيفية السمحة علماً وشريعة ، ومن أحرصهم على إحياء السنة النبوية الشريفة الطاهرة تحقيقاً وتدقيقاً ، ومن أقرب الناس ارتباطاً وصلةً بالعرب منذ صدر الإسلام.
وأنا طاجيكي الجنسية ، عضو اتحاد كتاب طاجيكستان ، وُلدتُ سنة 1949م في أسرة معلم مدرسي بقرية تسمى “دَرْغْ” وهي قرية من القرى الجبلية النائية تحتضنها جبالٌ انتصبت شموخاً بين غيرها من جبال طاجيكستان ، قرية يسقيها نهر “زرفشان” الذي يندفع مسرعاً نحو سمرقند وبخارى ، كان ذات يوم قد شرب منه رجالٌ كالإمام البخاري والفقيه أبي الليث السمرقندي وشيخ الرئيس أبي علي بن سينا… وما أكثرهم عدداً تدين لهم الحضارة الإسلامية!.
وأول لمسة لي بلسان الضاد حدثت في سنة 1967م عندما التحقت بكلية اللغات الشرقية (فرع اللغة العربية) بجامعة طاجيكستان الوطنية بمدينة دوشنبيه ، وأخذتْ تتبلور لدي بوادر ما أنا فيه الآن من القناعة بأنني لم أُخطِئ إطلاقاً في اختيار مهنة تختص بالعرب ولغتها البليغة وآدابها السامية وثقافتها الأصيلة العريقة التي تأثرتْ بها ثقافة أبناء بلدي ، وبين ثقافات الشعوب والأمم قلما نجد ثقافتين تلتقيان في الأصالة والتفاعل كما هو الحال بالنسبة للثقافتين العربية والطاجيكية… وفي عهدٍ مضى منذ الفتوحات الإسلامية في بلاد ما وراء النهر وخراسان كانت هاتان الثقافتان ثقافة واحدة وإن اختلفت لغة التعبير عنهما ، وحتى أن اللغة الطاجيكية – وهي اللغة الفارسية عينها – تأثرت كثيراً باللغة العربية وأخذت منها كل ما استطاعت أن تأخذه من كلمات ومفردات لتصبح بذلك مزيجاً جميلاً من العربية والفارسية ، وفي كل ما بلغتْهُ الثقافة الطاجيكية من السمو والرقي في عهدها ما بعد انتشار الإسلام يعود فيه الفضل إلى الثقافة العربية ومدى التفاعل بها ، والتاريخ المشترك حافل بأمثلة رائعة عن هذا القبيل من التفاعل والتواصل.
وكانت هذه الحقيقة الساطعة قد ملأت شغاف قلبي حباً للعربية ، وأفاضته حماساً للتعمق فيها بغية توظيف نفسي بقدر ما تؤهلني معرفتي اللغوية في إعادة مد جسور التواصل بين الثقافتين الشقيقتين العربية والطاجيكية بالإبداع والترجمة بعد قطيعة دامت قرون… وفيما بعد لتحقيق هذا المشروع أسستُ الملتقى الثقافي الطاجيكي العربي.
وباكورة أعمالي نشرتها صحيفة “أنباء موسكو” الصادرة آنذاك بالعربية ، كما قمتُ بترجمة نماذج من الأدب العربي إلى الطاجيكية ، نُشِر معظمها في الصحف والمجلات العربية.
واليوم ارتأيتُ أن أجمع في هذا الكتاب مختارات مما عثرتُ عليه بين دفاتري ورفوف كتبي من قصاصات فيها قصائد كتبتُها بالعربية ، وأخرى للشعراء الآخرين نقلتها إلى العربية ، لأضعها بين يدي القارئ الكريم راجياً أن تنال بعض رضاه ، مؤكداً أن ما قمت به من مجهود حتى الآن ليس سوى قطرة من البحر وأن الإبحار والتبحر فيه أكثر عمقاً أمنية مقصودة وغاية منشودة أعلل بهما نفسي ، والخوض في هذا الخضمّ كان وسيبقى منهله الاندفاع الذاتي…)