إدارة المركبات.. معركة المفخخات والإشاعات
بقلم / ديمة ناصيف
الرهان الروسي على إنجاح اتفاق، لا قصف فيه ولا قتلى ولا اشتباكات، لم يصمد إلا أشهر، الجيش السوري أوقف عملياته في الجبهات التي تتداخل فيها مجموعات مسلحة مشاركة في الاتفاق كجيش الإسلام، وأخرى كالنصرة وفيلق الرحمن وأحرار الشام ترفضه، وسمح بإخراج حالات صحية ضمن اتفاق تبادل مع مختطفين ومعتقلين لدى جيش الإسلام.
من دون خرق مجموعات أحرار الشام وفيلق الرحمن وجيش الإسلام وهجومها على إدارة المركبات في حرستا، كان يمكن لاتفاق خفض التصعيد أن يعبر إلى الغوطة الشرقية بأكملها، وإنهاء كل إمكانية لاستخدام هذه المجموعات إقليمياً لتهديد العاصمة أو الهجوم على مواقع الجيش على أطرافها.
الرهان الروسي على إنجاح اتفاق، لا قصف فيه ولا قتلى ولا اشتباكات، لم يصمد إلا أشهر، الجيش السوري أوقف عملياته في الجبهات التي تتداخل فيها مجموعات مسلحة مشاركة في الاتفاق كجيش الإسلام، وأخرى كالنصرة وفيلق الرحمن وأحرار الشام ترفضه، وسمح بإخراج حالات صحية ضمن اتفاق تبادل مع مختطفين ومعتقلين لدى جيش الإسلام.
الجيش السوري استعاد المبادرة، ضجيج البيانات العسكرية لا يشبه الوقائع على الأرض، فالهجوم تم استيعابه، بعد تقدم مجموعات من قوات النخبة في الفرقة التاسعة التي تم استقدامها من درعا بقيادة العميد نزار فندي “أحد القيادات التي شاركت في استعادة الشيخ مسكين بريف درعا والنقاط الحدودية مع الأردن” ومجموعات أخرى من الفرقة الرابعة والعاشرة والـ14 والحرس الجمهوري بقيادة العميد غيث دلا “الذي قاد معركة تحرير بيت جن ومغر المير بريف دمشق الغربي”.
المجموعات تقدّمت وصولاً إلى دوار المواصلات وعززت النقاط في مبنى الأمن الجنائي والمرور ومبنى المحافظة والموارد المائية غرب مبنى إدارة المركبات، لتأمين نقاط انطلاق نحو الإدارة، لاستعادة المبان والنقاط التي تسلل إليها المسلحون.
الاختراق بدأته النصرة وأحرار الشام بعد رفع جدار المفخخّات في نقاط الجيش السوري في الأبنية المحيطة للإدارة في الأمن الجنائي والمرور في محاولة للسيطرة عليها، وتوسيع سيطرتها على حي العجمي والحدائق وجسرين المجاورة للإدارة غرباً، ونشرها قناصة على أسطح أبنيتها لتأمين سيطرة نارية عليها، أربع مفخخات أمنت خرق المهاجمين في هجومهم الثاني، وسيطرتهم على مشفى البشر وقطع الطريق نحو عربين وإلى الادارة بشكل كامل. ومن ثم تسلل مجموعات إلى داخل الإدارة وسيطرتها على أكثر من مبنى بعد تفجير مفخخة وإحداث ثغرة تسللوا منها.
المفخخات لم تكن سلاح المسلحين الوحيد،في المعركة “وإن ظلموا”، الإشاعات التي بثتها تنسيقيات المسلحين عن انشقاق مجموعات من القوات الرديفة للجيش (درع القلمون) والتي عقدت معها مصالحات بعد استعادة برزة والقابون، وطلب الجيش للتفاوض من أجل إخراج القوات الموجودة داخل الادارة. زادت من ضبابية المشهد، وتحديد نقاط الخرق.
عشرات الغارات للطيران تقصف الخطوط الخلفية للمسلحين في مديرا وحمورية ووبيت سوى وحرستا، لمنع وصول تعزيزات للمجموعات، وعرقلة إمدادها.
ويصادف هجوم المجموعات في حرستا، ذروة الاستنزاف العسكري والشعبي الذي أصابها بعد جولات اقتتال متقطع طيلة عامين، أحبط البيئة الحاضنة بسبب حصار داخلي وتجويع وتسلط المجموعات المسلحة على مخازن الغذاء وأنفاق التهريب. اجتمع الخصوم في عملية واحدة للقول بأنها لاتزال قادرة على شن هجوم واسع على موقع للجيش السوري في أطراف العاصمة دمشق.
إدارة المركبات أكبر مواقع الجيش في الغوطة، الممتدة لـ3 آلاف م2 وأكثر من 200 مبنى، رهان المسلحين لسنوات، والسعوديين من خلفهم، للقفز من غابة مبانيها المتشعبة، لاختراق دمشق. لكن سرعة استيعاب الهجوم يستعيد صورة عبث القتال بعد تحصين دمشق، وبعد محاولة سابقة يائسة جربت فيها نفس المجموعات الهجوم على نقاط الجيش في جوبر والقابون للوصول إلى ساحة العباسيين وانتهت بصد الهجوم واستعادة القابون وبرزة.
وقف إطلاق النار في الغوطة ستبقى تهدده المجموعات المسلحة التي لا تزال هي أيضاً رهينة قرار مموليها في قطر أو السعودية، واحتفاظها بهامش للمناورة للانقلاب متى شاءت، أو شاء ممولوها، على أي سلم سوري، في اتفاقات خفض التصعيد، الذي كان يفترض أن يؤسس بقوة لمؤتمر سوتشي.