صنعاء .. مدينة العيب الأحمر
مسكينة صنعاء التي (كان) لا بد منها وإن طال السفر? مسكينة صنعاء التي رسمت تاريخها من عصر ما قبل التدوين وقبل التاريخ إلى عصر? نهاية التاريخ:- مدينة سام ? آزال? صنعو? ..إلى آخر التسميات التي علمنا مما وصل إلينا من آثار? وما لم نعلم بسبب سرقة ونهب الآثار من قبل (حمران الأيدي والعيون).
صنعاء التي تحملت هجمات شهوة الملك والسلطة? وجرائمها التي كانت ترتكبها الفئات? المنتصرة دوما? وهي دائما جرائم ضد الإنسانية (ترويع? نهب? قتل? إغتصاب) لكن للأسف لم يكن العالم حتى القرن العشرين يعرف هذه المسمى (جرائم ضد الإنسانية) فكان المنتصر دائما? يرتكب تلك الجرائم مرفوع الرأس? موفور السؤدد:-? سبأ وحمير? وأحباش? وفرس? ورومان وامويون وعباسيون وزيود? وأتراك? وبريطانيون…? إلى غيرها من الدويلات التي كانت تنشأ تبعا?ٍ لهوى السلطة? وتضمحل تبعا?ٍ لهوى الفساد والإفساد? ثم الكساد.والعجيب أننا في هذه الأيام رأينا كثيرا من الجرائم ضد (الإنسانية) وحتى الآن لم يعاقب عليها أحد لعدم توافر الأدلة ولطول إجراءات التقاضي!? فما أشبه الليلة بالبارحة.
الباعث على الدهشة أن صنعاء التي لم يمت فيها العلم والإبداع? والعدل والحق في أي عصر من عصور الفجائع والأزمات السابقة? وحتى في ظل الهجرات التي كانت تحدث من عموم مدن الإيمان? إلا أنها ظلت مركز جذب لطلاب العلم والحياة? و للمبدعين من كل مكان ومن كل الألوان -لا أستطيع هنا ضرب الأمثلة التي ملأت كتب التراجم والسيروالحضارة والعمارة والابداع-وها هي أخيرا?ٍ- في ظل دولة ‘ ليس في الإمكان أجهل مما كان? ليس في الإمكان أفسد مما كان’- وقد ماتت- أخيرا?ٍ-? في ‘صندوق وضاح?ُ بلا ثمن?ُ وتفرقت أيدي صنعاء’? فبعد ان كنا نقول ونخاف أن يعود ( شمال اليمن? وجنوب اليمن)..صرنا نقول شمال صنعاء برعاية (علي محسن صالح) القايد الحصري والوحيد للمنطقة العسكرية الشمالية الشرقية? وجنوب صنعاء برعاية ( علي عبد الله? صالح) الرئيس الحصري والوحيد للجمهورية اليمنية.
صنعاء الآن ترزح برغم هوائها الرائق الرقراق? بلاهواء? ولا ماء . ضاعت بساتينها? ومزارعها في أعاصير الفساد.صنعاء التي انتمت دوما?ٍ إلى مدن النور مهما اشتدت بها الأزمات? واستبد بها طغاة الظلام? تموت الآن موتا سريريا?ٍ? بين ظلمتين:- ظلمة ابناءها الجاحدين الفاسدين? وظلمة مؤسسات الكهرباء.من يصدق بأن ابناء صنعاء صاروا يبتزون بعضهم البعض? ويأكل كل واحد منهم من لحم أخيه في أول اختبار حقيقي? في موقعة( البترول والديزل والماء)? إختبار سقط فيه الجميع: النظام والأهالي وقوات الجيش وقوات الأمن? على السواء? وفازت الأنانية والاحتكار? والإبتزاز والمغالاة? بقيادة? الجهل و’ الإستجهال’? و الغباء و’ الإستغباء’? وأخيرا?ٍ الفساد والاستفساد الذي نشأ وترعرع أبناؤها الكرام عليه في سنين الجدب الفكري الأخيرة.
صنعاء المدينة (الكوزموبوليتية) جرى تفكيكها بمهارة إجرامية عبقرية? لتصبح أحادية العرق- عرق الفساد الدستوري!! فأبناؤها الذين جاءوا من كل مكان وكل جنس ومن كل بلدان العالم بدون استثناء? اندمجوا في فسيفسائها? وصاروا تروسا?ٍ في عجلة يومياتها? وهي قبلتهم جميعا?ٍ? صارت بلدهم جميعا?ٍ? لكنهم- ويالمكرالماكرين صاروا يتعاملون معها كمحطة للتنقل لا الوصول? كوسيلة لا غاية.صارت محطة لغسيل الأفكار? والأموال القذرة على حد?ُ سواء.تحولت من ميناء للرسو في أرض الكرامة الإنسانية والحرية الربانية والابداع? إلى مجرد مقلب للبحث عن ‘لقمة عيش’ تتعلم فيه كيف تأكل وتشرب وتصمت وتنام.صارت مكانا لتتعلم فيه ما تشاء وكيف تشاء وما تشاء ? وخصوصا?ٍ للوافدين عليها? الذين يجعلون منها محطة للحصول على شهادة خبرة لعمل لم يكونوا ليقبلوا فيه في أي مكان في العالم. لقد ملأ الجهلة والنكرات من العاملين الأجانب شركات الغاز والنفط والمحاسبات? وخبراء التعليم والصحة والتجارة والإدارة المحلية الأجانب( الفاسدين!!) الذين يملأون الوزارات.
صنعاء? انتفضت? الآن? كأكبرميدان يمني?ُ للتغيير والسعي نحو يمن?ُ أفضل ? لكنها انتكبت بميادين أكثر للتقهقر? انقلبت أحياؤها بقدرة فاسدين محترفين إلى ميادين لقبائل شتى حتى صرت لا تميز في صنعاء بين وكيل وزارة أو مدير عام مؤسسة? أو حتى أستاذ في الجامعة? وقاض?ُ? ومناضل قديم? وبين قاطع طريق من قيفه أوالجوف? أوابين أو شبوةأومارب أو الحداء- مع تقديري لكل الأحرار الشرفاء من جميع تلك الأرجاء? .. كلهم صاروا ابناء (الشرعية الدستورية) التي لم توجد الأنموذج الحضاري? بل هذه المواطنة البدائية الأنانية التي تتسنح الفرص للنهش من لحم الوطن? للاستمتاع على حساب الآخرين? وبأساليب ي?َسوق بأنها تمثل الحق الدستوري ? بالرغم من أن أحدا?ٍ من لصوص الوطن لم يلمس في يديه في أي يوم هذا المظلوم الدستور..صنعاء تكاد تغرق في بحيرات آسنة كبيرة تحاول أن تطغى على تيار التغيير المتدفق? تحاول التغطية? وتلطيخ وجهه? وتسميته باسم?ُ ليس اسمه:- التخريب! بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير.? فهذة