كتابات

أهالي حي الجامعة.. حياة الموتى طال مداها ..

بلغ السيل الزبى ? طفح الكيل ? نفذ الصبر ? وبلغت المعاناة الانسانية والاقتصادية والاجتماعية أوجها .. ولم يعد هناك المزيد من من القدرة على الصبر والاحتمال ? فنحن خلال اكثر من ستة شهور نقبع في سجن قسري جماعي دون ذنب اقترفناه ? او جرم أرتكبناه ? فصرنا أموات أحياء .. في زمن موت الضمير والقيم لدى من استباحوا حياتنا مسرحا لهرجهم ومرجهم .. ولا من مجيب !!.

عبارات بحت اصوات قائليها من نساء ورجال وشيوخ وعجائز الأحياء الجاثمة فيها خيام المعتصمين في العاصمة اليمنية صنعاء ? منذ نصف سنة مضت وهم يتجرعون كؤوس الطيش والمجازفات كرها .. صمت آذانهم من صخب الضجيج و تعكرت حياتهم من تدخلات الغريب .. و فرضه لقوانينه وسلوكياته في تلك الأحياء .. بما يشبه احتلال سول لنفسه سن قوانين المكان خارج نطاق ارادة ورغبة المالكين و الساكنين

الوضع لا يحتمل بالفعل .. المعاناة في أحياء الاعتصام لم تترك مجالا من مجالات الحياة الا وطالته وعكرته .. ولم يعد هناك من متنفس ولو وحيد يكفل المزيد من الصبر والمكابرة ..

الحياة الاقتصادية تعطلت بالكامل .. زاد من تفاقم الوضع المعيشي البائس لدى الاهالي .. فلم يعد هناك منفذا لكسب الرزق او السعي لاجله ? فالمحلات والمصالح التجارية مقفلة منذ نصف سنة قسرا .. لم يعد هناك من يرتاد المكان طلبا للسلعة والشراء .. فخيام الاعتصام وقوانين الدخول التي فرضت لمن يرغب في ارتياد المكان كفيلة بان تجعلك تمتنع عن التفكير حتى في زيارة تلك الاحياء والمحلات التجارية .. هذا اذا بقي هناك تجاره ..

الخسائر هائلة .. لا يمكن ان تحصيها مصفوفة معينة فالكل هناك خاسر .. صاحب البقالة و صاحب البوفيه والكفتيريا ..والمكتبة والكشك .. ناهيك عن المحلات التجارية العملاقة التي كانت ذات يوم يشار اليها بالبنان ويرتادها الالاف من ابناء العاصمة للابتياع ..

من يصدق ان حي الجامعة الذي كان يوما مزدحم بالحياة التجارية والعلمية والتسوق اصبح محاطا بالخيام من كل الالوان كقرية في صحراء .. تعيش عصور ما قبل الحداثة.. لكم ان تتخيلوا ايضا مقدار التراكمات الاقتصادية المتفاقمة منذ ستة شهور ..!

الحياة الاجتماعية .. من يصدق ان النساء قد اعتكفن في بيوتهن نصف سنة لم يعدن يفكرن بالزيارات الاجتماعية وحتى بالخروج للتسوق او العمل .. المرأة اليمنية بقيمها وتقاليدها المحافظة لن تتقبل ان تكون عرضة للتحرش او التفتيش او التدخل وهي تمر من الشارع ولو ليوم واحد .. نحن نتحدث عن اكثر من نصف سنة من هذا الوضع .. ولكم ان تتخيلوا المأساة.

الاطفال يعبرون عن معاناتهم بحروف مرتبكة وملامح بريئة لكنها غاضبة وساخطة .. فمنذ اكثر من 200 يوم وانا لم اذهب للعب ولم ازور الحديقة .. ولم انعم بالحرية .. فتلك الصور الغريبة الملامح تصيبنا بالفجيعة والرعب ..

تسائلوا معي .. اي سجن قسري اعتى من ذلك السجن واشد مرارة وعذاب ?

بعيدا عن السياسة والمواقف .. من حق اي قوة ان تعبر عن ذاتها سلميا وان تعتصم سلميا .. لكن للحرية حدود .. تنتهي حينما يبدا المساس بحرية الآخرين.. نحن هنا نتحدث عن معاناة انسانية لا تحتمل..

انت حر ما لم تضر .. ها قد بحت الاصوات مشتكية الضرر الكبير .. وها هي المسيرات المحتجة تلو المسيرات .. تناشد العالم الحر بالتدخل في اقناع المعتصمين بالتحول الى مكان آخر .. ليتنفس الأهالي اوكسجين الحياة مجددا ..

انها دعوة مفتوحة للداخل اولا .. للمنظمات والفعاليات المجتمعية والانسانية المعنية .. بان تحتوي هذا القضية الانسانية وتنتصر لها ..

كما هي دعوة مفتوحة ايضا للدول الشقيقة المنطوية تحت مجلس التعاون الخليجي وعبر سفاراتها في اليمن بان تلتفت وتمارس علاقاتها مع الاحزاب والتنظيمات السياسية المعنية .. لاجل مئات الالاف من اهالي المناطق الجاثمة فيها خيام الاعتصام.

كما هي دعوة للامم المتحدة عبر منظماتها المعنية بان تنظر في ملف انساني مؤلم لا يقل اثره وتداعياته عن ما يجري من انتهاكات لحقوق الانسان في مختلف مناطق العالم ..

اتمنى من ابناء الوطن اليمني التضامن مع أخوانهم في ساحات الاعتصام المطالبين بالانعتاق من زنازين المعاناة النفسية والاقتصادية المتصاعدة .. وتلك حقوق مشروعه الساكت عنها شيطان ..

– رئيس تحرير ” حشد نت”.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com