الشيخ الهلالي: أمريكا تستعمل كلَّ من وضع يده في يدها كالمناديل الورقية وسترمي بهم في القمامة في النهاية
شهارة نت – حوار
في إطار تغطيته للمؤتمر العالمي الثاني لاتحاد علماء المقاومة الذي عُقد في بيروت بالتزامن مع الذكرى المئوية لوعد بلفور المشؤوم. قام موقع Khamenei.ir بإجراء مقابلة مع سماحة الشيخ تاج الدين الهلالي عضو المجلس العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية ومفتي عام أستراليا الأسبق.
وخلال هذه المقابلة تحدث الشيخ الهلالي عن خطورة الفكر الداعشي الذي انتشر في جسد الأمة الإسلامية كما تنتشر الخلايا السرطانية.
وفي ما يلي النص الكامل للمقابلة التي أجريت مع سماحة الشيخ تاج الدين الهلالي:
سؤالنا الأول لكم سماحة الشيخ يتعلق بالرسالة التي وجهها الإمام الخامنئي إلى هذا المؤتمر حيث أشار سماحته خلال هذه الرسالة إلى العمل على مقاومة الكيان الصهيوني بمختلف الأشكال. ما هي هذه الأشكال؟ ولماذا أشار سماحته إلى هذه النقطة برأيكم؟
حمداً لك اللهم أقولها في البؤس والإيسار والإعسار، وعلى النبي الهاشمي وآله ليلي أصلي دائماً ونهاري. فمما يجب على المسلم أن يعلمه أنَّ الله تبارك وتعالى عندما أمرنا أن نُعدَّ العدة لأعدائنا قال تعالى في سورة الأنفال: “وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ” (1) وقوّة في اللغة العربية نكرة، والنكرة تفيد العموم؛ بمعنى من قوةٍ عقدية، قوةٍ إيمانية، قوةٍ فكرية، قوةٍ اقتصادية، قوةٍ أيضاً سياسية، قوةٍ إعلامية، فنحن مطالبون أن نُعدَّ العدة، وأن نستنفر جميع الجبهات من أجل أن يكون لنا حضورنا وقوتنا وعزتنا ومنعتنا بين الأمم، وفي مواجهة هذا العدو الخطير الكبير المكير؛ العدو الإسرائيلي علينا أن نُعدِّد أنواع وأن نُغاير ونُباين في أنواع مقاومتنا فكرياً وعقدياً واقتصادياً؛ وهذا ما عناه الإمام القائد في كلمته ومناشدته وتوجيهاته للمؤتمر بأن يُعدّوا وأن يُعدِّدوا توجيهات وأماكن مواجهتهم ومقاومتهم.
سؤالنا الثاني حول داعش، داعش في طريقه إلى الزوال في سوريا والعراق إن شاء الله هل الفكر الداعشي لا يزال موجوداً أم لا؟
مما هو معلوم أنَّ المرض الداعشي التكفيري الخوارجي الدموي أخطر من مرض الإيدز؛ الإيدز الذي هزَّ العالم كله، واستشعر الأطباءُ في مختلف البقاع والأصقاع مدى خطورته وشروره وآثامه على البشرية وتعاون العالم كله من أجل القضاء أو مقاومة مرض الإيدز، الإيدز الفكري الداعشي أخطر من الإيدز المرضي الذي أصاب البشرية؛ وبالتالي عندما نجري عمليةً جراحيةً لنستأصل غدة سرطانية، فإن جميع الخلايا السرطانية، السرطان يستوحش يتغول ثم يتمرد ويحاول أن ينتشر في جميع أجزاء الجسم، فنبدأ بإعطاء الجسم جرعةً كيميائية بعد العمليات الجراحية؛ بمعنى أن داعش بعد استئصال شأفته من العراق ومن سوريا سيبدأ بتغيير جلدته وتغيير خطته وأسلحته وأخطر ما سيستهدفه داعش هو المقاومة، فكر المقاومة، فكر المقاومة الإسلامية لأنهم جاؤوا بهذا الفكر لخدمة المشروع الأمريكي ولذلك فإن داعش لم تنتهِ عسكرياً في العراق وسوريا بل نحن بحاجة لأن نواجهها في مختلف البقاع والأصقاع في العالم العربي وفي العالم الإسلامي بل في العالم البشري كله لأن الخطر الداعشي موجود في كل مكان.
جاء في القرآن الكريم: “وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ” في الدنيا نشاهد نفس الشيء أنتم وصفتم أمريكا بأنها الشيطان الأكبر ونشاهد اليوم الشعوب المسلمة تثق بوعود هذا الشيطان بدلاً من أن تثق بالوعد الإلهي! كيف يمكن معالجة هذه المشكلة؟
لا بُدَّ من تقوية العقيدة واليقين. ومن جعل الغراب له دليلاً قاده إلى جيف الكلاب؛ الغراب لا يأخذك إلى الحدائق والبساتين بل يأخذك إلى الجيف العفنة. “وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ” (2) من أعان ظالماً سلطه الله عليه، أمريكا لا تنظر أنَّ لها أصدقاء هي تدين لهم بالوفاء، أمريكا إما أن تكون من الأعداء أو العملاء ليس عندها أصدقاء؛ فكلُّ من يوالي أمريكا لا تعتبره صديقاً ولا وفياً وإنما لا تعتبره أكثر أو أقلَّ من عميل؛ إنَّه مجرد عميل لليهود.
وكلُّ الذين وضعوا أيديهم في يد أمريكا في النهاية فهي تستعملهم كالمناديل الورقية تستعملهم ثم ترمي بهم في القمامة، وأنا على يقين الصهيونية إلى زوال إن شاء الله تبارك وتعالى. والمقاومة على خير، والفكر المقاوم هو فكر الواقفين والواقفون لا يُدعسون، المنبطحون هم من يدعسون بالنعال، المنبطح على الأرض هو الذي تدوسه النعال، أمّا الواقف لا يمكن أن تدوسه النعال؛ فالمقاومة إباءٌ وشموخ، والمقاوم واقفٌ على قدميه ونحن في زمنٍ لا يحترم الضعفاء، فنحن بحاجةٍ إلى قوةٍ عقدية، قوةٍ إيمانية، تماماً كما نرى في العراق لولا الحشد الشعبي الذي قاتل عن عقيدة ما انتصروا على داعش. لولا القتال العقائدي القائم على الإيمان والقائم على التمسك بكلمة التوحيد ودعم الحشد الشعبي الذي يأتمر بأمر المرجعية ما كان هناك انتصارٌ للشعب العراقي على داعش أبداً.
تفضلتم بأن لكم نشاطات في مصر، كيف ترون مصر ودور مصر في العالم الإسلامي اليوم؟
المؤسف أن مشروع الشرق الأوسط الكبير الجديد الذي صنعوه هو أمريكائي (أمريكي إسرائيلي)؛ من أجل السيطرة على قرارات العباد ومقدرات البلاد. كنا خشينا من هذا الإعلان عن مبادرة الشرق الأوسط الجديد، فإذ بنا من قلب العالم العربي الإسلامي تخرج لنا مبادرة المستقبل الجديد؛ المستقبل الجديد عبارة عن جسور تربط ما بين السعودية ويا ليت مصر بل إسرائيل!. فتأتي إسرائيل والأردن والسعودية ومصر في هذا المشروع الجديد لإقامة كيان علماني ستكون إسرائيل فيه هي الأقوى والأكبر والأغنى لها السيادة والريادة. كُتب على باب الكنيست دولتك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل وهذا ليس كلاماً سرياً. مصر دخلت اللعبة، والسعودية دخلت اللعبة والأردن كذلك، فهي تُحقق عن طريق هذا المشروع الذي طُرح من غلامٍ مسلمٍ جديد قال: “أنا أريد إقامة المستقبل الجديد الذي يضمُّ هذه الدول الأربعة”؛ وهذا هو تحقيقٌ لدولة إسرائيل من الفرات إلى النيل مع الأسف.
المستقبل الجديد (السعودي) هو عبارة عن جسور تربط ما بين السعودية وإسرائيل! ومصر إن شاء الله ستستردُّ مصريتها وقوميتها وعقيدتها وترجع إن شاء الله تبارك وتعالى إلى قيادتها وريادتها؛ لأنَّ ما انتصر المصريون وحرروا المسجد الأقصى وحرروا بيت المقدس إلا بعد أن توحدت مصر والشام، وما انتصروا على المغول والتتار إلا بعد أن توحدت مصر والشام. طبعاً هذا التاريخ معروف. ومصر إن شاء الله تبارك و تعالى في هذه الأيام حقيقة إنها تسعى لمشاريع إنمائية اقتصادية من الداخل ورفضت أن تكون تحت راية محاربة اليمن أو محاربة سوريا وهذا شيءٌ حسن. لكن نأمل أن تسترد مصر دورها الريادي.