تعرف على جيوب داعش في سوريا والعراق
شهارة نت – تحليل
إعلان النصر على ” داعش ” يرتبط في الحقيقة بزوال قدرة التنظيم في المعاقل الكبرى، والتي كان آخرها مدينتي البوكمال السورية وراوَة العراقية ، وفي حين أنّ السيّد حيدر العبادي ذهب بعيداً في إعلان النصر من خلال الاحتفال الذي أقامته الحكومة العراقية رغم تأكيد قيادات في الحشد الشعبي أن ” داعش ” لا يزال يسيطر في بعض الجيوب سواء في غرب الأنبار أو على الحدود الشمالية مع سوريا .
بالاستناد إلى البيانات التي صدرت عن وزارة الدفاع الروسية واحتفال النصر الذي جرى في العراق ، فإن النصر على تنظيم ” داعش ” الإرهابي قد تحقّق وهو أمر صحيح إذا ما قاربنا المسألة في البُعد العسكري الجبهوي الذي كان سائداً خلال فترة سيطرة ” داعش ” على مساحات كبيرة تصل إلى ما يُقارب ثلث أراضي العراق وأقل من نصف أراضي سوريا بقليل .
وإعلان النصر على ” داعش ” يرتبط في الحقيقة بزوال قدرة التنظيم في المعاقل الكبرى، والتي كان آخرها مدينتي البوكمال السورية وراوَة العراقية ، وفي حين أنّ السيّد حيدر العبادي ذهب بعيداً في إعلان النصر من خلال الاحتفال الذي أقامته الحكومة العراقية رغم تأكيد قيادات في الحشد الشعبي أن ” داعش ” لا يزال يسيطر في بعض الجيوب سواء في غرب الأنبار أو على الحدود الشمالية مع سوريا .
في سوريا أعلنت وزارة الدفاع الروسية انتهاء العملية العسكرية الكبرى على تنظيم ” داعش” وانحسار وجود التنظيم في جيوب معزولة فقدت القدرة على التأثير في الميدان ، بما يرتبط بشنّ عمليات هجومية كبيرة يمكنها أن تُحدث تغييراً في خريطة العمليات ، وهو الأمر نفسه في العراق ، إلا أن الواقعية تقتضي الاعتراف أن التنظيم لا يزال موجودا ،ً وأن انكفاءه عسكرياً لا يعني تحقيق الهزيمة فيه ، وهو أمر لا يمكن المرور عليه مرور الكرام حيث أن الإعلان عن هزيمة التنظيم الإرهابي يجب أن ينطلق من القضاء الكلّي عليه على كل المستويات .
مع بدء العمليات الكبرى بمواجهة التنظيم في سوريا والعراق كنّا أمام صورة واضحة أن التنظيم يمتلك قدرة المناورة والتخفّي بنفس المستوى الذي امتلك فيه قدرة السيطرة، وهو الموضوع الذي دفعنا إلى القول بضرورة الاستعداد للتكيّف مع مرحلة ما بعد اختفاء التنظيم، وهو المصطلح الأكثر دقّة برأيي الذي يجب أن نصف فيه حال التنظيم الحالية لجهة اختفاء عناصره وانغماسهم بين السكان وعدم الوصول إلى قيادات التنظيم الأساسية على المستويين الأول والثاني ، ما يعني أن القدرة على تنظيم أشكال مغايرة من العمليات أمر وارد وهو ما عنينا به في التوصيف مرحلتين من مراحل مواجهة الإرهاب ، وهما مرحلة محاربة الإرهاب المرتبطة بالُبعد العسكري وبنمط القتال الجبهوي الذي انتهى الآن، ومرحلة مكافحة الإرهاب المرتبطة بالبُعد الأمني وهي المرحلة التي ستبدأ بالتأكيد طالما أن التنظيم يمتلك المال والسلاح وقدرة التخفّي .
يحافظ التنظيم في سوريا حتى اللحظة على سيطرة لقوّاته في جيوب مختلفة يبقى أكبرها هو الجيب الأول الذي يمتد من جنوب غرب مدينة الميادين وصولاً حتى شمال غرب مدينة البوكمال ، امتداداً حتى جنوب شرق مدينة السخنة وشمال شرق منطقة الصرايم بمساحة تصل إلى حوالى 5000 كلم مربع ، يلي هذا الجيب جيب ثانٍ في المساحة على منطقة الحدود الشمالية بين سوريا والعراق ويمتد من جنوب شرق مدينة الشدادي حتى شمال مدينة البوكمال جنوباً ، ومدينة الصور غرباً ، وهذيان الجيبان لا يشكّلان مناطق سيطرة حيوية للتنظيم حيث تغلب الطبيعة الجرداء والصحراوية عليهما ، ما يفقدمها قدرة التأثير الميداني الفعّال باستثناء أن تواجد التنظيم فيهما يمثل حال إشغال للجيش العربي السوري في الجيب الأول ولقوات سوريا الديمقراطية في الجيب الثاني .
في سوريا أيضاً يوجد على الضفة الشرقية للفرات جيب ثالث لم تتم السيطرة عليه بعد ، وهو جنوب العشارة وتصل مساحته إلى حوالى 32 كلم مربع وفيه العديد من القرى إضافة إلى جيب رابع على شرق وغرب الفرات ، أيضاً يمتد من الصالحية شمالاً حتى مدينة البوكمال جنوباً وتصل مساحته إلى حوالى 500 كلم مربع منها 150 كلم مربع غرب الفرات .
وبنتيجة طرد تنظيم ” داعش “من الريف الشرقي لحماه تشكّل جيب خامس حيث تسلّلت الوحدات الهارِبة من شرق حماه وحمص عبر الممر الضيّق حينها بالقرب من السعن ، لتبدأ بقضم مساحات من الأراضي على حساب ” جبهة النصرة ” وصلت حتى 220 كلم مربع وتمتد من المكيمن شمال شرق حتى تل أبو حية شمال غرب امتداداً حتى خربة رويحين جنوب شرق والجديدة جنوب غرب .
الجيب السادس لتنظيم ” داعش ” هو جيب قديم على مساحة مشتركة من مخيم اليرموك والحجر الأسود قرب العاصمة دمشق ، تبلغ مساحته حوالى 9 كلم مربع إضافة إلى جيب سابع في جنوب سوريا على الحدود مع الأردن وفلسطين المحتلة بمساحة سيطرة تقارب 250 كلم مربع .
في العراق لا يزال تنظيم ” داعش ” يتواجد في جيب تقارب مساحته 5000 كلم مربع يقع شرق الحدود مع سوريا وشمال راوة والقائم وجنوب نينوى وغرب الشرقاط ، وهو جيب صحراوي بالكامل لم تدخله القوات العراقية بعد .
بالنظر إلى خريطة السيطرة لا يزال التنظيم الإرهابي يتواجد في ثمانية جيوب ، سبعة منها في سوريا وواحد في العراق وهي تؤمن له حتى اللحظة مناطق سيطرة لكنها مناطق معزولة ومطوّقة بالكامل ، وهو ما يطرح ضرورة التعجيل في سحقها وتشتيت قواها لمنعها من التسرّب إلى المناطق المدنية عِلماً بأن خمسة من الجيوب السبعة في سوريا موجودة في بيئة حضرية ويمكن لعناصر التنظيم الذوبان فيها والحصول على حماية غير مباشرة من البيئة العشائرية التي ينتمي إليها هؤلاء أصلاً حيث تؤكّد المعلومات عن سحب الطوافات الأميركية لغالبية العناصر الأجنبية ، ونقلهم خارج سوريا والعراق إلى أماكن أخرى في ليبيا وسيناء وهو موضوع آخر يستدعي البحث بالتفصيل .
في سوريا والعراق من المؤكّد إننا دخلنا مرحلة مختلفة من المواجهة ضد تنظيم ” داعش” لن تبدأ ملامحها بالظهور إلاّ بعد فترة يكون التنظيم قد قطع فيها شوطاً من إعادة التموضع والانتقال إلى نمط العمليات السرّية سواء كانت تفجيرات أو كمائن أو أية أنماط أخرى ، وهو ما يستوجب على الجيشين العراقي والسوري الشروع بتنظيم المواجهة على أساس الاستعلام الاستخباراتي وإجراءات الأمن الوقائي والإجرائي معاً .