الحشد لمنع ‘داعش’ اخرى
بقلم/ شهاب محمد
لا يصح الخلط بين نهاية داعش في العراق ونهاية الإرهاب فيه، فالأولي تحققت والثانية ما زالت، والإرهاب سيظل يحاول العودة بصورة جديدة ولون جديد، وهو ما يستدعي الحذر واليقظة والمحافظة على عناصر القوة التي مكنت العراق من تصفية وجود داعش على أراضيه.
من عناصر القوة هذه، الحشد الشعبي، الذي انطلق بفتوى المرجع الأعلى السيد السيستاني، واستطاع إيقاف تقدم داعش، قبل أن ينطلق في مسيرة التحرير، جنباً الى جنب مع أبطال القوى الأمنية الأخرى.
ومع تجربته وتضحياته خلال السنوات الماضية ودوره الرئيس في طرد داعش يبدو من غير المنطقي التفريط بهذه القوة الإضافية لحماية العراق. منذ البداية تم تأطيره بإطار الشرعية عبر سنّ قانون ووضعه تحت إمرة القائد العام للقوات المسلحة. لم يكن دوره حاسماً في طرد داعش وحسب بل شارك أيضا وبفاعلية في إفشال محاولات تفتيت العراق وبسط الشرعية على مناطق واسعة على رأسها مدينة كركوك، وآبار النفط الواقعة على أطرافها، بعدما سيطرت عليها قوات كردية وأخذت حكومة أربيل تصدر النفط منها خارج سلطة الحكومة الاتحادية.
من هنا نفهم الانزعاج والقلق لدى ساسة أربيل من وجود الحشد والذي تناغم معه الرئيس الفرنسي ماكرون وعبر عنه بدعوته الى حل الحشد، بعدما استقبل رئيس حكومة أربيل مؤخراً.
الدعوة الى حل الحشد باتت مطلباً للكثير من الأطراف الإقليمية والدولية التي يكرر بعضها هذا المطلب في كل لقاء أو تصريح يخص نهاية الحرب على داعش في العراق. يجمع بين هذه الأطراف عاملان رئيسان يقدمان تفسيراً لهذا التوجس من بقاء الحشد، الاول هو ان هذه الأطراف تتوزع بين متهمة بإيجاد داعش أو تمويلها وتجهيزها أو تسهيل دخولها الى العراق مباشرة أو عبر سوريا.
اللافت للنظر أن أغلب المطالبين بحل الحشد يتحدثون في الوقت نفسه عن احتمال ظهور نسخة جديدة من داعش، فكيف يمكن تفسير الموقفين معاً بغير تمهيد الطريق أمام التنظيم الإرهابي الجديد؟.
العامل الثاني هو أن أكثر المطالبين بحل الحشد ينتمون الى محور إقليمي – دولي معادٍ لإيران ويريدون العراق ساحة مواجهة معها، ويرون أن الحشد قد يصبح قوة مناصرة لإيران في العراق. لكن هذا الهاجس لا معنى له أمام تحول الحشد الى قوة منظمة تأتمر بإمرة القائد العام للقوات المسلحة.
الحشد الشعبي، بتنوعه الديني والمذهبي والقومي، خرج من الحرب ضد داعش بخبرات قتالية عالية الاحتراف، وعقيدة تقوم على التصدي لكل ما يستهدف أمن العراق ووحدة أراضيه، سواء من خارج الحدود أو داخلها. ولو امتلكنا مثله منذ التغيير في 2003 لتجنّبَ العراق الكثير من المآسي والخسائر البشرية والاقتصادية التي تكبدها.