الورقة التي لم يقرأها ترامب في خطابه.. هذا مضمونها
ظهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب معلناً بوضوح عن تخلِّي إدارته عن خيار “الدولتين” بأسلوب غير مباشر، بقوله: “سأدعم حل الدولتين إذا ما قرر الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي التمسك به”.
ومعلوم أنّ نتنياهو لم يتفوَّه بخيار “الدولتين” إلا بشكل لفظي مرة يتيمة في عهد أوباما، تحت ضغط أمريكي ودولي آنذاك، ويعلم ترمب ذلك جيدا.
إنه ليس موقفا آنيّا عابراً من سيد البيت الأبيض، فقد عبّر من قبل عن نزعة التنصّل الشكلي هذه التي تعني ترك الفريسة تستجدي قطيع الذئاب، وكان هذا تحديداً لدى استقبال نتنياهو في البيت الأبيض للمرة الأولى بعد تولي ترمب منصبه.
كان واضحا على أي حال أنّ مجرد التسليم بالقدس لكيان الاحتلال إنما يقضي على وعود التسوية ويحسم نتيجتها بصفر فلسطيني كببر لصالح الاحتلال حتى قبل الشروع في أي تفاوض، كما تجعل هذه الخطوة من الحديث على أي دور أمريكي في رعاية المفاوضات نكتة كبرى تفوق سابقاتها.
المغزى من خطابه، أو الورقة التي كتبها ولم يقرأها، أنه لا مفاوضات حقيقية أو شكلية بعد اليوم، وهنا لا فرصة للرئيس محمود عباس للفكاك من الخيار اللحدي سوى قلب الطاولة ببساطة، بإحداث فراغ سلطوي عاجل، بأن يستقيل هو وفريق السلطة بشكل فوري ونهائي وجادّ ويغادروا البلاد، بدل إدارة الخد الأيسر لصفعة جديدة آتية لا محالة، وليتحمّل ترمب المسؤولية أمام العالم عما صنعه.
النتيجة هي أنّ الولايات المتحدة قررت منح قيادة الاحتلال ضوءاً أخضر ليذهب بعيداً في مشروعه، وتم نزع الغطاء السياسي عن أي تسوية متصوّرة.
انتهت اللعبة ببساطة، وهذا ما أراد ترمب قوله على الأرجح،وما كان ليقول ما قاله لولا تواطؤات عربية ثقيلة معه بانت مقدِّماتها وفاحت رائحتها، والورقة التي لم يقرأها ترامب في خطابه، سيتبين مضمونها في أيام قليلة قادمة.