البلاك ووتر مياه سوداء في البيت الأبيض والبحر الأحمر
شهارة نت – وكالات
دعوة ترامب نقل السفارة الأميركية إلى القدس، ليست بعيدة عن أفكار برنس الذي يدعو لإقامة هيكل سليمان، بالسيف والمسطرين، والذي يحتفظ بعلاقات قوية مع فرسان مالطة، وهي مسجّلة كدولة في الأمم المتحدة رغم أنها لا تمتلك أرضاً محدّدة…..
وتتّخذ من أحد الطوابق في الفاتيكان عاصمة لها، وتصدر جوازات سفر معتمدة، وتقيم علاقات مع 94 دولة، بينها دول خليجية والأردن، كما يعود فرسان مالطة إلى عسكر الإستبارية الذين كانوا ضمن ما يُعرف بالحملات الصليبية، واستمروا بعد ذلك تحت شعار جمعية الفرسان العلاجية وحماية الحجّاج المسيحيين، ولا يزال العديد من آثارهم موجوداً في مستشفيات معروفة قادمة من إيطاليا.
في كتاب أصدره المفكّر الاستراتيجي الأميركي، توفلر، تحت عنوان (تحوّل السلطة) قبل أربعة عقود تقريباً، توقّع أن تصبح المافيات مع الأصوليات التكفيرية جزءاً من اللاعبين الجُدد على المسرح الدولي، وها هي الملفات التي تُفتح تباعاً حول الرئيس الأميركي تكشف عن صلات فريقه مع مافيا البلاك ووتر برئاسة إيريك برنس، المصنّفة كشركة خدمات أمنية خاصة.
إن هذه الشركة التي اشتهرت خلال فظائع الاحتلال الأميركي للعراق، تظهر كلاعب رئيسي في ساحات وأحداث عديدة في الشرقين العربي والأوسط، فمن ظهور عناصرها في ساحات ما يُعرف بالربيع العربي، ثم في صفوف الجماعات التكفيرية المسلّحة باعتبارهم متطوّعين أجانب اعتنقوا الإسلام، إلى ما تتداوله وسائل إعلام أجنبية عن دورها في اعتقال وتعذيب مُناهضين لهذه السلطة النفطية أو تلك، وفي قيادة جماعات من المُرتزقة في اليمن والعراق وسوريا وليبيا وسيناء.
وهناك إشارات أخرى عن إشرافها على العديد من الموانىء موضوع الصراع في بحر العرب والبحر الأحمر، وبهذا المعنى وفي غياب أجهزة أمنية وجيوش قوية لأطراف ولاعبين معروفين في تلك المنطقة، تبدو البلاك ووتر كبديل مأجور عن هذه الجيوش والأجهزة.
وإذ تؤكّد ذلك ملاحظات توفلر المُبكرة حول دور المافيات والمرتزقة وتجّار التعصّب الديني، وصناعة القادة والزعماء كما ترامب وغيره، واندماجهم في المنظومة الرأسمالية العالمية، فإن الخطير في ظاهرة البلاك ووتر، هو امتدادها في المنطقة، ودورها في إشعال الثورات البرتقالية، وتنظيم اغتيالات وتفجيرات لإثارة الفِتَن الطائفية، والأهم دورها في حماية بل وصناعة سماسِرة ورجال القنوات الأمنية، وتحوّلها إلى ذراع عسكرية أمنية لمحافل ومطابخ اقتصادية تنهل من تجربة شركة الهند الشرقية وتدير عبر عواصم رسمية (نفطية وغير نفطية) بينها تل أبيب، أكبر عملية للسطو على المرافىء الحسّاسة التي تتحكّم بطُرق التجارة الدولية، من ملقة إلى سنغافورة إلى الموانىء المذكورة في بحر العرب والبحر الأحمر وشواطىء المتوسّط.
وهو ما يفسّر أيضاً مناخات التطبيع الجارفة مع العدو الصهيوني وأوهامه بإقامة وفرض مملكة أورشليم المزعومة شرق المتوسّط، وهي التصوّرات التي تعشعش أيضاً في رأس ترامب وإيريك برنس، زعيم البلاك ووتر.
أما عن الخلفية العامة لهذه الشركة التي يعني إسمها المياه القذرة وتقع بالقرب من كارولينا الشمالية حيث مقرّها الرئيسي القريب من مجمع للاستخبارات وقاعدة أميركية، فيخبرنا الصحافي الأميركي، جيرمي سكاهيل في كتابه بلاك ووتر الصادر عن شركة المطبوعات في بيروت، أن الشركة تحتفظ بعلاقات وثيقة مع العديد من زعماء المنطقة العربية وتتّخذ من عواصمهم مقرات اقليمية لها، وأن مؤسّسها يجمع بين نشاطات المافيا والتعصّب الديني، وصقور المجمع الصناعي العسكري في البنتاغون وسماسِرة السلاح في المنطقة.
ولا تخفي إدارة الشركة أنها مسكونة بخرافة وأوهام هرمجدو، التي كان الرئيس ريغان مؤمناً بها، وهو الرئيس الذي يعتبره كثيرون الأب الروحي للرئيس الحالي، ترامب.
والجدير ذكره، أن دعوة ترامب نقل السفارة الأميركية إلى القدس، ليست بعيدة عن أفكار برنس الذي يدعو لإقامة هيكل سليمان، بالسيف والمسطرين، والذي يحتفظ بعلاقات قوية مع فرسان مالطة، وهي مسجّلة كدولة في الأمم المتحدة رغم أنها لا تمتلك أرضاً محدّدة، وتتّخذ من أحد الطوابق في الفاتيكان عاصمة لها، وتصدر جوازات سفر معتمدة، وتقيم علاقات مع 94 دولة، بينها دول خليجية والأردن، كما يعود فرسان مالطة إلى عسكر الإستبارية الذين كانوا ضمن ما يُعرف بالحملات الصليبية، واستمروا بعد ذلك تحت شعار جمعية الفرسان العلاجية وحماية الحجّاج المسيحيين، ولا يزال العديد من آثارهم موجوداً في مستشفيات معروفة قادمة من إيطاليا.
وقد ضمّت أخويّة الفرسان أسماء، مثل ترامب، وريغان وبوش، وماكين، أكثر المتحمّسين للربيع العربي، والجنرال دايتون، والجنرال إبرامز، الذي كان مكلّفاً بملاحقة حزب الله وإطلاق ما يُعرف بثورة الأرز، التي دعت إلى خروج السوريين من لبنان، ومثل جون بولتون، ممثل أميركا الأسبق في الأمم المتحدة، ومثل ديك تشيني وكوفر بلاك، مهندس التعبئة والتجييش الطائفي بين السنّة والشيعة، وغيرهم، كما تحتفظ بعلاقات مع محافل ماسونية معروفة.
ومما يذكره سكاهل أيضاً، العلاقة السرّية بين البلاك ووتر ومؤسّسات أميركية عديدة، بينها مجلس السياسات القومية، ومنظمة (إصلاح السجناء وتأهيلهم) والتي تعدّ الخزان الكبير لمرتزقة البلاك ووتر، وهي تجربة شبيهة بآلاف السجناء المحكومين بقضايا جنائية في المُعتقلات العربية والإسلامية، الذين اشترتهم مراكز نفطية معروفة في أوقات سابقة وأعادت تأهيلهم في معسكرات خاصة، كمُجاهدين في أفغانستان ثم في سوريا والعراق وغيرهما.
كما يلاحظ سكاهل العلاقة الوثيقة بين عمل البلاك ووتر، وبين الصراع على خطوط النفط والغاز، شأنها في ذلك شأن توظيف الجماعات التكفيرية، ومن ذلك علاقتهم مع ديك تشيني وزير الدفاع الأسبق وأحد رجال شركة هاليبيرتون مع مافيات الماس، بين سيراليون وأذربيجان، التي يحتفظ رئيسها بعلاقات قوية مع برنس، ومثله زعماء أوكرانيا، وأول رئيس لجورجيا بعد الثورة البرتقالية هناك التي كانت البلاك ووتر تتولّى حمايتها في شوارع تبريسي.