اللعب بقضية السفارة الأمريكية وقلق إسرائيلي من حكومة “ترامب” المتهورة
شهارة نت – فلسطين :
مرة أخرى أصبح خبر نقل السفارة الأمريكية إلى الأراضي المحتلة عنوان وسائل الإعلام.
فقبيل الانتخابات الأمريكية، كان قد وعد ترامب بنقل السفارة من تل ابيب إلى القدس، ولكن بعد الانتخابات وبسبب النزاعات الكبيرة داخل الأراضي المحتلة وكذلك الضغوط الخارجية، اضطر إلى عدم التحدث عن هذه القضية.
وادعى موقع “اكسيوس” بأن ترامب سيعلن القدس عاصمة النظام الصهيوني في خطاب له يوم الأربعاء المقبل، في حين نقلت “رويترز” عن مصادر مطلعة بأن:”على الرغم من أن حكومة ترامب ستعلن القدس عاصمة للنظام الصهيوني يوم الأربعاء، ولكنها ستؤجل الوعد بإنتقال السفارة الامريكية من تل أبيب الى القدس لوقت اخر”.
يرى المحللون أن الحديث عن إجراءات نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس الشريف إنما هي لعبة وسائل إعلام لإبقاء ترامب وعائلته بعيدين عن تهمة التواصل مع روسيا ،كما أن صهر ترامب هو المشتبه به بتهمة التواصل مع روسيا، ومن ناحية أخرى لديه علاقة جيدة مع تل أبيب أيضاً.
ويمكن لنقل السفارة إذا كان بضغط من صهر ترامب أن يحث اللوبي الصهيوني في أميركا لإبقائه في المجلس الوزاري لحكومة ترامب.
فورين بوليسي؛ قلق إسرائيلي متزايد حيال سياسات حكومة “ترامب” المتهورة
الى ذلك نشرت مجلة “فورين بوليسي”، مذكرة كتبها الخبيرين السياسيين في مركز التقدم الأمريكي ” يورام شفايتزر” و”بريان كاتوليس”، انتقدا فيها السياسة الإقليمية للرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” التي كان لها عواقب سلبية على منطقة الشرق الأوسط. وذكرت هذه المجلة بأنه كان للتصريحات التي اطلقها الرئيس الأمريكي الشهر الماضي ردة فعل إيجابية داخل الأوساط الإسرائيلية وحول هذا السياق صرح مسؤول إسرائيلي كبير سابق: “أن هذا الأمر جيد جدا وأنا أحب ذلك كثيرا، ولكن ماذا بعد ذلك؟
ولفتت هذه المجلة إلى أن الأخبار التي انتشرت خلال الشهر الماضي داخل الأوساط الإسرائيلية والتي كانت تدور حول إيران، لم تسلط الضوء على مصير الاتفاق النووي وإنما أثارت القلق حول وجود ثغرات كبيرة في استراتيجية الولايات المتحدة لمواجهة اتساع نفوذ إيران في المنطقة.
وأضافت هذه المجلة متسائلة، كيف ستستطيع حكومة “ترامب” أن تسد هذه الثغرات التي من الممكن أن يكون لها تأثير على أمن الولايات المتحدة وحلفائها في السنوات القادمة وسلطت الضوء على تزايد القلق الإسرائيلي لعدم وجود خطة عملية من قبل “ترامب” فيما يخص إيران.
من جهة اخرى زعمت هذه المجلة بأن السياسة الخارجية الإيرانية بُنيت خلال العقود الماضية على أسس الانتهازية والبحث عن المصالح وصرحت بأن الحكومة الإيرانية سعت بعد قيام الثورة الإسلامية في عام 1979 إلى خلق تغييرات سياسية في الدول المحيطة بها لتحقيق بعض مصالحها واستطاعت خلال 15 سنة، أن تُحدث تغييرات في كثير من دول المنطقة وكسب الكثير من المصالح ولقد دمرت الحرب في أفغانستان والعراق اثنين من اكبر أعداء إيران المتمثلين في “نظام طالبان وصدام حسين”. وزعمت هذه المجلة أيضا إلى أن إيران عندما شعرت بانعدام الأمن وانه تم محاصرتها من قبل قوات الولايات المتحدة بعد تلك الحروب، قامت بالتحرك في المنطقة لتغيير موازين القوى وعملت على بناء شبكات جديدة من الحلفاء السياسيين في منطقة الشرق الأوسط.
ولهذا فلقد شهدنا خلال العقد الماضي توسع تاريخي لنفوذ إيران في جميع أنحاء الشرق الأوسط وهذا الأمر تسبب في خلق حالة من الغضب لدى دول مثل إسرائيل والسعودية. الجدير بالذكر هنا أن النهج والاستراتيجية التي تتبعها إيران في المنطقة تشبه إلى حد كبير رياضة “جوجيتسو” (فنون الدفاع عن النفس لتحييد العدو باستخدام القوة الخاصة به) وقد مكنت هذه الاستراتيجية إيران من تعزيز علاقاتها السياسية مع مرور الوقت وتوسيع نفوذها بشكل كبير في لبنان والعراق وسوريا. ولموجهة هذه التصرفات الإيرانية بشكل صحيح، فإنه يجب الاستعانة بالسياسات الدبلوماسية الماهرة وخلق تحالفات واستثمارات طويلة الأجل. لقد أدت السياسات الخارجية الغير مستقرة للرئيس “ترامب” إلى تفاقم الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط وإلى تشوه مصداقية الولايات المتحدة كزعيم عالمي موثوق به في العالم.
لقد عرضت السياسة الغير واضحة والغير متناسقة لحكومة “ترامب” في الشرق الأوسط، حلفاءهم الرئيسيين مثل إسرائيل إلى خطر كبير وأدى هذا النهج أيضا إلى خلق أرضية مناسبة لتشكيل تحالف قوي بين روسيا وإيران وسوريا وحزب الله. ولقد تسببت تصريحات وزير الخارجية الروسي “لافروف” إلى خلق حالة من الذعر لدى العديد من الإسرائيليين، فلقد صرح بأن وجود إيران في سوريا يعد من الأمور المشروعة ولفت إلى انهم لن يجبروا القوات الشيعية المدعومة من إيران على الانسحاب من الحدود السورية مع إسرائيل. وحول هذا الموضوع صرح “ديفيد ايجناتوس” من صحيفة “واشنطن بوست”: “لقد عرضت السياسة السلبية والغير هادفة لحكومة “ترامب” في الشرق الأوسط، بعض شركاءهم الإقليميين للخطر، وهذا الأمر يمكن مشاهدته من خلال الإجراءات السعودية الأخيرة التي استخدمت فيها أسلوب التهديد والحرب النفسية للضغط على “حزب الله” اللبناني وهذا الأمر قد أثار الكثير من ردود الأفعال في الأوساط اللبنانية والتي قد تجبر السعودية على تقييم سياستها ومراجعتها.
سوف تؤدي السياسة السلبية التي تتبعها الولايات المتحدة، إلى حدوث الكثير من الاخطاء وسوف تسمح لشركائهم الإقليميين بمتابعة جدول أعمالهم بدون الرجوع إليها. وهنا يجب على واشنطن أن تلعب دورا أكثر نشاطا وأن تستخدم أدواتها القوية، للسيطرة على شركاءها الإقليميين والقضاء على أعداءها. ففي نظر العديد من الإسرائيليين، فإن سوء إدارة الحكومة الأمريكية لاستفتاء انفصال منطقة كردستان عن العراق، هو مثال بارز على فقدانها للفرص وعدم مقاومتها بشكل قوي للأعداء.
واليوم، تعتبر ساحة المعركة السورية اختبارا مباشرا للولايات المتحدة فلقد اتخذت حكومة “ترامب” حتى الآن نهجا أكثر سلبية من الحكومة الأمريكية السابقة، فعلى الرغم من استمرار الولايات المتحدة في دعمها للأكراد في سوريا لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي، إلا أن هذا التركيز الأمريكي على مكافحة الإرهاب، سمح لإيران وروسيا بوضع خطط سلام مستقبلية لإحلال الأمن والأمان في سوريا من خلال القيام بمبادرات مثل وقف إطلاق النار بين القوى المحلية. وتجدر الإشارة هنا أن حلفاء أمريكا في المنطقة مثل إسرائيل والأردن غير راضين من هذا الوضع الموجود في سوريا، ولكنهم يخافون من توجيه انتقادات واسعة لسياسات “ترامب” هذه.
وفي سياق متصل أعربت هذه المجلة بأنه خلال السنوات القادمة ستكون معظم الإجراءات التي سُتتخذ ضد إيران، دبلوماسية وسياسية واقتصادية وهذا الأمر يمكن رؤيته من خلال الخطوة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية الأمريكي “تيلرسون” والتي دعا فيها العراق والسعودية إلى أقامة علاقات وثيقة بينهما. ولفتت هذه المجلة إلى انه قد يكون هناك حاجة إلى بعض التحركات العسكرية، فعلى سبيل المثال، تم الإعلان عن قرار لدعم شركاء أمريكا في المنطقة عن طريق القيام بتدريبات عسكرية تهدف إلى ضمان الأمن وحرية الملاحة في المياه الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط. وأردفت هذه المجلة، قائلة يجب على حكومة “ترامب” وضع استراتيجية إقليمية متماسكة لإقناع حلفائها في المنطقة.
لقد أدى تركيز الكونغرس الأمريكي جل اهتمامه لتعيين مصير الاتفاق النووي، إلى خلق حالة من الخوف والقلق لدى كل دول المنطقة إزاء هذا النهج وهذه السياسة التي يستخدمها “ترامب” في منطقة الشرق الأوسط. ولقد ولدت قضية توسع النفوذ الإيراني في المنطقة، الكثير من الخوف والقلق لدى بعض أصدقاء أمريكا المقربين في المنطقة. ومع ذلك، فبعد مرور شهر على خطاب “ترامب” الذي وجهه ضد إيران، لا يزال العديد من كبار مسؤولي الأمن الإسرائيلي يتساءلون: هل تولي الولايات المتحدة اهتماما للمنطقة وهل لديها خطة محددة؟