محاكمة مبارك كسر لحواجز الخوف والنفاق
أستعادت شعوب الأمة العربية كرامتها الأسبوع الماضي بمحاكمة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك ونجلية الذين أشفقنا عليهم كثيرا?ٍ ولكنها الضرورة التي حتمت محاكمتهم ولكي تثبت الشعوب العربية كسرها لحواجز الخوف والنفاق الى الأبد .
فالحاكم العربي يصل إلى سدة الحكم بطرق غير ديموقراطية . تنتهج في الغالب إما التحايل أو اللف والدوران أو التزوير . فتوصف تلك الطرق أنها فاقدة للحرية والنزاهة والشفافية . وعادة ما يؤسس ذلك الحاكم مجموعة من القيم التي يحكمها منظومة أمنية سياسية إعلامية تضمن له استمرار حكمه أطول فترة ممكنة عن طريق مناخات من القمع والقهر والإرهاب والظلم يمارسها نظام الحكم ضد مواطنيه من وراء القفازات الناعمة التي تغلفها شعارات من الديمقراطية ومن ثم الحريات العامة التي لا تجد ما يجسدها في الواقع والحياة العامة . فنجد الدكتاتورية والاستبداد تمارس دون أن يعيها الشعب المخدر المغلوب على أمره . مما يترتب عليه . طول فترة بقاء تلك الأنظمة لعقود عدة . يهيئ الحاكم بعد مرورها من هو من نسله استعدادا ?ٍ لتحمل المسئولية من بعده . ويلاحظ التداخل واضحا ?ٍ بين الدولة وعائلة الحاكم دون حق أو مشروعية . فيتفشى الفساد ويتغلغل في كيان الدولة ويصبح جزء من مجموعة القيم التي يرتكز عليها نظام الحكم لا يستطيع الفكاك منها في أي مرحلة . ولا يبقى من مخرج لزوال تلك الآفة إلا بزوال منظومة الحكم بالكامل ومن الجذور عن طريق صحوة شاملة للضمير والإرادة العامة تبدأ كما رأينا من خلال حركة الشباب الباحث عن هويته الوطنية والمليء بالحس الصادق والحماس المتقد . وتكبر شيئا ?ٍ فشيئا ?ٍ بالنظر إلى سرعة تجاوب الشرائح المختلفة في المجتمع مع خطوات الشباب في تظاهرات سلمية واحتجاجات وحركة اعتصامات واسعة في ثورة لا يستطيع الحكام إطفاء اتقادها أو التحكم في مدى سرعة التهابها . ولا تنتهي إلا بزوال رأس الحكم وكذا منظومته التي صنعها ومعه المنافقون طوال فترة حكمه . ومن الملاحظ أن ثورة الشعوب العربية انفجرت وامتدت من السابع عشر من ديسمبر 2010 م ابتداء ?ٍ من تونس ومن بعدها مصر إلى أن صارت بأهدافها الجذرية أيديولوجيا ?ٍ شعوب المنطقة بدون استثناء . سواء تلك التي تحكمها أنظمة شمولية أو التي تدعي التعددية الديمقراطية أو الملكيات وأنظمة الحكم الوراثية وبتلك الصحوة العميقة والقوية سقطت حواجز الذل والخوف والخنوع . وانكشفت أقنعة المنافقين لتسقط هي الأخرى وترحل مع سقوط الأنظمة ورموزها . صحيح أن هناك بعض الخصوصيات الشكلية بين هذا البلد او تلك الدولة تظهر بوضوح من خلال حركة الأزمة ” الثورة ” وإدارتها . لكن الحقيقة أن المنطلقات واحدة والأهداف متشابهة . فالفساد والظلم والاستبداد والقمع ومصادرة الحريات مقدمات تؤدي إلى نفس النتيجة وهي الثورة واقتلاع العطب من الجذور . والاتجاه مباشرة إلى البناء على أسس واضحة من العدل وإحقاق الحقوق والديمقراطية .