في ذكرى استقلال لبنان الـ 74: مرحلة جديدة رسمتها ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة
شهارة نت – تقرير
يحتفل اللبنانيّون في الثاني والعشرين من تشرين الثاني من كل عام بيوم الاستقلال، ويعتبر هذا اليوم تخليداً لذكرى حكومة الاستقلال الوطنيّة، التي سعت وناضلت لإطلاق سراح رئيس الجمهوريّة في ذلك الوقت بشارة الخوري، ورئيس الحكومة اللبنانيّة رياض الصلح، إلى أن تمّ لهم ما أرادوا في صباح الثاني والعشرين من شهر تشرين الثاني عام 1943، وتحقيق الاستقلال الكامل بعد جلاء الانتداب الفرنسي عن اراضيه.
تاريخ استقلال لبنان
في بداية الحرب العالمية الثانية وبعد أن بدأت فرنسا تسترسل بالطغيان والسيطرة على المراكز الحساسة مما جعل الحكومة اللبنانية سنة 1943 تتقدم إلى المفوضية الفرنسية مطالبة بتعديل الدستور بما ينسجم مع الأوضاع. وفي 21 أيلول من السنة نفسها فاز الشيخ بشارة الخوري وأصبح رئيسا للجمهورية وألف حكومته رياض الصلح وأعلنوا الاستقلال التام وحولت مشروع تعديل الدستور إلى المجلس النيابي واعتبر هذا القرار تحديا “ساخرا” للمفوض السامي مما جعله يأمر بتعليق الدستور وأرسل ضباطا إلى رئيس الجمهورية فاعتقلوه مع رياض الصلح وبعض الوزراء والزعماء الوطنيين مثل عادل عسيران، كميل شمعون، عبد الحميد كرامي وسليم تقلا وحجزوهم في قلعة راشيا. عندها قام رئيس المجلس النيابي آنذاك صبري حماده وبعض النواب باجتماع مصغر في قرية صغيرة هي بشامون وألفوا حكومة مؤقتة ورفع العلم اللبناني الذي تكون من ثلاث أقسام الأحمر، الأبيض وفي الوسط ضمن اللون الأبيض شجرة أرز خضراء.
ومع شعور اللبنانيين بأن الانتداب الفرنسي تحول الى احتلال، وفوز الشيخ بشارة الخوري برئاسة الجمهورية بتاريخ 21 ايلول 1943 وتأليف حكومة برئاسة رياض الصلح أعلن الاستقلال التام، وعمدت الحكومة الجديدة الى اعتماد اتفاق غير مكتوب بين المسيحيين والمسلمين، يعبر عن صيغة عيش مشترك بين اللبنانيين ضمن لبنان الحر المستقل. وقد انبثق هذا الميثاق من خطاب بشارة الخوري، ومن البيان الوزاري الذي ألقاه رياض الصلح أمام النواب.
وتضمن الميثاق المبادئ الآتية:
– لبنان جمهورية مستقلة ترفض الحماية الاجنبية او الانضمام الى أي دولة عربية.
– لبنان وطن لجميع اللبنانيين على تعدد طوائفهم ومعتقداتهم وهو جزء من العالم العربي.
– لبنان موطن الحريات العامة يتمتع بها اللبنانيون على أساس المساواة.
– يتخلى المسلمون عن المطالبة بالوحدة أو الاتحاد مع الشرق العربي، وفي المقابل يتخلى المسيحيون عن المطالبة بالحماية من الغرب الاجنبي.
احالة مشروع تعديل الدستور الى المجلس النيابي
اعتبر في حينها تحديا للمفوض السامي الذي علق الدستور وامر باعتقال رئيسي الجمهورية والحكومة وبعض الوزراء والزعماء الوطنيين أمثال عادل عسيران وكميل شمعون وعبد الحميد كرامي وسليم تقلا واحتجزهم في قلعة راشيا. فقام رئيس مجلس النواب آنذاك صبري حمادة وبعض النواب باجتماع مصغر في بشامون جنوب بيروت وشكلوا حكومة موقتة ورفع العلم اللبناني، فأعلن الاستقلال بتاريخ 22 تشرين الثاني 1943 وأطلق المعتقلون وتم الاعتراف به في 1 كانون الثاني 1944 وتم جلاء القوات الفرنسية في 31 كانون الاول 1946 وفي عام 1947 انتسب لبنان الى جامعة الدول العربية وهيئة الامم المتحدة وتميز تاريخ لبنان منذ الاستقلال بتقلبات سياسية متكررة وفترات من الاستقرار والتزعزع المتوالية، كان أبرزها:
حرب 1948
وبعد مرور سنتين على الاستقلال شارك الجيش اللبناني في حرب 1948 ضد القوات الإسرائيلية، وقد أدت الحرب إلى تهجير الفلسطينيين الذين نزحوا إلى لبنان والتجؤوا إلى مخيمات اللاجئين في كل المناطق اللبنانية.
حرب 1967
اندلعت حرب 1967 بين الکيان الإسرائيلي من جانب ومصر وسوريا والأردن من جانب آخر وادت إلى استيلاء الکيان الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية وسيناء وهضبة الجولان. ودفعت ببعض الفلسطينيين بتأسيس فصائل مقاومة عرفت بالفدائيين. وكان للفدائيين متحمسون في المخيمات الفلسطينية في لبنان وبين المسلمين والفلسطينيين. وكان أول شهيد للمقاومة هو اللبناني خليل عز الدين الجمل الذي اجج الحماس عند اللبنانيين المسلمين لمناصرة العمل الفدائي.
إجتياح الکيان الإسرائيلي للبنان 1982
وفي 6 حزيران 1982، قام الکيان الإسرائيلي باجتاح لبنان واحتل بيروت في محاولة لايقاف القوات الفلسطينية من مهاجمة الاراضي الفلسطينية المحتلة. تدخل العالم لايقاف العمليات مما دفع الولايات المتحدة الاميركية، فرنسا، بريطانيا وإيطاليا لارسال قوت فصل.. وخلال هذا الاجتياح وقعت مذبحة صبرا وشاتيلا وبرزت المقاومة الاسلامية في لبنان “حزب الله” وبدأت بتأسيس مجموعاتها القتالية ضد الکيان الإسرائيلي.
المقاومة الاسلامية
وبعد الاجتياح الاسرائيلي للبنان أنشأت المقاومة الاسلامية في لبنان قيادة مجموعات عسكرية قامت بتنفيذ العمليات العسكرية ضد الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان والبقاع الغربي بجدية وفعالية عالية. وقامت المقاومة بتوجيه ضربات موجعة للقوات الإسرائيلية في جنوب لبنان والميليشيات العميلة والتي عرفت بميليشيا انطوان لحد.
وفي ذات السياق استطاعت المقاومة الإسلامية ان تواجه عدوانا إسرائيليا واسعا عام 1993 م على كل قرى الجنوب وكانت المعادلة تقضي باستمرار انهمار الصواريخ على شمال فلسطين المحتلة طالما استمر العدوان الإسرائيلي. بعدها وفي عام 96 م حققت المقاومة الإسلامية نصرا اخر بعد عدوان نيسان عندما حاول الکيان الإسرائيلي تغيير معادلة الصواريخ وبعد عمليات وضربات متوالية اضطر جيش الاحتلال لاخلاء مواقعه في منطقة جزين عام 99 م كمقدمة للاندحار عن جنوب لبنان بشكل شبه كامل عام 2000 م، مع بقاء مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقرية الغجر تحت الاحتلال، واحتفاظها بعدد من الاسرى اللبنانيين واجساد الشهداء.
حرب تموز 2006 وهزيمة الکيان الإسرائيلي
وفي عام الفين وستة ومع نمو قوة حزب الله العسكرية وتنفيد الأخير لعملية اسر جنديين لمبادلتهما بالاسرى واجساد الشهداء، تذرع الکيان الإسرائيلي بالعملية وقام باعتداء غير مسبوق على لبنان مستهدفاً المدنيين والبنى التحتية، ودارت حرب لمدة 33 يوما اظهرت خلالها المقاومة تفوقا كبيرا في البر والبحر والجو وصدت الهجوم الإسرائيلي الذي لم يحقق هدفا اعلنه وهو الوصول إلى مياه نهر الليطاني.
وبعد 33 يوما انسحبت القوات المعتدية واضطر عدد من القيادات العسكرية إلى الاستقالة وبينهم رئيس الأركان موشيه يعالون، وصولا إلى استقالة رئيس وزراء الکيان الإسرائيلي ايهود اولمرت على خلفية تقرير فينوغراد عن الحرب على لبنان وتبين في خلاصته عدم استعداد الجيش الإسرائيلي للحرب وتضارب القرارات والهزيمة.
ولا يزال اللبنانيون حتى يومنا هذا يحتفلون بعيد الاستقلال ليعلنوا أن لا مكان للمحتل على أراضيهم ومؤكدين ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، وأن عهدا جديدا بدأ مع بروز المقاومة الاسلامية التي كبدت الکيان الإسرائيلي خسائر فادحة وطردت الجماعات التكفيرية من أراضيها في الاونة الاخيرة. فمجد لبنان سيؤرخ عزا واباء بفضل دماء جيشه الباسل ومقاوميه الذين سقطوا دفاعا عن الوطن وحاربوا الانتداب الفرنسي والکيان الإسرائيلي وطردوا التكفيريين.