كل عام .. وجراحاتكم بخير
** هذا المساء ليس ككل مساء !!
إنه المساء الأول من مساءات سيد الشهور !!
.. يهل الهلال الليلة .. ومع رؤية الهلال تسابق نبضات قلوبنا مقاصد أبصارنا !!
نكاد نحن أن نتفرد في هذا العالم بان للأهلة أهمية وللمطالع معنى لان للزمن عندنا قيمة !!
هذه حياة المسلم مناهل يانعة ومواسم نادية لا تعرف الجفاف
نخرج من موسم إلى موسم يفضله آو يوازيه ولا نودع وقتا إلا لنستقبل آخر !!
لهذا نحن نفرح ونتهادى ونعيش الأوقات بكل مباهجها وألفتها وروحانيتها !!
** عذرا سادتي الأعزاء فكان بودي إن أقول لكم مع مطلع شهر الخير .. كل عام وانتم بخير .. ثم اسكت !!
وودت لو أن هذه العبارة الممسوقة الرائعة التي اعتدنا أن نتبادلها فى مناسباتنا السعيدة هي وحدها كل بطاقة التهنئة حتى وان أصبح البعض يفرغها من مضامينها الجميلة ويشح أن يقولها لأقرب الناس بشفاهية وحميمية فيرسلها هكذا محنطة مجردة !!
** أقول ودي أن احتفي أو أن اسكت ـ على الحد الأدنى ـ ولكن كيف يكون ذلك ??
هل لنا أن نرقص فوق جراحاتنا??!!
هل لنا أن نبتسم ضاحكين وفي أعماقنا تسكن المآسي ?
هل يتجاوز الفرح حد السكين تحت أقدامنا ??
هل بمقدور احد منا أن يترمد إنسانيا وشعوريا دون هذا الدم النازف من عروق الأمة ??
** عذرا يا سادة فما لمجروح إلا أن يستقرئ في أفراحه أوجاعه ويطوف مع جراحاته فوق كل تراب هناك وهنالك !!
** كل عام وجراحاتكم بخير .. في الصومال .. المجاعة تقد العروق والمشاهد تحرق القلوب .. أجساد ثاوية وأطفال ترى عظامهم من بين مساحات جلودهم .. الموت يفتك
بالناس .. و الثاوون لا يقدرون على مواراة جثث الميتين !!
وفوق الجثث على الأرصفة يتقافز ( محاربو الشيطان ) .. يتقاتلون .. ليزيدوا المجاعة رزية أخرى .. ومن لم يمت بالجوع مات بالبارود
والعالم المسكون بالخذلان يراقب مشهد الموت وكأنه ينتظر حفنة من تراب خالية تصلح لان تكون بعد ذلك صومالا جديدا !!
** كل عام وجراحاتكم بخير .. في ليبيا .. الموت والدمار , والطاغية يحرق بلده وشعبه..
أكثر من أربعين عاما عاشوا وه?م « حكم الشعب « الحكم المفرغ من كل شيء إلا من الاستعباد والإذلال والجوع
وبعد أربعين عاما يحرقهم لأنهم يريدون خلاصهم ويبحثون عن حرياتهم والثوار يواجهون مصائرهم ومصارعهم .. الطاغية يزداد جنونا والثوار يستبسلون وتحولت الزنتانة والبريقة ومصراتة الى مستنقعات هلاك وحمامات دم !!
** كل عام وجراحاتكم بخير .. في سوريا .. 120 يوما من الاشتعال والاحتراق , المتظاهرون يرفعون أصابعهم ومناديلهم البيضاء وأهازيج الحرية والسلام والعدل
والنظام يدوسهم بدباباته ويسحل بحذاء العسكرأجسادهم على الإسفلت والشبيحة تشرب الدم وترقص فوق أجساد الشعب الأعزل !!
الجيش ينتشر في كل المدن والمثار يسد مطلع الشمس ويحول الأرض إلى قطعة من السواد والنار ورائحة البارود تملأ الأزقة والبيوت الهاوية . وتفتح ( فاك) من الدهشة
لماذا كل هذا الجيش ? وهذا العتاد ? وتسأل بمرارة أين كل هذه الأسود الزائرة من هضبة الجولان التي ترزح تحت الاحتلال من عشرات السنين وأهلها يبكون دما تحت وطأة إسرائيل ونحن لم نجرؤ أن نطلق رصاصة واحدة !!
** كل عام وجراحاتكم بخير .. في اليمن .. حكاية اشد وجعا .. القبائل تحتشد في صنعاء وتعز وعدن وصعدة وباقي المدن اليمنية والفتنة تطل بشرورها من كل زاوية
وفي أحشاء الاعتصامات والمعارضة والموالاة يحوم الرصاص وتسيل الدماء ويسقط الأطفال والنساء والرجال !
وما بين هذا وذاك حوثيون وقاعدة وقبائل وأحزاب تتسابق باليمن إلى الهاوية وتأخذه الى حرب أهلية بدأت نذرها تلوح في الأفق وان لم يحتكم الناس إلى العقل فستحكمهم الفواجع والمقابر وفوهات البنادق !!
** كل عام وجراحاتكم بخير .. في مصر.. نجحت الثورة وتنازع الثوار .. وميدان التحرير الذي شهد اعتصامات الثورة قد يشهد إشعال فتيلها من جديد!!
والخوف أن يتحول ( طبل) الثورة إلى (صولجان) في أيدي من يحاول اختطافها !!
والشارع المصري لازال مسكونا بالفوضى والرهبة من المجهول !!
** كل عام وجراحاتكم بخير .. فى تونس .. كان ( البوعزيزي) من أشعل شمعة اولمبياد التثويرعبر كل الجهات الأربع في الوطن العربي
رحل الرئيس وغابت استراتيجيات البدائل ولازالت أزمة الثقة تدور رحاها على أطراف كرسي الرئاسة
فى الزاوية لازالت هناك بقايا للرصاص والتدمير والمطالب المترمدة
**كل عام وجراحاتكم بخير .. تذكروا جرحكم القديم الجديد .. أولى القبلتين لازال يئن تحت الاحتلال ولازال الحصار والاستيطان والقتل والتجويع وفوق ذلك لازالت انقسامات أبناء الشعب الواحد حتى بنادقهم بقيت مصوبة الى صدورهم وأغصان زيتونهم !!
** كل عام وجراحاتكم بخير
لصالح من هذا الدم العربي المسكوب ?
ولصالح من هذا التجييش داخل الوطن العربي الواحد ?
ولصالح من هذه الالاف من القتلى والجرحى والمهجرين ?
ولصالح من إحراق أوطاننا وبيوتنا ومقدراتنا بأيدينا ?
** إذا عرفتم لصالح من كل هذا فادعوا لأنفسكم بان يجعل الله شهرك