زيارات أردوغان الخليجية.. الأهداف والتداعيات
شهارة نت – انقره :
منذ العام 2015، تخضع سياسة أنقرة الخارجية لعملية إعادة تقييم وتوجيه لعدة أسباب وعوامل، أهمها التحولات في المنطقة والضغوط الخارجية عليها، وتوتر علاقاتها الأوروبية والأمريكية، والأجندة الداخلية الضاغطة. ونتيجة لهذه المراجعة، تتجه تركيا لتدوير زوايا الخلاف مع بعض الدول، وبناء شراكات إقليمية ودولية مثل تفاهماتها وتعاونها مع كل من روسيا وايران وقطر.
هذا وسعت تركيا إلى لعب دور الوساطة، للحيلولة دون مزيد من التصعيد، بين الدوحة وبعض الدول الخليجية وذلك منذ اليوم الأول لاندلاع الأزمة الخليجية ـ القطرية، في الخامس من يونيو، على خلفية قطع كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها السياسية والاقتصادية مع قطر، بسبب الاتهامات الموجهة إلى الأخيرة بدعم التنظيمات الإرهابية.
غير أنه مع تعثر الجهود التركية في التهدئة بين قطر والدول الخليجية الثلاث، وانضمام مزيد من الدول لخيار مقاطعة قطر، أو خفض العلاقات الدبلوماسية معها، انحازت أنقرة إلى الدوحة، وقدمت الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري لها في مواجهة الإجراءات الخليجية.
وقد جاءت زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الكويت، حيث كان في استقبال الرئيس التركي النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح ورئيس بعثة الشرف المرافقة المستشار بالديوان الأميري محمد عبدالله أبو الحسن، وبعدها إلى الدوحة، في إطار تعزيز العلاقات بين تركيا وتلك الدول، واستكمالا للنهج التركي المتّبع في الفترة الأخيرة. ويمكن تلخيص الأهداف التركية من الزيارة الأخيرة وتعزيز العلاقات مع قطر ودعمها في ظل الأزمة الخليجية بما يلي:
1- تعد قطر الحليف الأساسي والأهم لتركيا في المنطقة العربية، حيث تتبنى الدولتان سياسات متطابقة تجاه قضايا المنطقة، خصوصاً في سوريا والعراق وليبيا، وتقدمان دعماً لتيارات الإسلام السياسي، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، وتعتمدان عليها كأداة للنفوذ ولتنفيذ سياساتهما بالمنطقة.
2- تزايدت أهمية قطر بالنسبة لتركيا كحليف رئيس لها في المنطقة في ضوء التحديات التي تواجه الدور التركي بالمنطقة، منذ إسقاط حكم جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وتراجع تأثيراتها في الأزمة السورية، عقب الهزائم المتتالية التي تعرضت لها جماعات المعارضة السورية التي تدعمها. ومن ثم، فإن نجاح الضغوط الخليجية على قطر والاستجابة لمطالبها، والتي على رأسها إيقاف دعمها جماعات الإسلام السياسي، سيعتبر ضربة قاضية للمشروع التركي في المنطقة.
3- يرى صانعو القرار في أنقرة أن الضغوط التي تُمارَس على قطر تأتي بهدف فرض مزيد من التضييق على الدول الداعمة لتيارات الإسلام السياسي، وشل قدرتها على الحركة بالمنطقة، وأن تركيا قد تكون الهدف التالي بعد قطر، خصوصاً أن أنقرة تنتهج سياسات إقليمية مشابهة للدوحة.
4- تتخوف تركيا من أن تؤدي التداعيات السلبية للأزمة الخليجية – القطرية على الاقتصاد القطري، إلى تراجع الاستثمارات القطرية في تركيا، التي تبلغ نحو 20 مليار دولار، ويتركز معظمها في قطاعات الزراعة والسياحة والعقار والبنوك، وهو ما ستكون له تداعيات سلبية على الاقتصاد التركي الذي يعاني بسبب محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة في يوليو 2016، وبالتبعية تراجع شعبية أردوغان في الداخل الذي يسعى لتأمين فوزه في الانتخابات البرلمانية والرئاسية في عام 2019، مراهناً على تحسن الأوضاع الاقتصادية في تركيا.
5- سعي تركيا لاستغلال فرصة قطع السعودية والإمارات العلاقات التجارية مع قطر، للسماح للمنتجات الغذائية التركية بالنفاذ للأسواق القطرية، التي تأثرت سلباً جرَّاء العقوبات الاقتصادية الروسية التي كانت مفروضة على تركيا، وبالتالي فإن الأزمة الراهنة ستعود بالنفع على الاقتصاد التركي.
أما في تعزيز العلاقات مع الكويت تسعى تركيا للانفتاح عليها في مختلف الميادين، ومن الناحية السياسية يمكن القول أنها تعمل على ضم الأخيرة إلى حلفها، أو على الأقل تسعى إلى العمل على جلوس الكويت جانبا، فإن بقاء الأخيرة على حياد وعدم وقوفها إلى جانب السعودية يخدم المصالح التركية.
في الختام يمكن القول أن زيارة الرئيس أردوغان إلى كل من قطر والكويت، في ظل الأوضاع الراهنة التي تشهدها منطقة غرب آسيا، ستؤدي إلى تعزيز الشرخ بين تركيا والسعودية، ومن ناحية أخرى تثبّت الموقف التركي في مواجهة السعودية ومصر والامارات والبحرين، ومما لا شك فيه سيكون لها دورا فاعلا في تعزيز العلاقات على جميع الأصعدة بين تركيا والدولتين الخليجيّتين.