من يوميات الثورة
(مجرد إنسان)
الله اكبر .. الله اكبر ..قد قامت الصلاة ..الله اكبر…لا اله إلا الله ?أق?َيمت صلاه الفجر فخرج محمد لأداء الصلاة في الجامع القريب من مسكنه ثم عاد ليستقبله سعال أمه المزمن من الباب ?ق?بل رأسها قائلا :اليوم سوف اقبض راتبي إنشاء الله وسأذهب بك إلى طبيب آخر عله يجد لك دواء ناجعا? أخذها من يدها ودخل بها إلى حجرتها فلحق به أخوه أنور صائحا :محمد ..محمد لقد انقطع حذائي للمرة السابعة هذا العام ولن يجدي معها هذه المرة أي ترقيع حتى لو بالاسمنت .ضحك محمد ووعده بحذاء جديد من الراتب الذي سيقبضه اليوم.خرج محمد من غرفة والدته ودلف إلى المطبخ لتناول الفطور فإذ بأخته فاطمة تذكره بان أنبوبة الغاز على وشك الانتهاء وان صديقه الذي وعده من شهرين بتدبير أخرى ملئ لم يف بوعده بعد وبان صاحب البيت قد جاء باحثا عنه البارحة لأكثر من مره مهددا إياهم بالطرد إن هم لم يدفعوا الكراء . تنهد محمد وازدرد لقمتين ثم غادر المطبخ بعد أن وعدها خيرا. دخل محمد غرفته ليرتدي ملابسه استعداد للخروج للعمل فلحق به اصغر إخوته ليحكي له بحزن كيف أن جارهم صاحب البقاله رفض أن يعطيه حلوة بعشره ريالات لأنهم يدينون له بعشره الآلف منذ عدة اشهر ولم يدفعوها? ق?بل محمد راس أخيه الأصغر وتنهد تنهيده اكبر من الأولى وغادر البيت. ركب محمد الباص الذي ي?َوصل به تلاميذ المدرسة الاهليه الابتدائية ومر على بيوت الطلاب ليجمعهم ?مر فاخذ أكرم ثم باسم ثم صلاح وبينما هو يجمعهم إذ بقذيفة من معدل 127 تصيب الباص وتفرقهم وفي خبر عاجل على التلفاز (ق?َتل سائق باص مدرسي- بدون اسم-وجرح أطفال آخرون- بدون أسماء- بجروح بليغة .
(خلدون راشد العبسي بائع الألوان )
وصلت?َ إلى البيت وأنا أتصبب عرقا والفظ أنفاسي كحمم من شدة الذعر وسرعة الركض من رصاص الأمن والذي ملئ الشارع ?لم تفهم صغيرتي ماذا حل بي فبادرتني بالسؤال عن ألوانها والتي كانت لصغر سنها تحبها بقدر ما تحبني فقالت: ماما هل اشتريت لي الواني لألون الشمس والسماء والبحر والفضاء ولألون الزهر والنهر والثمر? فأجابتها: لا لأن صاحب الألوان ق?َتل صرخت: وما هو ق?َتل ?فقلت لها :أي مات ومن يموت لا يعود فقالت في حزن: ومن قتله? فأجابتها: الرئيس صرخت مرة أخرى: ولماذا يقتل الرئيس بائع الألوان? فرددت عليها: لان الرئيس يكره الألوان.
(حذاء بدون قدم )
خرج هذا الصغير من البيت وعاد ولكن ليس إليه بل إلى المشفى الميداني الخاص بالجرحى من المعتصمين في ساحة التغيير بصنعاء ?كان يحتضن في صدره الصغير قلبا اصغر حمل هذا القلب هما اكبر يشعر به ولا يعيه وحمل بين يديه هما آخر بنفس الحجم يعيه ويخشى عليه. أما الأول فإسقاط النظام والثاني حذائه البلاستيكي المهترئ والذي حرص عليه كأنه روحه لذا ظلت يديه الصغيرتين متشبثتان به رغم إصابته وفقدانه للوعي فهذا الصغير يعي في وعيه وفي حالة فقدانه للوعي أن لا احد يستطيع أن يكسوا قدميه الصغيرتين إلا بابا الفقير أو بابا الرئيس وبابا الفقير لا يملك المال وبابا الرئيس لا يملك إلا الرصاص
كاتبه من اليمن