ديعوت احرونوت: الخطر الايراني وحده غير كاف لاحداث تقارب علني بين الرياض وتل ابيب
شهارة نت – وكالات
إدعت اسرائيل لعشرات السنين بان النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني ليس جذر مشاكل الشرق الاوسط وان النزاعات الدينية والقبلية، وانظمة الحكم المطلق والانظمة الدينية أو الفقر المدقع والنقص في المياه، هي التي تؤثر على عدم الاستقرار في المنطقة.
ست سنوات من “الشتاء العربي”، ملايين اللاجئين، المدن المدمرة وثلث دول “الجامعة العربية”، التي لم تعد تشبه ما كانت عليه قبل عقد أوضحت لمن ادعوا بان حل النزاع مع الفلسطينيين سيجلب الخلاص لامراض المنطقة بان ليست اسرائيل هي المشكلة.
في الاسابيع القريبة القادمة ستخرج الادارة الامريكية بمبادرة جديدة (ولعلها فقط بلباس متجدد)، من عناصرها بادرات تطبيع من الدول العربية في علاقاتها مع اسرائيل. وتعزز زيارات ابو مازن والمبعوث الامريكي غرينبلت الى الرياض الافتراض بان التوقع هو لبادرات سعودية طيبة. واذا ما اقترحت هذه فانها ستكون جزءا من الجدال الذي سيثور في اسرائيل حول مضامين المبادرة وقيمة البادرات.
تمر السعودية بمسيرة تغيير متسارع. فولي العهد محمد بن سلمان (32 سنة) كفيل بان يكون الملك العربي الاصغر، ومنذ الان فانه يترك أثره على المملكة. فمنذ 2015 وهو المحرك لتغييرات عميقة في سلوك سياسة الامن، الخارجية، المجتمع والاقتصاد. ومنذ بدأ تدخله وقفت السعودية علنا وبحزم ضد ايران، برنامجها النووي ونشاطها التآمري في المنطقة، ولا سيما في اليمن، الساحة الخلفية للرياض والتي تساعد فيها ايران الثوار الحوثيين.
ليست مؤامرات ايران بظاهرة جديدة. فما جد في السنوات الاخيرة هو الجهد النووي، ضعف واهمال الرئيس اوباما والصعود النيزكي لبن سلمان. اسرائيل والسعودية على حد سواء رأتا بقلق استعداد الادارة الامريكية لصفقة مع ايران، لا تغلق تماما خيارها النووي. ويتبين لاسرائيل وللسعودية على حد سواء بان الرئيس ترامب بخلاف المرشح ترامب، لن ينصرف من الاتفاق مع ايران الا اذا خرقته هذه بشكل فظ.
حتى لو لم تقل اسرائيل والسعودية هذا بلغة واضحة فانهما قلقتان ايضا من ميل واشنطن لمواصلة مسيرة التراجع التدريجي عن الشرق الاوسط. فغياب النجاح في المعارك في افغانستان وفي العراق، الغاء التعلق، الذي لم يكن أبدا حرجا، بمصادر النفط من المنطقة، والاحتمال الهزيل لانجازات سياسية كنتيجة لمبادرات الولايات المتحدة – لا تشجع استمرار الاستثمارات الامريكية في المنطقة.
ترى اسرائيل والسعودية بقلق التدخل الامريكي على نار هادئة في سوريا في مواجهة التواجد الفاعل لروسيا وايران. ومؤخرا تشتبهان أيضا بان ايران تطور رواق عبور الى البحر المتوسط، في ظل الاستعانة بحلفائها، من الشيعة اساسا، ممن يسيطرون على أجزاء من هذا المحور. لبنان هو حلقة حيوية في الخطة الايرانية، وحزب الله هو أداة ضرورية في تحقيقها. على هذه الخلفية ينبغي قراءة استقالة رئيس وزراء لبنان. فمنع نشوء رواق ايراني هو مهامة استراتيجية جسيمة، وسيكون من الصعب الايفاء بها دون تدخل امريكي. في هذا ايضا يمكن ان نفسر التحسن الطفيف في علاقات السعودية وروسيا وتعزيز الحوار الروسي – الاسرائيلي في المسألة السورية.
مشكوك أن يكون الخطر الايراني وحده بكاف لاحداث تقارب علني بين السعودية واسرائيل. فمحمد بن سلمان ينشغل في تثبيت الخلافة، ومشكوك أن يكون يرغب في تعريض نفسه لنقد عربي، ولا سيما ايراني، على “خيانته للشعب الفلسطيني”. جواب اسرائيلي ايجابي لمبادرة امريكية حين تطرح يمكنه أن يقنعه ان يحتمل المخاطرة.