هل يمكن للدول الأوروبية أن تتبع سياسة مستقلة عن أمريكا تجاه إيران؟
شهارة نت – أمريكا
نشرت مجلة “فوكس” الألمانية مقالا، كتبه البروفسور “توماس جيجر”، رئيس قسم السياسة الدولية والخارجية في جامعة “كولونيا” بألمانيا وعضو هيئة التدريس في معهد السياسات الأوروبية في ألمانيا وأحد المحللين الألمانيين البارزين في مجال سياسة الولايات المتحدة العدائية فيما يخص الاتفاق النووي الإيراني، حيث قال….
من المحتمل أن يقوم الكونغرس الأمريكي هذا العام بالموافقة على تلك العقوبات التي طالب الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” بفرضها ضد إيران، وإن لم يتوصل الكونغرس الأمريكي إلى أي اتفاق في هذا الصدد، فإن الرئيس “ترامب” سيقوم بمفرده بإلغاء هذا الاتفاق النووي.
وحول هذا السياق، صرحت “فيديكا موغرييني”، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، بأن الاتفاق الذي تم التوقيع عليه والذي تم إبرامه بين ستة أطراف، لا يمكن إلغاؤه من قبل طرف واحد. وإذا ما أقدمت الولايات المتحدة على تغيير موقفها تجاه هذا الاتفاق النووي، فإن كل تلك البنود التي تم الاتفاق عليها والتي كُتبت في هذا الاتفاق، لن يكون لها أي قيمة. ولقد قام الاتحاد الأوروبي بطبيعة الحال بالكثير من المواقف الداعمة لهذا الاتفاق النووي. ولكن الجانب الإيراني ينظر إلى مثل هذا المواقف، بأنها ضعيفة ولا تستطيع أن تخدم الاتفاق النووي بالوجه المطلوب.
ومن جهة اُخرى، أشار كاتب هذا المقال أيضا إلى أن عودة إيران إلى عالم التجارة والاقتصاد في العالم، تعد من الأمور ذات الأهمية الكبرى لدى الدول الأوروبية، حيث قال: “ترى الكثير من الدول الأوروبية بأنه من الضروري أن تتبع استراتيجية لفتح أفاق التعامل والتعاون مع إيران، إلا أن هذه الاستراتيجية الأوروبية تتلاشى بسبب تلك السياسات الأمريكية العدائية التي تتعامل بها تجاه إيران”.
وفي سياق متصل ذكرت هذه المجلة الألمانية أيضا، بأن “ماركو اوريلي هاوس” احد الخبراء السياسيين في معهد العلوم والسياسة الألماني، صرح لصحيفة “فرانكفورت العامة”، بأن الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى سياسة مستقلة تجاه إيران”. ومن جهة اُخرى تسائل هذا الخبير السياسي، ماهي السياسية التي تريد برلين والعواصم الأوروبية الأخرى، أن تتبعها تجاه طهران وكيف سيواجهون الرئيس الأمريكي “ترامب” الذي يتبع سياسات انفرادية تجاه إيران وبرنامجها النووي؟ وحول هذا السياق ذكرت هذه المجلة أيضا: بأن تلك الأسئلة التي طرحها الخبير السياسي “هاوس”، مهمة جدا ونأمل أن تكون السلطات قد سمعتها.
وأكد كاتب هذا المقال أيضا، بأنه صار من المعروف منذ بداية فصل الخريف لهذا العام، بأن السياسة الأمريكية تجاه إيران ستتغير جذريا، حيث كتب: ” لقد كُشف الستار عن هذه السياسية التي ستتعامل بها الإدارة الأمريكية تجاه إيران، منذ تلك الزيارة التي قام بها الرئيس “ترامب” للسعودية في ربيع عام 2017، والتي صرح فيها بأنه سيتبع خطة جديدة لفرض عزلة سياسية على إيران.
وفي جزء آخر من هذا المقال، ذكرت مجلة “فوكس” الألمانية: في النهاية، ستتبع دول الاتحاد الأوروبي، نفس سياسة الولايات المتحدة العدائية تجاه إيران وبشكل عام، سياستها في الشرق الأوسط. ولكن بعد أن تنتهي الولايات المتحدة من معاقبة جميع الشركات والبنوك التي تريد التعامل والتجارة مع إيران، فأن الدول الأوروبية ستقوم بإتباع سياسة مستقلة تجاه إيران.
لذلك، فحتى لو طلبت الدول الأوروبية من شركاتها، الدخول في تبادلات تجارية مع إيران، فلن تجد أي شركة من شأنها أن تفعل ذلك. وذلك لأن هذه الشركات ترى بأن التجارة الدولية مع الولايات المتحدة لها قيمة اكبر من الدخول بتبادلات تجارية مع إيران. وهذه الأمر ما هو إلا بسبب تأثير الدولار الأمريكي، باعتباره العملة الاحتياطية الدولية الوحيدة التي لها تأثير قوي على التجارة الدولية.
ولهذا كله، فإن الأوروبيين، يرون بأن توجيه السياسية نحو الولايات المتحدة، تعد اهم من قضية مناقشة سياساتهم تجاه إيران. وهنا يطرح السؤال نفسه، ماهي السياسية التي ستتبعها دول الاتحاد الأوروبي تجاه الولايات المتحدة؟ وبما أن الدول الأوروبية تعتمد على خدمات حلف شمال الأطلسي “الناتو” فيما يخص قضايا الأمن الأجنبي والتي تُعد في الآساس خدمات أمريكية، فإن هناك أجابه سريعة لهذه السؤال. يجب على دول الاتحاد الأوروبي، قبل أن تفكر في اتخاذ سياسة مستقلة تجاه إيران، أن تجيب أولا على هذا السؤال، ماهي القدرات والتجهيزات التي تمتلكها والتي يمكن أن تستخدمها ضد الولايات المتحدة، ولكن للأسف فأن الإجابة عن هذا السؤال في وقتنا الحاضر، انهم لا يملكون شيء.