تواطؤ دولي واضح وشراكة امريكية سعودية في سفك دماء السوريّين
شهارة نت – دمشق :
أربع سنوات مرّت على أول هجوم عنيف لما يسمّى بالـ”جيش الحر” على العاصمة السورية دمشق. هجوم لم يميّز بين مدني وعسكري، استُخدمت فيه شتّى أنواع الوحشية من قذائف صاروخية وسيّارات مفخّخة. جاءت اليوم وثيقة صادرة عن وكالة الأمن القومي الأمريكية، أعطاها إدوارد سنودن لموقع “ذي انترسبت”، لتعلن عن دور الأمير السعودي سلمان بن سلطان في تزويد تلك الفصائل بنحو 120 طنّاً من المتفجرات والأسلحة، لشنّ هجوم على قلب دمشق لتحقيق “نصر” على “نظام الأسد” كاشفة عن غيض من فيض الحرب السعوديّة على سوريا.
ووفق الوثيقة، فإنه في الثامن عشر من آذار من عام 2013، “اتخذت مجموعة من المسلّحين مواقعها، وأطلقت وابلاً من الصواريخ على أهداف في قلب العاصمة دمشق”. الهجوم كان عبارة عن عرض واضح للقوة “تحت راية الجيش السوري الحر”، يضيف “ذي إنترسبت”. وفيما يوضح أنه “استهدف القصر الرئاسي ومطار دمشق ومجمّعاً أمنياً تابعاً للحكومة”، يلفت إلى أنه “بعث رسالة إلى النظام عن توسّع قبضة (الجيش السوري الحر) على البلاد، بعد عامين على التحرّك ضده”.
وتابع موقع الصحيفة، أما وراء الهجمات، فقد ظهر نفوذ القوة الأجنبية، فوفق الوثيقة “السرية جداً”والتي تسلّمها موقع الصحيفة من الضابط السابق في الاستخبارات الأمركية إدوارد سنودن، حيث صدر القرار بشنّ هذه الهجمات الصاروخية مباشرة من أحد أعضاء الأسرة السعودية الحاكمة، وهو الأمير سلمان بن سلطان. وأوضح معدّ التقرير أن الهدف من وراء القيام بهذه الهجمات في ذلك الوقت بالذات كان من أجل “تسجيل الاحتفال بالذكرى الثانية لاندلاع الثورة السورية“.
وفيما يشير الموقع إلى أن “السعوديين لطالما كانوا يراهنون على إسقاط (الرئيس السوري بشار) الأسد”، يضيف أن “سلمان كان واحداً من المسؤولين السعوديين الأساسيين الذين يتابعون الحرب في سوريا، وذلك من خلال عمله كمسؤول استخباري رفيع المستوى، قبل ترقيته إلى نائب وزير الدفاع في عام 2013”. وفي هذا الإطار، تمنح وثيقة وكالة الأمن القومي لمحة عن كيفية تطوّر الحرب. كذلك “تظهر عمق تورّط القوى الأجنبية في أجزاء من التحرّك المسلّح، حتى من خلال (التدخل في) اختيار عمليات محدّدة لحلفائها، المحليين من أجل القيام بها”، وفق تعبير معدّ التقرير.
موقع الصحيفة نقل أيضا عن الخبير في الشأن السوري آرون لاند، تحليله للتسجيلات والفيديوهات التي ظهرت فيها الفصائل التابعة للجيش الحر، وقوله إنه “يبدو أن هناك مجموعات عدة متورّطة، كلها تعرّف عن نفسها على أنها فصائل مختلفة من الجيش الحر، ويبدو أنها كلّها تتصل بالراعي ذاتهه”. كذلك أشار موقع “ذي انترسبت” إلى أن الفصائل التابعة “للجيش الحر” تنتمي إلى جبهة مدعومة من السعودية والأردن.
تاريخ أسود للسعودية في زعزعة الأمن السوري
التآمر السعودي على سوريا لم يكن في سنوات الأزمة فقط، فلطالما عملت المملكة على زعزعة أمن سوريا. منذ العام 2006، وعندما أعلنت كونداليزا رايس، وزيرة الخارجية الأمريكية حينها، عن “معسكر الإعتدال” من جدّة، بدا أن صانعي السياسة السعودية قد حسموا أمرهم لجهة الإنضواء إلى ذلك المعسكر، في دور جديد للملكة توجّه بصورة كاملة إلى سوريا.
وفي 15 تشرين الأول 2006، نشرت مجلة “الحجاز” مقالاً تحت عنوان “السعودية تتبنى بشكل صريح مشروع إسقاط النظام السوري”، تناول طبيعة التحرّكات السعودية المريبة إزاء الحكومة السورية والتي بدأت بدعوة نائب الرئيس السوري السابق المنشق عبد الحليم خدام لزيارة الرياض، حيث التقى الملك عبد الله وولي العهد الأمير سلطان، وجمع اللقاء رفعت الأسد، شقيق الرئيس السوري السابق حافظ الأسد ونائب الرئيس الأسبق، مع خدّام في الرياض لوضع خطة إطاحة نظام بشار الأسد. وهذه الأنباء، حسب “الحجاز”، “جاءت في سياق أنباء أخرى حول دعوة الولايات المتحدة لرفعت الاسد من أجل مناقشة مستقبل سوريا ومصير نظام الحكم فيها!”. ولفت المقال الى معطيات عدة تشي بتورّط القيادة السعودية في مشروع تغيير النظام في سوريا، “وهو مشروع تشارك فيه أطراف عدة.”
وفي الخامس عشر من أيار 2007، كشفت “الحجاز” أيضا عن نبأ انقلاب عسكري في سوريا بتمويل سعودي، والذي تمّ إجهاضه في تشرين الثاني 2006. وجاء في النبأ أنّ المخابرات “الإسرائيلية” كانت على علم به من خلال رئيس الاستخبارات السعودية الأمير مقرن بن عبد العزيز.
وفي 28 أيار 2007، نشرت صحيفة “الأخبار” اللبنانية في صفحتها الأولى الرواية السورية عن حقيقة التآمر السعودي على الدولة السورية. وكتبت الصحيفة: “كشف مصدر دبلوماسي عربي بارز في المنامة لـ”الأخبار” أنّ الرئيس السوري بشار الأسد اتهم قيادة المملكة العربية السعودية بالتآمر على سوريا، وبالعمل لقلب نظام الحكم فيها.”
شريك أساسيّ في الأزمة الحالية
وبعد اندلاع الأزمة، لا يخفى على أحد مدى التواطئ السعودي فيها، فقد باتت لا هم لها إلا التخطيط لتخريب سوريا وهدم استقرارها فوق رؤوس المدنيين من شعبها. والأدلة على ذلك كثيرة، فقد ثبت تورط السعودية وقطر في تقديم دعم مادي ولوجستي للإرهابيين، وقد أفادت مصادر مطّلعة في وقت سابق، أن الحكومتين السورية والروسية قد تسلمتا من شركة “تويوتا” تقريرا أوليا بشأن صور سيارات تسلمتها الشركة من المخابرات العسكرية الروسية، وكان أبرز ما جاء فيه: أن 22500 سيارة اشترتها شركة استيراد سعودية الجنسية، فيما اشترت قطر 32000 سيارة، واشترت الإمارات 11650 سيارة، واستورد الجيش الأردني 4500 سيارة باعتماد ائتماني من عدة بنوك سعودية الجنسية. وجميعها الآن مع تنظيم “داعش“.
هذا وأكدت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية في وقت سابق أيضا ان الأمين العام لمجلس الأمن السعودي ورئيس الاستخبارات الأمير بندر بن سلطان هو صحاب اليد العليا في الحشد للعدوان على سوريا.
واشارت الصحيفة التي نشرت تقريرا مطولا عن بندر الذي وصفته بأنه الرجل الحديدي في النظام السعودي ورجل المهام الخاصة في المنطقة، الى انه يتمتع بنفوذ غربي قوي وواسع التأثير حتى على رؤساء غربيين سابقين وخاصة الامريكيين. وقالت انه اقنع العديد من دول العالم من أجل حفظ ميزان القوى في الحرب على سوريا وتسليح الجماعات المسلحة وتدريبها.
يذكر أن السعودية لطالما أعلنت عزمها إرسال قوّات بريّة لمحاربة الإهاب في سوريا، على حد زعمها، في خطوة لاقت معارضة رسمية وشعبية سوريّة. سوريا التي باتت تميّز جيّدا بين العدو والصديق، وبين من يريد صلاح سوريا ومن يريد تدميرها، لم تقع يومًا في فخّ الشعارت، لتصدّق أن إرهابا بإمكانه أن يواجه الإرهاب، إرهابٌ صنعه الغرب بأموال سعوديّة لتحقيق ما عجز عنه في صولات وجولات لا تعدّ ولا تحصى.