هل تملك روسيا مفاتيح الملفات المعقدة وتتجه لإنهاء الأزمة بين دمشق والأكراد؟
شهارة نت – تحليل :
فيما يتقدم الجيش من أهم المناطق النفطية على الضفة الشرقية لنهر الفرات، تبدو الجهود الروسية أكثر فاعلية ضمن مسار توحيد مكونات شمال وشمال شرق سوريا، لإشراكهم في مفاوضات موسّعة مع دمشق، قد تفضي إلى تفاهمات مهمة حول مستقبل تلك المنطقة.
تثبت موسكو مع توالي الأحداث على الساحة السورية أنها تملك مفاتيح مهمة لتحريك الملفات العالقة ونزع فتيل التوتر الذي يولّده تضارب الأهداف الميدانية والسياسية بين أطراف الصراع الدائر. الحراك الروسي الوسيط بين الأكراد ودمشق كان أحد أبرز أدوار الأخيرة.
فاقتراب المعارك من نهايتها في المناطق التي سيطرت عليها «قوات سوريا الديموقراطية» بدعم أميركي، ولّد حاجة إلى قوننة علاقتها وارتباطها مع باقي الأراضي السورية.
وهو ما تنبهت له موسكو قبل وقت طويل، إذ تركت خطوط التواصل عبرها مفتوحة للطرفين، لتصل بها إلى مرحلة متطورة قد تفرز توافقات مهمة على مستقبل سوريا وكيانها الموحد.
ومثّلت زيارة الوفد الكردي الذي ترأسه سيبان حمو، القائد العام لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية، لموسكو، نقطة مهمة ضمن هذا السياق، إذ انعكست بشكل واضح عبر ضبط المناوشات في ريف دير الزور بين «قسد» والجيش السوري، وما جرى بعدها من تفاهمات حول منطقة الحقول النفطية والغازية. وقد تكون هذه الزيارة مهّدت لإطلاق مفاوضات «رسمية» قد تستضيفها قاعدة حميميم الجوية خلال الفترة المقبلة.
ومن اللافت أن الجانب الروسي كان قد أغلق، في وقت سابق، فرع «مركز المصالحة» في مطار القامشلي، وسحب ممثله فيه إلى موسكو، بعدما تمنعت القيادات الكردية عن تلبية ثلاث دعوات لعقد لقاءات ضمنه.
غير أن المركز أعيد افتتاحه أخيراً، وهو يشهد نشاطاً غير مسبوق، تحاول موسكو من خلاله جمع ممثلين عن كل مكونات مناطق الشمال والشمال الشرقي، للمشاركة في نقاشات التسوية السياسية.
وأثمر هذا التنسيق الروسي ــ الكردي، عن سلسلة خطوات عملية، بدأت بتسليم أكثر من 15 مواطناً من أصول روسية من عوائل «داعش» إلى السلطات الروسية، وانتشار قوة خاصة روسية داخل شركة غاز «كونيكو»، إلى جانب النشاط الروسي على جبهة تل رفعت المشتركة بين الأكراد وفصائل «درع الفرات» في ريف حلب الشمالي.
ويبدو واضحاً، أن الكرد ــ الذين سبق أن قال لهم الأميركيون إن منطقة عفرين هي منطقة نفوذ روسية ــ باتوا مدركين أن التنسيق مع موسكو قد يساعدهم على تجنب مواجهة مع تركيا في محيط عفرين، ويقرّب وجهات النظر مع دمشق تمهيداً لتفاوض مباشر.
وفي السياق ذاته، يظهر أن الحكومة السورية تبدي ارتياحاً لإعادة بناء الثقة مع الأكراد، مقابل تخلي الأخيرة (ولو مرحلياً) عن التنافس مع الجيش على حقول النفط.
ويأتي ذلك في وقت شهد فيه محيط حقل العمر الجنوبي، تقدماً لقوات الجيش من محيط قرية ذيبان. ووصلت تلك القوات إلى مسافة 4.5 كيلومترات عن مجمع المباني الإدارية داخل الحقل، وتمكنت من رصد عدد كبير من نقاطه نارياً.
وبالتوازي، كانت «قسد» تعبر نهر الخابور نحو الشرق من نقطتين رئيستين، مقابل بلدة الصور ونحو الشمال وصولاً إلى قريتي غريبة وشيخ حمد على ضفة الخابور الشرقية.
ويظهر من التحرك الأخير أن التفاهمات مع موسكو قد تكون امتدت لتشمل تحييد مناطق حقل العمر ومحيطه من حسابات «قسد» العسكرية حالياً، إذا إن الأخيرة لم تحاول التقدم وعبور النهر من محيط حقل الجفرة النفطي أو محيط بلدة السبخة، التي لا تبعد عن الحقل سوى عدة كيلومترات.