مراقبون يحذرون من انتقال القيادة المركزية لتنظيم القاعدة إلى اليمن
أطلق محللون سياسيون وباحثون متخصصون في شؤون القاعدة تحذيرات من احتمال انتقال القيادة المركزية لتنظيم القاعدة من منطقة الحدود بين باكستان وأفغانستان إلى اليمن بسبب عدة عوامل جاذبة أهمها طبيعة اليمن الجغرافية والمجتمعية القبلية.
وأكدوا في نفس الوقت على أهمية تعاون القبائل اليمنية مع القوات المسلحة لمنع القاعدة من مد سيطرتها في جنوب البلاد.
وقال سعيد الجمحي? رئيس مركز الجمحي للدراسات والأبحاث? في حديث للشرفة إن انتقال القيادة المركزية للتنظيم في الوقت الراهن غير وارد? لكن ممكن أن يتحقق في المستقبل القريب خاصة وأن تنظيم القاعدة تلقى ضربات قاسية في أفغانستان وباكستان وآخرها مقتل زعيمه أسامة بن لادن? مضيفا أن استمرار الضربات على عناصر التنظيم في باكستان وافغانستان جعل الكثير من العناصر يهربون إلى شبة جزيرة العرب ما قد يهيئ لانتقال تدريجي إلى اليمن.
وأشار الجمحي إلى أن تنظيم القاعدة كونه تنظيما إرهابيا? لا بد أن يتوقع أن تنتقل قيادته من مكان إلى آخر في حال تم تضييق الخناق عليه? متوقعا أن يكون اليمن البديل الأول والعراق البديل الثاني.
ومن العوامل التي تجعل من اليمن المرشح الأول لانتقال قيادة القاعدة إليه? وفقا للجمحي? البيئة القبلية للمجتمع اليمني التي ممكن أن توفر غطاء وملاذا آمنا للقاعدة والطبيعة الجغرافية وأيضا التواجد القوي للقاعدة في اليمن? إضافة للأحداث الأخيرة وسيطرة القاعدة على مناطق في جنوب اليمن حيث أعلنت جعار إمارة إسلامية في آذار/مارس الماضي.
إلا أنه أكد أن المستجدات الأخيرة في أبين ودخول القبائل في مواجهات مع عناصر القاعدة والذي لعب دورا محوريا في تحرير مناطق مثل شقرة ومودية? ستكون من العقبات الرئيسة أمام أي تطلعات محتملة للقاعدة في نقل القيادة المركزية إلى اليمن.
وقال “إن وقوف القبائل ضد القاعدة وفي حال استمراره سيضعف القاعدة كثيرا في جنوب اليمن وستأخذه قيادة القاعدة في الحسبان. وفي الأخير لن تستطيع القاعدة نقل قيادتها إذا استمرت القبائل في موقفها المعادي لها لأن القبائل هي من ستسمح لعناصر القاعدة في استيطان مناطقها وهي من ستكون لها الكلمة الفصل في طردها”? مؤكدا أن النجاحات التي تحققها القوات المسلحة بالتعاون مع القبائل في أبين ليست سوى دليل واضح على هذا.
وحذر الجمحي من أن “الظروف السياسية التي يعيشها اليمن تلعب دورا إيجابيا لصالح القاعدة ودورا عكسيا لما فعلته الثورات العربية في تونس ومصر حيث تلقى التنظيم ضربات قاسية والتي أثبتت أن إسقاط الأنظمة المستبدة يمكن أن يحدث بطريقة سلمية وهو عكس ما ينادي به التنظيم الذي يؤمن أن التغيير لا يتم إلا بالعنف”.
وتمنى الجمحي أن يعمل الجميع في داخل اليمن وخارجه على محاربة الإرهاب وإيجاد مخرج للأزمة اليمنية من أجل إنهاء مرحلة المعاناة التي يعيشها المواطنون والتي لا تخدم سوى تنظيم القاعدة? على حد وصفه.
من جانبه? لفت الدكتور فارس السقاف? رئيس مركز دراسات المستقبل? إلى ما تتداوله التقارير الإعلامية حول أن تنظيم القاعدة يستفيد من الأزمة اليمنية لإعادة ترتيب أوراقه وخاصة فرع جزيرة العرب الذي يتخذ من اليمن مقرا لقيادته.
وحذر السقاف من انتقال القيادة المركزية للتنظيم إلى اليمن لعدة عوامل أهمها أن أصول بن لادن تعود إلى اليمن? إضافة إلى العمليات الإرهابية التي خرجت من اليمن ومنها محاولة النيجيري عمر الفاروق عبدالمطلب تفجير قنبلة على متن طائرة متوجهة إلى الولايات المتحدة في كانون الأول/ديسمبر 2009? وقبلها محاولة اغتيال الأمير السعودي محمد بن نايف في آب/أغسطس 2009.
وأضاف السقاف “هذه عمليات نوعية جعلت اليمن محط الاهتمام الأساسي لقادة القاعدة”.
إلا أن السقاف أكد أن “انتقال القيادة المركزية ليس بالأمر السهل لكنه ممكن خاصة إذا حوصر التنظيم في أفغانستان وباكستان”? مشيرا إلى أن “التنظيم يرسل عناصره للقتال في أبين لإطالة أمد الحرب وإنهاك الشعوب والأنظمة? فضلا عن الفوضى التي يعيشها اليمن والتي تعتبر عامل جذب كبير لعناصر التنظيم ومتنفسا بعد الملاحقات المستمرة من السلطات الأمنية والجيش على مدى السنوات الماضية”.
أما الباحث المتخصص في شؤون القاعدة? محمد الغابري? فاعتبر أن “تنظيم القاعدة يستفيد من الاختلافات المذهبية ليجد لنفسه مدخل إقناع إلى عقول الشباب وهذا ما فعله في اليمن ويستفيد الآن من الاختلافات السياسية الموجودة لغرس ثقافة العنف وإعادة ترتيب نفسه”.
ولفت إلى أنه إذا نجح فرع القاعدة في اليمن في تنفيذ عمليات إرهابية? فهذا سيساهم في “تسليط الضوء عليه ونقل القيادة المركزية إلى اليمن مستفيدا من التركيبة الجغرافية والقبلية هناك”.
وقال الغابري إن قوة القبيلة وقوة الانتماء للقبيلة التي تفوق سلطتها سلطة الدولة بالنسبة لأفرادها يعتبر عامل قوة للقاعدة? حيث وفرت القبائل في السابق ملاذا لأبنائها المنتمين للقاعدة? داعيا الدولة إلى خلق نظام مجتمعي يجعل ولاء الدولة فوق