الصين توسع استثماراتها على حساب امريكا .. حقائق وأرقام!
شهارة نت – تحليل
بينما تتقدم الصين علميا واقتصاديا وتكنولوجيا وتتنامى يوما بعد يوم، تقف واشنطن في موقع لا تحسد عليه في الاقتصاد والسياسة والاستثمار، وتتبع الولايات المتحدة الأمريكية أسلوبا عسكريا عنيفا عن طريق تورطها في أغلب أزمات العالم وحروبه وتهدد عبر رئيسها الحالي دولا بأكملها بشن الحروب عليها.
الولايات المتحدة اليوم تتحالف مع أكثر الدول وحشية، مثل الکيان الإسرائيلي، والسعودية التي ترغمها واشنطن على دفع مبالغ طائلة لها بين الفينة والأخرى مقابل حمايتها، وبينما تنتهج واشنطن هذا النهج العسكري غير المجدي والذي لايصب في صالح بلادها، تخطو الصين خطوات سريعة ومتقدمة في مجال الاستثمار وصناعة التكنولوجيا الفائقة بما فيها الروبوتات والطاقة النووية والآلات المتطورة.
وتعد الصين اليوم مركزا للاستثمارات الخارجية في مجال التكنولوجيا وتتعاون مع أقوى الدول الأوروبية اقتصاديا مثل ألمانيا، في مقابل ذلك تحط واشنطن من إنجازاتها الإنتاجية الهائلة الماضية من أجل تعزيز حروب الدمار.
كيف وصلت الصين إلى هنا؟!
كانت تعتمد الصين خلال القرن الماضي على أساليب استثمارية في العالم الثالث كانت تقتصر على المعادن والزراعة في تلك البلدان، وفيما بعد بدأت بكين تتجه إلى احتلال قطاعات تكنولوجية متطورة في الاقتصاد المتقدم، ومن هنا بدأ الاقتصاد الصيني يتنامى ونسبة الاستثمار تزداد عاما بعد عام وفقا للخطوات التالية:
أولاً: مع دخول الألفية الجديدة، طورت الصين الصناعات الراقية، استنادا إلى براءات الاختراع المحلية والمهارات الهندسية، وتوجه نسبة عالية من الاستثمارات إلى الهياكل الأساسية المدنية والنقل والتعليم، وأدت برامج التلمذة الصناعية الضخمة إلى إنشاء قوة عاملة ماهرة ترفع القدرة الإنتاجية، وأتاح الالتحاق الهائل بجامعات العلوم والرياضيات وعلوم الحاسوب والهندسة تدفقا كبيرا من المبتكرين المتطورين الذين اكتسب العديد منهم خبرة في التكنولوجيا المتقدمة للمنافسين في الخارج.
ثانياً: اعتمدت الصين استراتيجية مبنية على ممارسة الاقتراض والتعلم والارتقاء والتنافس مع الاقتصاد الأكثر تقدما في أوروبا والولايات المتحدة، وبحلول نهاية العقد الأخير من القرن العشرين، كانت الصين في وضع يمكنها من التحرك في الخارج، ووفرت عملية التراكم للصين الموارد المالية اللازمة للسيطرة على مؤسسات دينامية خارجية.
ثالثاً: بحلول العقد الثاني من القرن الـ21، انتقل المستثمرون الصينيون إلى ألمانيا، العملاق الصناعي الأكثر تقدما في أوروبا، وخلال الأشهر الستة الأولى من عام 2016، استحوذ المستثمرون الصينيون على 37 شركة ألمانية، مقارنة بـ39 في عام 2015، وتضاعف إجمالي استثمارات الصين في ألمانيا لعام 2016 إلى أكثر من 22 مليار دولار.
وفي عام 2016، فتحت الصين بنجاح “كوكا” الشركة الهندسية الأكثر ابتكارا في ألمانيا، کاشفةً آفاقا واسعة لكسب التفوق في المستقبل الرقمي للصناعة، وتتحرك بسرعة لتطوير صناعاتها، مع خطط لمضاعفة إنتاج الروبوت في الولايات المتحدة بحلول عام 2020.
عراقيل في وجه التنين الصيني
نتيجة لخوفها من التقدم الهائل الذي تشهده الصين خلال العقود القليلة الماضية، تعمل كل من بريطانيا وأمريکا على كبح جماح التنين الصيني عبر حجج واهية هدفها إعاقته عن التقدم السريع، خاصة أن لندن وواشنطن لا تستطيعان في الوقت الحالي منافسة بكين لذلك يعتمدون على “التهديدات الأمنية” لفرض عقبات استثمارية، حيث منعت تيريز ماي، رئيسة الوزراء البريطانية، الصين من إنشاء محطة نووية ثقيلة قيمتها مليار دولار أمريكي، والحجة، الادعاء الزائف بأن الصين ستستخدم حصتها في “الانخراط في ابتزاز الطاقة، والتهديد باستخدام قوتها في الأزمات الدولية”.
من جهة أخرى عرقلت اللجنة الأمريكية للاستثمار الأجنبي استثمارات صينية متعددة بمليارات الدولارات في صناعات التكنولوجيا الفائقة، وفي أغسطس 2016، منعت أستراليا شراء حصة مسيطرة في أكبر شبكة لتوزيع الكهرباء بقيمة 8 مليارات دولار على ادعاءات خادعة تتعلق بالأمن القومي.
ختاماً، على الرغم من كل المحاولات الغربية لإيقاف تقدم الصين عبر تخويفها عسكريا وخلق ذرائع لمنعها من الاستثمار هنا وهناك، لم يفلح الغرب وخاصة أمريكا في ذلك، ففي الوقت الذي تنفق فيه واشنطن مليارات في الشرق الأوسط للحروب نيابة عن الکيان الإسرائيلي، تستثمر الصين مبالغ مماثلة في ألمانيا في مجال التكنولوجيا المتقدمة، والروبوتات والابتكارات الرقمية، ونتيجة السياسة الذكية التي تتبعها الصين في مجال الاستثمار ارتفع معدل النمو فيها إلى ثلاثة أضعاف النمو في واشنطن، وهكذا نجد أن الصين والولايات المتحدة تتحركان في اتجاهين معاكسين.