بقي أن تجربوا الحوار
لم يبق للذين جربوا العنف و الفوضى و الطيش و المكايدات و المغالطات إلا??ِ أن يعودوا إلى رشدهم و يجربوا لحظة صدق مع أنفسهم أولا?ٍ و مع الشعب ثانيا?ٍ ? وسيجدوا – لو أنهم فعلوا ذلك – ان الحوار وحده يمكن أن يكون المخرج المناسب و الوحيد للوطن و الشعب من هذه الأزمة التي افتعلوها و حشدوا أسبابها و أججوا صخبها وأوصلوها الذروة التي هي عليها الآن..
و إذا كان الحوار ( وهو قيمة إنسانية و حضارية و دينية و أخلاقية ) سيتيح الفرصة للعقلاء و الصادقين لإيجاد حلول لما اختلف عليه القوم ? و بطرق تسمح بعودة الهدوء و الاستقرار و السكينة إلى حياة الناس ? فإنه سيشكل فرصة – كذلك – لمن راهنوا على خيارات الفوضى ليعودوا إلى ساحة اللعب الساسي النظيف و المشروع ? و تطهروا من أدران التطرف التي لوثت ضمائرهم و عقولهم قبل تاريخهم و صورهم ..
كما أن العودة إلى طاولة الحوار ستخفف من حدة سخط الشعب اليمني على أولئك الذين حشدوا و احتشدوا إلى ساحات الفوضى بلا دراية أنهم يسيرون في طريق وعر حدده و رسم معالمه و يتبناه أناس باعوا أنفسهم للشيطان قبل أن يبيعوا مصالح الوطن و أمنه و استقراره و سكينته وكرامة وقيم وشيم أبنائه وكل مقومات ازدهاره في الحاضر و المستقبل ..
و إذا كانت المغامرات التي جربها الطامحون في الوصول إلى السلطة – منفردين او متضامنين مع غيرهم – قد أوصلتهم إلى مرحلة اللا??ِ عودة .. وكلفتهم السير – و تسيير مؤيديهم – في طريق ( يا روح ما بعدك روح ) ? فإن دعوة رئيس الجمهورية للعودة إلى طاولة الحوار تمثل فرصة ذهبية لمن يحمل مشروعا?ٍ سياسيا?ٍ و طموحا?ٍ مشروعا وفكرة ناضجة صادقة قابلة للتحقق ? بل و فرصة لمن تهو??ِر و غامر و قامر ليجد لنفسه مكانا?ٍ و مكانة في الحياة السياسية التي فرزت الأزمة مكوناتها فرزا?ٍ مخيفا?ٍ تداخلت فيه الأحداث و المؤشرات بشكل خلط الأوراق وغي??ِب أصحاب المطالب المشروعة و النقية في التغيير تحت غبار و أدخنة مثيري الزوابع و مشعلي الحرائق ..
و صحيح أن دعوة رئيس الجمهورية للحوار الصادق و الجاد و المسئول هي تكرار لدعواته السابقة التي قوبلت بالصد و التزمت و الغرور و العنجهية من قبل بعض المغامرين السياسيين ? ورغم ما طال الرئيس من أذى و تآمر و عدوان ? و رغم ما طال اليمن و اليمنيين من متاعب و معاناة ? و رغم ما كشفته الأيام الماضية من نزعات إجرامية لدى البعض لا علاقة لها بالمشروع السياسي المدني ? لكن إصرار الرئيس على الدعوة للحوار تمثل قمة الثبات على المبدأ الإنساني و الوطني النبيل الذي اعتمده علي عبد الله صالح منهجا و سلوكا في حكمه للبلد منذ 33 سنة ? وهو منهج أثبت التاريخ و أكدت التجارب التي شهدها اليمن أنه الأنسب و الأنجع و الأفضل في مختلف الظروف .