سياسي بريطاني: الادارة الامريكية أفقدت الغرب نفوذه في الشرق الأوسط
شهارة نت – وكالات :
أكد المحلل السياسي والمتخصص بشؤون الشرق الأوسط “جون برادلي” أن الأخطاء الاستراتيجية التي ارتكبتها الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط هي التي تسببت في فقدان الغرب لنفوذه في هذه المنطقة المهمة من العالم.
وقال برادلي في مقال نشره موقع مجلة “اسبكتيتر” البريطانية إن الرئيس الأمريكي الحالي “دونالد ترامب” وبسبب تخبطه في التعامل مع قضايا الشرق الأوسط لاسيّما فيما يتعلق بسوريا والاتفاق النووي مع إيران قد ساهم في ضياع ما تبقى من النفوذ الغربي في هذه المنطقة.
وأشار برادلي إلى أن واشنطن كانت تعتقد خطأً أن بإمكانها السيطرة على المنطقة من خلال التدخل في شؤونها كالتدخل لصالح الجماعات الإرهابية ضد حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، من أجل عزل طهران عن حزب الله لبنان وإقصاء موسكو، إلّا أن التجارب والأحداث أثبتت بشكل لا لبس فيه بأن إيران وروسيا وحزب الله كانوا أقوى بكثير مما كانت تتصور الإدارة الأمريكية ولهذا تمكنوا من إحباط مخططها الرامي إلى تقسيم المنطقة.
وأضاف هذا المحلل السياسي أن روسيا تمكنت من تقوية نفوذها في الشرق الأوسط، مستفيدة من الأخطاء الأمريكية خصوصاً في سوريا، منوّها في الوقت نفسه إلى أن موسكو التي تعد الحليف الاستراتيجي للرئيس الأسد لايمكنها أن تفرط بعلاقاتها مع دمشق خصوصاً بعد أن أيقنت بأن حلف الناتو يسعى للاستحواذ على المنطقة.
وتساءل برادلي متعجباً: كيف تظن أمريكا أن بإمكانها السيطرة على سوريا في وقت ترى فيه شعب هذا البلد يحرص على حريته وكرامته ويفضل ألف مرة البقاء تحت حكم الرئيس الأسد على أن يقع بيد التنظيمات الإرهابية أو أن تسيطر عليه الجماعات التكفيرية والوهابية المدعومة من قبل السعودية ودول أخرى في المنطقة.
ولفت برادلي إلى أن الإدارة الأمريكية وحلفاءها الغربيين قد تسببوا بمقتل ما يقرب من نصف مليون إنسان في سوريا دون أن يتمكنوا من تحقيق أهدافهم وفي مقدمتها إسقاط نظام الأسد وعزل إيران عن حزب الله لبنان، ليس هذا فحسب؛ بل تمكنت طهران ودمشق وحزب الله من تعزيز قوتهم في المنطقة بعد تحقيق انتصارات كبيرة واستراتيجية على الجماعات الإرهابية لاسيّما “داعش” في العراق وسوريا وعموم المنطقة.
ولفت هذا المحلل السياسي إلى أن الشعب السوري يفضل العيش في ظل حكومة الاسد التي تسمح بالتعددية القومية والمذهبية ويرفض تماماً أي نظام يضيّق عليه في هذا المجال خصوصاً الذي يتبنى الفكر الوهابي الذي يسمح لاتباعه بقتل كل من يخالفه بأبشع أنواع القتل.
وفي جانب آخر من مقاله أشار “جون برادلي” إلى أن الدول الغربية بصورة عامة وأمريكا بصورة خاصة كانت تتصور أن سوريا بحاجة ماسّة لهم، ناسين أو متناسين أن موسكو وطهران وعواصم شرقية أخرى كانت قد أبرمت عقوداً اقتصادية تجارية مع دمشق إلى درجة أن الأخيرة لم تعد بحاجة إلى الغرب مهما كانت الظروف قاسية بالنسبة لها، وهذا ما حصل بالفعل خلال السنوات الأخيرة أي منذ اندلاع الأزمة السورية في مطلع عام 2011 وحتى الآن.
ونبّه هذا المحلل السياسي إلى أن تركيا التي كانت تراهن في السابق على إسقاط نظام الأسد من خلال دعمها لتنظيم “داعش”، أدركت أخيراً أنها كانت على خطأ ولهذا بادرت إلى تحسين علاقاتها مع روسيا وإيران الداعمتين الرئيسيتين لسوريا، وهذا يبين أن أنقرة كانت مخدوعة مِن قبل في وعود واشنطن وحلفائها في الناتو.
وأضاف أن الناتو لم يكن يتصور أن أنقرة يمكن أن تغيّر سياستها في المنطقة، إلّا أن الأحداث أثبتت أنها أذعنت أخيراً لضرورة التنسيق مع موسكو وطهران من أجل مواجهة خطر الإرهاب الذي بات يهدد أمن تركيا كما يهدد الدول المجاورة، وهذا الأمر- والقول لبرادلي- يمثل بحد ذاته انتصاراً لروسيا وإيران وهزيمة استراتيجية لأمريكا بشكل خاص والغرب بشكل عام.
كما لفت برادلي الانتباه إلى أن السعودية التي تعد من أقرب حلفاء واشنطن في المنطقة أدركت هي الأخرى ضرورة التوجه إلى موسكو لعقد صفقات عسكرية وتجارية معها، ما يعني أن المراهنة على واشنطن من قبل الرياض لم تعد كافية كما كانت في السابق، وهذا الأمر يمثل أيضاً هزيمة للإدارة الأمريكية وانتصاراً لروسيا في المنطقة.
وختم برادلي مقاله بالقول إن تصريحات ومواقف الرئيس الأمريكي “ترامب” تجاه الاتفاق النووي تسببت هي الأخرى بعزلة واشنطن، معرباً عن اعتقاده بأن هذا المواقف والتصريحات كانت تهدف في الأساس إلى إشاعة الخوف لدى بعض الدول الإقليمية كالسعودية من أجل بيع المزيد من الأسلحة لهذه الدول، إلّا أن هذه السياسة قد زادت من كراهية شعوب الشرق الأوسط لواشنطن وجعلتها ترفع من مستوى دعمها لمحور المقاومة الذي يتصدى للمشروع الأمريكي في عموم المنطقة.