نفط سنيّ.. وغاز شيعيّ.. والعالم يتغير
بقلم/ ماهر سلامه
لقد شبه الكثيرين بأن ما يحدث الآن في الشرق الاْوسط هو بمثابة حرب عالمية غير معلنة، اتخذت مسارا لا نوويا.
المعضلة الحقيقية أن المعظم غير قادر على ايجاد المبررات الحاسمة لفهم بأن ما يحدث وحدث في سوريا والعراق وليبيا، والاحتدام المستمر مع إيران وتفرعات هذا الصراع في اليمن وغيرها.
منذ أعلن صدام حسين أنه سيبدأ بتصدير نفطه باليورو وعملات أخرى، بدأت القيامة الاْرضية الحقيقية، وبدأت بوادر عالمية الصراع، وهذه المرة من خلال حروب عصابات مدمرة.
الحقيقة التي لم ندركها بعد، هو أن موضوع الطاقة قد بدأ يتبدل من نفط الى طاقة نظيفة اسمها الغاز. لم يستطيع الغرب استيعاب أن روسيا بدأت تستحوذ على أكبر أسواق الغاز في العوالم الثرية، حيث بدأت السيولة النقدية الهائلة تتركز في روسيا تحديدا، الشئ الذي اطلق صافرات انذار اقتصادية هائلة في التنافس العالمي النقدي. عندها بدأ الغرب في معاقبة روسيا، واختراقه من خلال محيطة الجيوسياسي مثل أوكرانيا وغيرها.
ومن قبيل الصدف أن تمركز الغاز تواجد في مناطق قادرة روسيا على حراستها، فإيران وسوريا هي مناطق نفوذ تاريخية لروسيا.
من هنا بدأت دول الخليج محاولاتها للسيطرة على سوريا، فقطر من جهة تريد تصدير الغاز الى الغرب ومنافسة الروس في أسواق أوروبا، والسعودية التي تفتقر لهذه المادة النظيفة وجدت فرصة تريد حصة غازية تعوض فيها انحسار الطلب على النفط وتحول الطلب على الغاز. في الحقيقة تنافست قطر والسعودية داخل سوريا للسيطرة على سوريا وغازها ولم يوفقا. عندها بدأت الصراعات الطاقوية بين قطر والسعودية، ولعل سبب الصراع الاْول هو بئر الغاز القريب من الحدود السعودية، المنطقة التي حاولت السعودية الاستيلاء عليها منذ سنوات في حادثة شهيرة قتل بها حرس حدود قطري وسعودي.
السعودية ومعها الإمارات العربية يشعران بأنهما فقدتا بريقهما مع الغرب لعدم توفر هذه الثروة على أراضيها، وهذا يعد بتهديد بعيد المدى على السيولة النقدية وتميز المركز المالي لهما.
من هنا بدأ تحالف مفهوم ومنطقي بين الإمارات والسعودية للتحرك من جديد وبشكل مختلف للاحتفاظ بمكانتهما الدولية في سوق الطاقة، فلم يكن لهما إلا محاولة السيطرة على اليمن التي اكتشف بها كميات ضخمة من الغاز واحتياطي ضخم وواعد. والحل الوحيد هو السيطرة على اليمن عقب فشل حرب سوريا، وعدم قبول قطر بمشاركة ثرواتها مع الإخوة الخليجيين! عنوان السيطرة على اليمن هو تخليصها من إيران، فاستعرت حرب ذات عنوان طائفي سني شيعي أساسه الغاز، ليشمل تصنيف الشيعة الحوثيين الذين هم ليسوا بشيعة.
ترامب والحزب الجمهوري من جهته، يعتبر أن أي دخل اضافي للسعودية يصب في مصلحة تقوية الدولار كعملة ضامنة، فالنفط يذهب بريقه، والغرب يحاول ربط عملاته خاصة الدولار بالغاز بدلا من النفط.
لذا الحرب أو مظاهرها وخطابها هي حرب طاقة بالاْساس، وقد علمنا التاريخ أن تبدل أصناف الطاقة تحمل دائما في طياتها حروب مدمرة.