امريكا تكافئ عمر البشير عقب لمشاركته في العدوان على اليمن
شهارة نت – تحليل :
بدأت العقوبات الأمريكية ضد السودان بحجة دعمها لبعض الجماعات التي وصفتها واشنطن بالـ”المتطرفين” منذ عام 1997.
في ذلك الوقت، كان الرئيس عمر البشير بجانب معسكرات البلدان التي كان سلوكها السياسي منطقياً والتي كانت تستند في أولوياتها الإقليمية إلى دعم محور المقاومة. تلك السياسات جاءت نتيجة لرؤية داعمة لعملية المقاومة في فلسطين ومعارضة للاحتلال الصهيوني.
لكن مشاعر الخرطوم تغيرت مع تزايد الضغوط السياسية والتدخل الأجنبي، فضلا عن الظروف الإقليمية الجديدة المؤيدة لاشعال الثورات العربية، وواجه الرئيس السوداني ازمة الافتقار إلى الشرعية، ومن جهة أخرى، شارك أيضا في أزمة دارفور التي كانت تتسارع في مواجهة الحكومة المركزية والتي اخذت مشروعية دولية بعد دعمها سياساً ودوليا وبشكل خاص من تل أبيب .
وكان قرار البشير الاستسلام لمطالب الولايات المتحدة والخضوع لها حيث أن هذا القرار لم يكن له علاقة بمواقف الشعب في هذا البلد، وإنما كان العنصر الوحيد الذي ينطوي عليه هذا القرار هو إزاحة اصابع الاتهامات الدولية عن البشير وحل الأزمات الداخلية في هذا البلد. وفي النتيجة فإن قرار بقاء البشير إلى جانب المعسكر السعودي كان هدفه شخصي وذلك للحفاظ على استقرار سلطته السياسي.
الغزو السعودي لليمن،والذي بدأ تحت اسم عاصفة الحزم (عاصفة الحسم!)، كان فرصة سياسية للسودان للانضمام إلى ما كان يسمى التحالف السعودي، وحل لبعض الأزمات الداخلية والتحديات والضغوط الخارجية وقد نالت ماأرادت.
تمكن عمر البشير من ابعاد اصابع الاتهام التي كانت ستلحقها السعودية به كمجرم وذلك بالانضمام إلى التحالف السعودي .
ومن الممكن القول إنه منذ ذلك الوقت، كتبت مرحلة جديدة لمواقف السودان وسياساتها . حيث تحولت من دولة داعمة لفلسطين إلى دولة تمشي خلف السعودية وتقف سياسياً في جميع التطورات الإقليمية والعالمية القائمة على حسب سياسات الرياض, لكن الوضع الحالي أظهر أن السودان والعديد من الدول العربية الأخرى كانوا على خطأ استراتيجي في تقييم التطورات الإقليمية وكذلك توقعها.
ومثل كل الألاعيب التي كان من المفترض أن تطيح بالنظام السوري منذ بداية الحرب، كانت رؤية الخرطوم لعاصفة الحزم غير مكتملة فاعتقدت أن هذه العملية محدودة لعدة أشهر وستنتهي بالانتصار السعودي وستحظى بحصة كبيرة من الجوائز السياسية.
مع استمرار الحرب في اليمن ووقوع السعودية في مأزق كبير، رأت الخرطوم انه يجب عليها ان تنأى بنفسها عن الائتلاف ببطء بحيث لاتدفع ثمن هذا التراجع, وبدون تردد أدى قيام الامريكان برفع العقوبات عن السودان كحافز لبقاء السودان ضمن التحالف.
وعلى الرغم من القول بأن المطالب الأمريكية كانت تدعي رفع العقوبات السودانية، بما في ذلك حل النزاعات الداخلية في مناطق مثل دارفور، المساهمة في مكافحة الإرهاب وتحسين الإغاثة الإنسانية لهذا البلد، إلا أن الواقع هو انه ليس لأمريكا أي منفعة لحماية حقوق الإنسان هناك أو حل أي صراع داخلي, فهاهي ازمة درافور تمت حياكتها على يد تل ابيب وامريكا.
لكن أولئك الذين هنأوا السودان برفع العقوبات لم يدركوا بأن رفع العقوبات عن السودان لم يكن بسبب إصرار البلاد على المطالب الشعبية والمقاومة الداخلية، وإنما كان مكافأة للانضمام إلى التحالف السعودي في قتل الأطفال اليمنيين، فضلا عن انسحابها من الوقوف إلى جانب المقاومة الفلسطينية وتبريكاً منها للنظام الصهيوني.