وضع التحالف العربي على القائمة الأممية السوداء لمرتكبي الجرائم ضد الأطفال في اليمن ضربة دبلوماسية “محرجة”
بقلم / عبدالباري عطوان
ادراج الأمم المتحدة التحالف العربي، ويضم عشر دول، على لائحة سنوية للدول والكيانات التي ترتكب جرائم بحق الأطفال يشكل نكسة لهذا التحالف، واحراجا كبيرا للمملكة العربية السعودية التي تقوده، خاصة انها، أي المملكة، منعت هذه الخطوة العام الماضي ونجحت ضغوطها على الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون من إزالة اسمها من اللائحة.
التقرير الاممي الذي وقعه الأمين العام الجديد أنطونيو غوتيرش لم يذكر السعودية بالاسم، وحاول ان يكون متوازنا عندما وجه الاتهامات نفسها الى كل من تيار انصار الله الحوثي، والقوات الحكومية اليمنية، وتنظيم “القاعدة”، بإعتبارها جهات مسؤولة عن تجاوزات بحق الأطفال، ولم تتخذ محاولات لحمايتهم، ولكن هذه الأطراف ليس لها أي صفة اعتبارية شرعية مثل دول التحالف العربي وبعضها موضوع على لائحة الإرهاب.
اخطر ما في تقرير امين عام الأمم المتحدة هو اتهام دول التحالف بشن هجمات على مدارس ومستشفيات مما أدى الى مقتل اكثر من 683 طفلا يمنيا خلال 38 هجوما العام الماضي، تم التثبت منها وتوثيقها.
المتحدث باسم التحالف اعترف اكثر من مرة بحدوث “أخطاء” ارتكبتها طائرات “عاصفة الحزم” اثناء غاراتها على بعض المدارس والمستشفيات ودور العزاء، ووعد بإجراء تحقيقات مفصلة، ولكن هذا الاعتراف لم يمنع صدور مثل هذه التقرير، وحملة الانتقادات الواسعة التي وجهتها منظمات عالمية لحقوق الانسان لدول التحالف.
المملكة العربية السعودية بدأت تدرك حجم الاضرار التي تترتب على استمرارها في خوض الحرب في اليمن لاكثر من عامين ونصف العام دون ان تنجح وحلفاؤها في حسمها، واجبار خصومها الرئيسيين، وخاصة التحالف “الحوثي المؤتمري” على الاستسلام، ورفع الرايات البيضاء، وإعادة الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيسا الى صنعاء، وانعكس هذا الادراك في تصريحات ادلى بها السيد عادل الجبير، وزير الخارجية، اكد فيها ان الحل العسكري للازمة اليمنية لم يعد ناجعا، وان الحل السياسي بات اكثر واقعية.
ولعل ما دفع الى هذا التغيير في مواقفها تجاه الحرب في اليمن، ليس فقط تعاظم خسائرها المادية والبشرية، وخسائر اليمنيين الأبرياء، وتفاقم الأوضاع الإنسانية، وطول امد الحرب، وانما أيضا اقدام الاتحاد الأوروبي الى اصدار قرار بوقف بيع الأسلحة والذخائر الى المملكة بسبب ارتفاع عدد الضحايا المدنيين اليمنيين.
المشكلة تكمن أيضا في فشل الوسيط الاممي إسماعيل ولد الشيخ في التوصل الى حل سلمي مقبول منذ ان بدأ مهمته قبل عامين، وانهيار مفاوضات الكويت بين الأطراف اليمنية بعد مئة يوم من اللقاءات والمفاوضات، وعدم وجود أي امل حقيقي بإمكانية العودة الى المفاوضات، فاذا كان التحالف “الحوثي الصالحي” يملك قراره المستقل او معظمه، فان الطرف اليمني المقابل لا يملك الحد الأدنى من الاستقلالية، ولذلك فإن المفاوضات المقبلة يجب ان تضم اكثر دولتين في التحالف، السعودية والامارات، وبشكل مباشر.
المقالات التي كتبها بعض كبار الكتاب السعوديين، واعترفت في مضمونها بفشل الحل العسكري، وطالبت بالانسحاب من اليمن كأحد ابرز الخيارات، والتركيز على حماية الحدود السعودية الجنوبية، (جيزان ونجران وعسير) المحاذية لشمال اليمن (صعدة معقل الحوثيين)، ربما تعكس التوجه السعودي الجديد في الازمة اليمنية.
التحالف العربي الذي يخوض حرب اليمن يحتاج الى سلم للخروج من هذا المستنقع الدموي، والنزيف البشري والمادي الذي تسببه هذه الحرب، ولكن يبدو ان المنظمة الدولية والدول العظمى باتت اعجز عن تقديمه، وإيجاد المخرج، ولذلك لا نستبعد قرارا احاديا من جانب واحد في قيادة التحالف بالانسحاب كليا من اليمن، ووقف الحرب في الأشهر المقبلة لتقليص الخسائر، بعد ان عجز عن وقفها، وفرض حلوله للازمة، وهذا هو الخيار الأكثر صوابية في رأينا.