ماذا لو كان المُسبب لمجزرة لاس فيغاس مُسلماً!
شهارة نت – تحليل :
في السنوات الأخيرة، تزايدت عمليات القتل الجماعي في الولايات المتحدة بشكل مطرد سواء من حيث الأرقام والأبعاد، وقد رأينا أنه في سلسلة عمليات القتل هذه، بما في ذلك المذابح التي ارتكبت في أورورا ونيو تاون وأورلاندو و …
كل هجوم جديد يكون أكبر وأكثر دراماتيكية من سابقتها. ولكن الهجوم الأخير في لاس فيغاس كان أكبر بكثير ومختلف عن ذي قبل، حتى من حيث معايير العنف المسلح في الولايات المتحدة. ومع ذلك، وبعد أي من عمليات القتل هذه، لم يتم القيام بأي شيء لوقفها، وهذه المرة ايضا لن يكون ذلك”.
وفي هذا السياق نشرت صحيفة ديلي ميل مقالاً يؤكد فيه أنه”على الرغم من وقوع كل هذه المجازر التي يكمن السبب الرئيسي لها في حرية وبيع وشراء الأسلحة، لم يكن هناك أي اجراء، وحتى أدنى تغيير، في القوانين الاتحادية للولايات المتحدة لوقف تلك الاعمال. الآن سوف يستمر المنهاج ذاته.
حاول الرئيس الامريكي دونالد ترامب في ردة فعله على مذبحة لاس فيجاس، التحدث عن الله بأحزن الكلمات وأكثرها حسرة ولكنه لم يتطرق عن كيفية السيطرة على عمليات بيع وشراء الاسلحة والحد منها. كيف يمكن أن يكون قادرا على التحدث عن هذا؟ وقد تمكنت الجمعية الوطنية للبنادق في امريكا، باعتبارها منظمة سيئة الصيت، والتي تتحكم بالمُشرعين القانونيين الامريكيين، عندما دعمت دونالد ترامب في حملته الرئاسية، من شراء صمت ترامب في ذلك الوقت.
وقد عارض ترامب سابقا بيع وشراء الاسلحة الفتاكة وذوات المخازن الكبيرة ولكن عندما ادرك ان الجمعية الوطنية للبنادق بإمكانها ان تُرشحه للفوز في الانتخابات، غير موقفه بشكل محرج وبات داعما لحمل السلاح في امريكا.
وقال ترامب في مؤتمر للجمعية الوطنية للبنادق في امريكا وذلك بعد فوزه في الانتخابات: “لديكم الآن صديق ومؤيد حقيقي في البيت الأبيض، والهجمات التي استمرت ثماني سنوات على حرياتكم على أساس التعديل الثاني للدستور قد انتهت الآن. ولن تقوم الوكالات الفدرالية الأخرى بمحاكمة أصحاب الأسلحة “الملتزمين بالقانون”.
ومع ذلك، كان هنالك مواطن “ملتزم بالقانون” ومتورط في مجزرة لاس فيغاس، في حين لم يكن لديه سجل جنائي. فهو شخصٌ عاديٌ طاعن في السن يحب الصيد ولعب القمار، كما كان يحب البنادق ايضا وكان يمتلك العديد من البنادق.
ومع ذلك، مثل هذه القضايا لا تعتبر مشكلة في أمريكا، وبإمكانكم بدون اي شك الحصول على اكبر عدد من الاسلحة وذلك بمجرد أنه مكتوب في الدستور، لذا فهذا هو “حق” للمواطن كي يمتلك الأسلحة!
ولكن في يوم مؤلم، اصبح “ستيفان باداك” الذي يمتلك سلاحا قانونيا كبقية الناس، مجنونا. وبالتأكيد عندما تكون مجنونا تماما، ستقرر ان تفتح النار بوجه 22،000 شخص، لذلك سيتحول “رجل جيد يمتلك سلاحا”، الى “رجل سيء يمتلك سلاحا” بهذه السهولة والبساطة.
ولكن السؤال هو لماذا؟. لننسى مزاعم تنظيم داعش والتي لا أساس لها عن أن المهاجم كان واحدا من عناصر هذا التنظيم الإرهابي، وبالطبع لم يكن له اي علاقة بداعش، إذ أكد مكتب التحقيقات الفيدرالي على الفور هذا الامر. كان مجرد رجل أبيض أمريكي مجنون استيقظ في الصباح وحبّذ ان يطلق النار على الجميع. حتى شقيقه لم يكن لديه أي تفسير لهذا الموضوع.
ولم يستطع إريك بداك، شقيقه أن يقول شيئا سوى “لا أستطيع حتى أن أجد أي سبب لذلك”، وبطبيعة الحال، هنالك تخمين واحد هو أن ستيفن بداك أراد أن يصبح شخصية مشهورة، لأنه بدأ يتقدم في السن واصابه الملل. لذلك استأجر غرفة في فندق ما، وملئه بـ 22 بندقية، في انتظار الآلاف من النساء والرجال والأطفال الأبرياء ليتجمعوا أمام فندقه. وبعد ذلك صوب بندقيته نحو الناس وبدأ باطلاق النار بسرعة وبجنون.
ومع ذلك، في بلدان أخرى هناك أيضا أشخاص مجانين مثل باداك، لكن ليس بإمكانهم الحصول بسهولة على أسلحة لتنفيذ خططهم. شراء السلاح في الولايات المتحدة هو بسهولة شراء الكلاب المنزلية، وحتى هو أسهل بأكثر في بعض الولايات. نيفادا هي واحدة من أسهل الأماكن لشراء واستخدام الأسلحة. ليست هناك حاجة للحصول على أي ترخيص لشرائه، وليس هناك حاجة إلى فترة الانتظار لشراء الأسلحة وليس هناك مشكلة في بيع الأسلحة الشخصية.
وأعرب الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بسرعة عن رعبه من هذه المذبحة، ولكن ماذا فعل عندما كان رئيسا للجهمورية للحد من ملكية الأسلحة؟ لا شئ. باراك أوباما هو ذاته الذي كان يبكي لضحايا المجازر عندما كان رئيسا ويقدم لهم الكثير من الخطابات العاطفية، وكان يقول باستمرار انه يريد أن يفعل شيئا للحد من حيازة الأسلحة، لكنه عمليا لم يفعل أي شيء ولم تكن أبدا الحد من الأسلحة أولوية له.
وهذا سينطبق على ترامب ايضا. وسرعان ما عاد البيت الأبيض بعد مجزرة لاس فيغاس وقال: “هل ما زال هذا مناسبا؟” من السابق لأوانه في أمريكا التحدث عن الحد من الأسلحة في الولايات المتحدة. هذا هو ما تقوله الجمعية الوطنية للبنادق ومؤيديها دائما بعد عمليات القتل أملا في اسكات الجميع، في حين يُقتل 85 شخصا كل يوم بواسطة البنادق. وبالمقارنة، يتم قتل في بريطانيا 32 شخصا فقط كل عام، وفي اليابان قد تكون اثنين أو ثلاثة. ولكن في الولايات المتحدة، يقتل 32،000 شخص كل عام و 70،000 جريح.
وهذا أعلى بكثير من العدد الإجمالي للوفيات الناتجة عن الاسلحة في أكثر 20 بلدا غني بعد الولايات المتحدة في العالم.
هذه المجزرة في لاس فيغاس يجب أن تكون دعوة لصحوة الأمريكيين الذين هم في حاجة ماسة إلى القيام بشيء لتغيير هذا العنف المسلح. ومع ذلك، فقد أظهرت التجربة أن هذه الصحوة سوف تزول، لأنه عندما يتم قتل طلاب الصف الاول في الصف الدراسي وظهور ثقوب لرصاصات بحجم كرة الغولف على جدار الصف، لن يمكن أن يكون هنالك تغيير مفاجئ ومؤثر في قواعد ملكية السلاح. هنالك حقيقة مريبة في امريكا وهي ان الامريكيين اصبحوا غير مبالين بأضرار الاسلحة على مجتمعاتهم.
وفي الأسبوعين الماضيين فقط، كانت هناك حالات عديدة لأطفال صغار يحملون السلاح وقتلوا آخرون بعد ان ترك آبائهم الاسلحة دون رقابة، ولم تصبح عمليات القتل تلك أخبارا مثيرة للجدل. واصبح من الشائع أن يُقتل 500 طفل كل عام بسبب الاسلحة. ولكن إذا كان سبب مجزرة لاس فيغاس مسلما ومتطرفا، فترى ترامب يصف ذلك الهجوم على الفور بأنه هجوم إرهابي ليستغل الموقف ويفرض عقوبات صارمة بحق المسلمين.
ولكن بدل ذلك، كان سبب المجزرة هو رجل امريكي ابيض مختل العقل يبحث عن القتل لأسباب لا نفهما أبدا؛ لذلك هنا سيضع ترامب أصابعه في أذنيه، ويتظاهر بأن هذا لم يحدث لعدم ايجاد أدنى قلق لأسياده في الرابطة الوطنية للأسلحة.
كان باداك مسلحا فقط لأنه كان مسلحا تماما لأنه في الولايات المتحدة يسمح للمواطنين بالتسلح بسهولة. إن حقوق الاشخاص الذين قتلهم وأحدث فيهم الشلل، ليست أكثر أهمية لحقه في امتلاك الأسلحة وإطلاقها، ولا يعلى عليه أي شيء!
في أمريكا الحديثة، الحقيقة القاسية والصعبة هي انك معرض لاطلاق النار في أي وقت وفي أي مكان. هذه مشكلة أمريكية فريدة، ولكن لا يبدو أن هناك أي إرادة أو أي وسيلة لحل هذه المشكلة. لأن دونالد ترامب حاول أن يلجأ إلى الله للرد على هذه المذبحة، لذلك نحن نفعل ذات الفعل ونقول له: يا سيادة رئيس الجمهورية، افتح عينيك لأجل الله لهذا الشذوذ المثير للاشمئزاز في بلدك وافعل شيئا حيال ذلك.